في سوق المناخلية حيث أكثر من 200 دكان مستملكة تحت ذريعة النفع العام، تتنقل بينهم آملة بعودة دكان والدها إليها.
أمل عبيد، سيدة دمشقية تروي لـ"المجلة" قصة استملاك ممر موكب الرئيس حافظ الأسد: "عام 1973 استملكت محافظة دمشق محل والدي بالمناخلية والمحلات الموجودة فيها وصولا إلى قلعة دمشق، ومن ضمنها ممر الحديقة البيئية، التي نملك فيها ما يعادل 1000 متر، بهدف إنشاء ممر لموكب الرئيس إذا أراد الدخول إلى تلك المنطقة".
تضيف أمل عن الوعود الحكومية المزعومة: "وقتها وعدونا خلال مدة عشر سنوات إذا لم يتم تحقيق الغاية من الممر فستعود لأصحابها"، فلا الحديقة عادت ولا الدكان ولا بيت جد البوارشي.
وبالرغم من امتلاك عبيد وأشقائها ورقة "طابو" بأملاكهم، فإنهم لا يزالون يدفعون "ترابية" (ضريبة) للدولة، ووجدوا أنفسهم بين يوم وليلة مستأجري أملاكهم من دولة الأسد.
عندما وافق مجلس الشعب عام 2005، على اقتراحات وتوصيات تقرير رقم 147 عام 2005، حول واقع مشاريع الاستملاك في محافظتي دمشق وريفهاوإصدار التشريع اللازم لإعطاء الحق لمالك العقار المستملك باسترداد ملكية عقاره ورفع إشارة الاستملاك إذا لم ينفذ خلال عشر سنوات من تاريخ صدوره، مع إلغاء صكوك الاستملاك القديمة والتي مضى عليها 15 سنة ولم يتم تنفيذها.
عاد الأمل وقتها إلى عبيد باستعادة أملاكهم، إلا أن حلم استعادة العقارات المستملكة والمؤجرة للقطاع العام زمن الأسد أقرب إلى الأحلام.
والسبب في "معضلة التمديد الحكمي" (التجديد التلقائي) التي بقيت من عام 1952 وفق المرسوم التشريعي رقم 111 حتى عام 2001.
في هذا العام صدر القانون رقم 6 لعام 2001، وأعطى الحق لمالك العقار بطلب إنهاء عقد الإيجار مقابل دفع مبلغ يعادل نسبة 40 في المئة من قيمة العقار المأجور للمستأجر، لكنه استثنى العقارات المملوكة للجهات العامة والسياسية أو المؤجرة لها.
الأمر الذي رسخه القانون رقم 20 عام 2015 بأن دعوى الإخلاء لا تسمع إلا بعد سنة، وفقا للمادة 9 منه: "مطالبة المالك بإخلاء العقار المؤجر للأحزاب السياسية أو الجهات العامة، أو النقابات أو المنظمات الشعبية والبلديات والقطاع العام، لا تسمع دعوى التخلية إلا بعد سنة".
وبالرغم من أن القانون 20 جاء بقواعد جديدة تسمح بإنهاء عقود الإيجارات مع الوزارات إلا أنه اشترط ثلاثة شروط اختلاسية:
عدم حاجة الوزارة للعقار، موافقة رئيس مجلس الوزراء، ودفع المؤجر نسبة 40 في المئة من قيمة العقار لخزينة الدولة.
ليست هنا الكارثة وإنما في المادة 7 منه والتي نصت على: "لا يحكم بالتخلية للسبب المبين في هذه الفقرة إذا كان المستأجر أو زوجه فقط موظفا أو مستخدما أو عاملا خاضعا لقانون العاملين الأساسي أو من العسكريين أو عاملا في القطاع العام أو في القطاع المشترك أو أيا ممن تنتهي خدمته من المذكورين بصورة قانونية لأي سبب كان غير الوفاة إذا خصص بمعاش أو معاش عجز أو شيخوخة إلا إذا كان المالك عاملا أو موظفا أو مستخدما أو عسكريا وعاد إلى البلدة التي فيها المأجور منقولا أو محالا على التقاعد أو مسرحا لأي سبب كان أو عادت إليها أسرته بعد وفاته".
أي إن القانون رقم 20 منع تخلية جند النظام وموظفيه، بشكل تمييزي طبقي، الموظف وغير الموظف، العسكري وغير العسكري، وبشكل يشعرك أن على السوري واجب تأمين مسكن لموظفي الدولة.
هذا الأمر جعل الكثير من الناس يمتنعون عن تأجير أملاكهم لأي عسكري أو موظف بالدولة.
ثم جاءت المادة 12 منه كإبرة تخدير لمؤجري القطاع العام وأحزاب السلطان لمنحهم حق الاختيار في إنهاء إيجارها والتمديد الحكمي للعقود المبرمة معها.
في عام 2018 ألغت وزارة الداخلية الموافقة الأمنية للوكالات الخارجية حصرا، إلا أنها لم تكن "ببلاش". حيث ازداد تشليح السوريين لأموالهم مقابل إغرائهم بدفع بدل خدمة العلم، وتم رفد خزينة الدولة بالعملة الصعبة
حيث حددت أن طلب المالك إنهاء الإيجار واسترداد العقار المأجور "للأحزاب السياسية أو الجهات العامة أو البلديات أو لمؤسسات القطاع العام والمشترك أو للمنظمات الشعبية أو النقابات على مختلف مستوياتها أو الجمعيات"، يبدأ بعد ثلاث سنوات أي بتاريخ 1/ 1/ 2018، وأعاد فرض تعويض المستأجر (أي الدولة) بنسبة 40 في المئة من قيمة العقار.
وقبل أن تأتي سنة 2018 صدر تمديد العمل بنظام التمديد الحكمي للعقارات المُستأجرة من قبل الجهات العامة والسياسية، بالقانون رقم 42 والذي ينص على: "تمديد المهلة الواردة في نص الفقرة (أ) من المادة 12 من القانون رقم 20 بتاريخ 11/ 11/ 2015، لتصبح 1/ 1/ 2021 بدلا من 1/ 1/ 2018".
ثم أعيد التمديد الحكمي بالمرسوم التشريعي رقم 38 لعام 2020 لتصبح 1/ 1/ 2025.
وهكذا نجد أنه كلما شارفت مدة إنهاء التمديد التلقائي الخاصة بعقود الإيجار المرتبطة بالدولة وأحزابها السياسية، يفرز نظام الأسد قانونا أو مرسوما ويقذفها إلى سنوات قادمة، غير آبه بإرادة ورغبة المؤجر وبشكل يناقض القانون المدني السوري.
وأصبح نظام الأسد شريك المالك الحقيقي في عقاراته بنسبته المحتلة 40 في المئة من قيمة العقار.
لذلك لا نستغرب حالات رفض الإخلاء لبعض العقارات، وذلك عندما أصدرت رئاسة مجلس الوزراء بتاريخ 4 سبتمبر/أيلول 2023 تذكرة تطالب فيها أصحاب العقارات المستأجرة من قبل الجهات العامة والجاهزة للإخلاء، بمتابعة إجراءات استلامها بعد إخلائها من قبل الجهات العامة، لم يتقدم بطلب الإخلاء سوى 6 طلبات من قبل المالكين من أصل 281 عقارا مخليا جاهزا للاستلام في محافظة دمشق!
أما في ريف دمشق فقد كان طلبا وحيدا فقط من أصل 48 عقارا مشغولا من قبل الدولة في محافظة ريف دمشق، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الكثير من المالكين خارج سوريا أو مطلوبين أمنيا، مما يفتح بابا على حكومة الأسد للاستيلاء على كامل تلك العقارات في حال لم يتم استلامها من قبل مالكيها.
"الموافقة الأمنية" سمسرة قانونية
يتفنن النظام السوري الساقط في تعذيب السوريين وسحقهم، حتى اخترع لهم ما يعرفه أي سوري "الموافقة الأمنية".
قبل بدء الثورة السورية، كانت بعض المعاملات تتطلب ورقة "لا حكم عليه" تثبت أن الشخص لم يصدر بحقه أي حكم قضائي. وبعد اندلاع الثورة 2011، ولدت الموافقة الأمنية عام 2015 من قبل وزارة الإدارة المحلية لتنغص حياة السوري، ومع ذلك لم يُلغ الـ"لا حكم عليه" وبقي ساري المفعول.
مبنى المحكمة أحرقه متظاهرون في مدينة درعا الجنوبية، على بعد 100 كيلومتر جنوب دمشق، في 21 مارس 2011
في البداية خُصصت الموافقة الأمنية لحالات محددة في بيع العقارات وفراغها، مما يجعلها مخالفة دستورية فاضحة لحرية التملك.
استخدمها نظام الأسد كورقة تثبت براءة المواطن السوري من تهم الإرهاب، وإذا لم تصدر فالمواطن تحت الطلب الأمني، ويتوقف كامل حريته في البيع والشراء.
لكن وعلى أرض الواقع، امتدت جذور الموافقة اللعينة لتتحكم في عقود الزواج والتوظيف، وعقود البيع والشراء والإيجار، واستصدار وكالات عامة أو خاصة وغيرها من معاملات تتطلب تلك الموافقة الأمنية ومن كلا الطرفين، والتي لا يمكن لمعارض أن يحلم بها.
سطت يد الموافقة على شروط الحصول على وثيقة تخرج لطلاب الجامعة، حتى الموتى لم يسلموا منها، فلا دفن إلا بموافقة أمنية أيضا.
مكمن الخطورة في أن المهجرين من مساكنهم المدمرة جراء الحرب، إذا أرادوا تفقد بيوتهم أو العودة إليها فلا سبيل لهم إلى ذلك إلا بعد حصولهم على موافقة أمنية!
وكم من حالات جاءت بالرفض، حيث ذكر تلفزيون سوريا أن نسبة الموافقات الأمنية التي يتم رفضها أكثر من 60 في المئة من مجمل الطلبات.
أبو فراس، سوري يملك مزرعة في يعفور، قبل سقوط نظام الأسد، أراد أن يحفر بئرا في مزرعته وتقدم بطلب رخصة بناء، يقول: "طلب منا لحفر بئر الماء رخصة من الموارد المائية وموافقة أمنية من الفرقة الرابعة، الرخصة طلعت قبل الموافقة، أما الموافقة الأمنية فاستغرقت شهرا ونصف الشهر ودفعنا عليها".
الموافقة الأمنية وسيلة لإجبار السوري على دفع مبلغ من المال مقابل حصوله عليها، مما يعكس حالة من نهم نظام الأسد تجاه سلب السوري أكبر قدر ممكن من أمواله.
في عام 2018 ألغت وزارة الداخلية الموافقة الأمنية للوكالات الخارجية حصرا، كالوكالات المتعلقة بشعب التجنيد وأوراق التخرج، والولادات وتثبيت الملكية وغير ذلك، إلا أنها لم تكن "ببلاش". حيث ازداد تشليح السوريين لأموالهم مقابل إغرائهم بدفع بدل خدمة العلم، وتم رفد خزينة الدولة بالعملة الصعبة.
ذكرت صحيفة "الوطن" السورية، أنه وبعد مرور عام على قرار الداخلية، ارتفع عدد الوكالات الخارجية الخاصة بدفع البدل النقدي لخدمة العلم واستخراج جواز سفر.
إن سلمت أملاك السوريين من الاستملاك أو الاستيلاء أو التشليح، فقد لا تسلم من مخاطر التزوير وشبح انتزاع الملكية
ولأن نظام الأسد لا يمكن أن يصدر أي قرار يستمر في نفع المواطن ولو على حساب أمواله، ومع انتهاء الحاجة إلى قرار الداخلية السابق، أعادت وزارة العدل الموافقة اللعينة إلى الواجهة عام 2021 بإصدار تعميم ذكرت فيه: "نظرا لإصدار وكالات عن الغائب أو المفقود بشكل كبير في الآونة الأخيرة بسبب الأحداث التي حصلت في سوريا خلال السنوات العشر المنصرمة، حيث تبين أن هناك وكالات كثيرة تصدر ويتبين بعد ذلك أن الشخص المدعى بفقدانه أو غيابه ميتا أو ملاحقا بجرائم خطيرة، كما أنه وردت حالات يستغل فيها الوكلاء حالة الغائب أو المفقود ويتصرفون بأمواله تصرفات تضر بمصالحه، وهذا ما يجعل التأكد من الأوضاع القانونية للوكلاء وللمفقودين أو الغائبين ضرورة ملحة، ويقتضي ذلك الاستحصال على الموافقات الأمنية اللازمة، لدى البدء في إجراءات الحصول على الوكالة أسوة بباقي أنواع الوكالات، واعتبار الوثيقة المتضمنة لهذه الموافقة من الوثائق التي يجب إبرازها ابتداء كمرفق أساسي من مرفقات طلب الحصول على الوكالة".
الموافقة الأمنية تترجم حرفيا كم الفساد والسمسرة التي كان ينتهجها نظام الأسد وشبيحته في استثمارها كبوابة ارتزاق مقابل الحصول عليها من جهة، ومن جهة أخرى تعني فعليا أن كل معارض لنظام الأسد هو شخص مسلوب لكامل حقوقه في بلده وهذا عين المخالفة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان بمادته الثانية: "لكلِ إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات دونما تمييز.. ولا يجوز التمييز على أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد..".
"جزيتان" للوطن وخدمة العلم
بين شعب التجنيد وإدارة الهجرة والجوازات والأفرع الأمنية مع الكثير من الأوراق، الكثير من السوريين والسوريات تنقلوا داخل أروقتهم، متوجسين أن لا تتم إجراءات دفع البدل، وآخرون اضطروا لبيع شيء مما يملكون مقابل تسديد آلاف الدولارات لقاء البدل المشؤوم.
والكثير من شباب الداخل السوري انتهجوا سبلا أخرى لا سيما ومن لا يملك الثمن المرقوم، حيث وجدوا الرسوب في الجامعة ومتابعة الدراسات العليا ملجأ للهروب من الخدمة الإلزامية.
المرسوم التشريعي رقم 30 لعام 2007 وتعديلاته يحكم خدمة العلم المتعلقة بالخدمة الإلزامية والاحتياطية، إلا أنه يعكس ابتزاز شباب الوطن، وتسلط حزب "البعث" على الجيش وفق المادة 41 منه: "يحظر على المجندين الاحتياطيين أثناء تأديتهم خدمة العلم الفعلية ممارسة أي نشاط سياسي أو حزبي داخل القوات المسلحة في الأحزاب أو الهيئات أو الجمعيات أو المنظمات أو المنتديات السياسية أو الدينية أو الاجتماعية غير حزب البعث العربي الاشتراكي".
صورة ممزقة للرئيس المخلوع بشار الأسد على الأرض في ساحة سعد الله الجابري بعد صلاة الجمعة في حلب في 13 ديسمبر 2024
بعد بدء الثورة والواقع السياسي والاقتصادي في سوريا، طرأ على المرسوم 30 عشرات التعديلات لا سيما وأن التسريح بات مستحيلا، الأمر الذي انعكس على تخلف الكثيرين من الشباب السوري عن الالتحاق بالجيش.
تشير التقارير إلى أنه بلغت نسبة المتخلفين عن الخدمة العسكرية خلال السنوات الثلاث الأولى من الثورة ما يقارب الـ85 في المئة ضمن مناطق سيطرة نظام الأسد، وفقا لصحيفة "الشرق الأوسط".
لجأ الأسد في تلك الفترة إلى استقطاب النقد الأجنبي عبر إصدار المرسوم 33 عام 2014، بتخفيض قيمة البدل من 15 ألف دولار إلى 8 آلاف دولار.
بعد أعوام، خيّر الأسد الشباب السوري بين أحد الشرين: التجنيد (قتال إخوانهم السوريين) أو دفع البدل، وإلا العقاب بالحجز الاحتياطي على أموالهم المنقولة وغير المنقولة وبقرار من وزير المالية، وفقا للقانون رقم 35 عام 2017. ثم صعّد أكثر، فجعل الحجز تنفيذيا وفق القانون رقم 39 لعام 2019: "يلقى الحجز التنفيذي على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمكلف بالدفع الممتنع عن تسديد بدل فوات الخدمة". ولم ينته عند هذا الحد، وإنما وسع نطاق الحجز ليصل إلى أهل المتخلف في حال لم يكن للشاب أملاك.
وقد أصدر الرئيس الهارب بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم 31 لعام 2020، والمتعلق بأحكام الإعفاء والبدل في خدمة العلم، عقب ذلك خرج رئيس فرع البدل والإعفاء إلياس بيطار، عبر فيديو مصور في فبراير 2021 ليقول: "لا يمكن لأي مكلف أو مواطن، حتى لو تجاوز سن 42 سنة، أن لا يدفع بدل فوات الخدمة والذي يساوي 8 آلاف دولار أميركي".
وأوضح أن هناك قوانين صارمة سيتخذها القضاء أو وزارة المالية أو الهيئة العامة للضرائب والرسوم، تقوم بموجبها بالحجز التنفيذي على ممتلكات كل من لا يدفع بدل خدمة العلم، أو الحجز التنفيذي على أموال أهله.
قدر المرسوم 31 قيمة البدل حسب عدد أعوام الاغتراب:
4 سنوات فأكثر غربة بدلها 7000 دولار.. و3 سنوات غربة بدلها 8000 دولار.. وسنتان غربة 9000 دولار.. و10000 دولار لمغترب السنة الواحدة.
وإنك تجد في بلاد حكم العجائب أن المراسيم والقوانين تنص على اختيارية دفع قيمة البدل بالدولار أو ما يعادلها بالليرة السورية وفق سعر الصرف، لكن عندما تصل إلى المصرف المركزي يتبخر هذا الاختيار ليقتصر على الدولار فقط!
وقد تكبد السوريون آلاف الدولارات لقاء التخلص من شبح الجيش والتجنيد.
ومئات دولارات أخرى دفعها السوريون للسماح لهم بالدخول إلى وطنهم، وفق قرار مجلس الوزراء رقم 46 لعام 2020 القاضي بتصريف 100 دولار، وإن لم يدفع السوري فلا عبور له ولا دخول.
كل هذا يعكس سياسة الأسد في إبعاد السوريين عن وطنهم بالإكراه والإذلال، في مخالفة صريحة لدستور 2012 المادة 38: "لا يجوز إبعاد المواطن عن الوطن، أو منعه من العودة إليه"!
وبذلك جعل نظام الأسد الخدمة الإلزامية والاحتياطية وقرار تصريف 100 دولار، جزية يدفعها السوري مقابل الحق في العودة إلى وطنه، وبشكل يعكس مدى استبدادية هذا النظام في قوننة أي شيء لاستنزاف الشعب السوري ومقدراته.
التزوير العقاري... البعض بالقانون والبعض بالميليشيات
وإن سلمت أملاك السوريين من الاستملاك أو الاستيلاء أو التشليح، قد لا تسلم من مخاطر التزوير وشبح انتزاع الملكية.
التزوير عرفه نظام الأسد تشريعا، والذي برز بشكل فاضح خلال الأعوام الأخيرة إن بالقانون أو بأذرع النظام. ففي عام 2016 اعترفت وزارة العدل بتزوير عقود بيع عقارات بناء على وكالات مزورة، وأصدرت تعميما بذلك. وبتاريخ 24 أبريل/نيسان 2023، كشف تحقيق أعدته كل من وحدة سراج ومنظمة اليوم التالي وموقع درج وصحيفة "الغارديان" البريطانية، عن شبكات أمنية تزور ملكيات بيوت اللاجئين والسوريين في الخارج وذلك في مناطق سيطرة النظام، إذ سجل القصر العدلي بدمشق وريفها استقبال أكثر من 125 ضحية تزوير.
المزورون هم أفراد وميليشيات مرتبطة بالفرقة الرابعة (ماهر الأسد)، بالتواطؤ مع مكاتب عقارية ومحامين وكتاب عدل وموظفين في الدوائر العقارية. حيث يجري تزوير أختام، وهويات شخصية وسندات إقامة مع رفع الإشارات الأمنية إن وجدت، ليتم نقل الملكية، وفقا للتقرير. فلا ذهول إذن من أن يصدر الرئيس الهارب بشار الأسد عددا من القوانين والمراسيم التي تسهل عمليات التزوير والتلاعب بالملكيات، نذكر منها للتدليل عليها وفقا ﻟ"الشبكة السورية لحقوق الإنسان":
1- بتاريخ 24 أبريل 2013 صدر المرسوم التشريعي رقم 25 حول "جواز التبليغ بالصحف بسبب ظروف استثنائية والتعليمات التنفيذية".
القانون أتاح لأي نصاب أن يتقدم برفع دعوى في المحكمة ليثبت عملية شراء عقار ما، ثم يبلغ المالك بالصحف المحلية أو برسائل نصية أو إلكترونية، وفي حال تعذر تبليغ المالك بسبب "الظرف الاستثنائي" الذي وضعه القانون، يجب أن يدون سبب تعذر التبليغ. وبناء على هذا التبليغ الشكلي يستطيع الحصول على قرار حكم بنقل ملكية هذا العقار!
هل يعقل أن أبلغ آلاف السوريين خارج البلد وغير السوريين من مالكي عقارات عبر "صحف البلد"، دون توضيح هل يتم التبليغ بمجموع الكل أم الواحد منها يكفي!
2- بتاريخ 5 مايو 2016، صدر المرسوم التشريعي رقم 11 الخاص "بوقف عمليات تسجيل الحقوق العينية العقارية في الجهات المخولة قانونا بمسك سجلات ملكية وذلك في الدوائر العقارية المغلقة بسبب الأوضاع الأمنية الطارئة".
هدف النظام هو التلاعب بعمليات تسجيل الحقوق العينية العقارية عبر سجلات بديلة للملكية، بعيدا عن السجل الأساسي الذي قارب عمره 100 عام، ما يعني وجود سجلين لملكية للعقار الواحد، وبالتالي انعدام قوة ثبوتهما، والنتيجة إتاحة الفرصة لمواليه لأجل تزوير وسلب ملكيات المواطنين غير المسجلين كالمهجرين والمفقودين.
3- بتاريخ 19 مايو 2016، صدر المرسوم التشريعي رقم 12 "القاضي بعدّ النسخة الرقمية لوقوعات الحقوق العينية المنقولة عن الصحيفة العقارية في الجهة العامة المنوط بها قانونا مسك سجلات الملكية العقارية، ذات صفة ثبوتية".
ازدادت المناطق العشوائية بنسبة تراوحت بين 200-250 في المئة خلال الفترة الممتدة بين (1990-2004)
هذا المرسوم لا يفهم من وضعه إلا التزوير.
فالمادة الأولى تنص على: "تعد النسخة الرقمية لوقوعات الحقوق العينية المنقولة عن الصحيفة العقارية في الجهة العامة المنوط بها قانونا مسك سجلات الملكية العقارية ذات صفة ثبوتية وتكون أساسا لإنشاء نسخة ورقية للصحيفة العقارية". فإذا أراد المرسوم رقمنة العقار من الورق ثم توريق الرقمي، سيفتح المجال للتحوير والتبديل والتزوير على العقارات.
بتاريخ 26 أكتوبر/تشرين الأول 2017، صدر القانون رقم 33 الخاص بتنظيم "إعادة تكوين الوثيقة العقارية المفقودة أو التالفة جزئيا أو كليا".
بالرغم من أنه يعطي صلاحيات واسعة للسلطة التنفيذية، إلا أنه يثبت قوة ثبوتية المرقمن من الوثائق حال تلفها، مما يعيدنا إلى مربع القانون 12 واحتمال وقوع التزوير، وما الهدف من وراء القانون إلا خلق الوثيقة العقارية وإنشائها من العدم.
الأسد نجح في العشوائيات وفشل في السكن البديل
منذ الثمانينات ونظام الأسد الأب يحاول تأمين مساكن بديلة لذوي الدخل المحدود وتنظيم العقارات، فأتى الرئيس حافظ الأسد بمرسوم التخطيط العمراني رقم 5 لعام 1982 وأوكل التخطيط إلى وزارة الإسكان.
وتسبب المرسوم في إعاقة بناء المخططات التنظيمية، وانتشار السكن العشوائي.
بالرغم من المحاولات التي وضعت بعد عام 2000 من خلال التعديلات عليه، وبالقانون رقم 41 لعام 2002، والتشديد بمنع المخالفات وفق القانون رقم 1 لعام 2003 وقرارات أخرى، إلا أنه لم يكن لها أي أثر يذكر.
وعلى العكس ازدادت المناطق العشوائية بنسبة تراوحت بين 200-250 في المئة خلال الفترة الممتدة بين (1990-2004)، كما تقدم.
بعد أقل من شهر من صدور قانون الإرهاب، ألحقه نظام الأسد بإحداث محكمة للنظر في قضايا الإرهاب "مقرها دمشق" عبر إصدار القانون رقم 22 لعام 2012، والتي اعتبرت أخطر وأعظم من محاكم أمن الدولة
وعاود نظام الأسد الابن طرح شماعة تأمين السكن لذوي الدخل المحدود ومعالجة العشوائيات عبر إقرار قانون التطوير والاستثمار العقاري رقم 15 لعام 2008.
وأضاف إلى عمليات التطوير "جذب الاستثمارات"، وأحدث الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري، برئاسة وزير الإسكان.
خطورة القانون 15 أنه كان بوابة استملاكية جديدة بطابع مودرن "تطوير عقاري"، أما التعويض فبقي "دقة قديمة" وفقا لأحكام قانون الاستملاك رقم 20 لعام 1983.
لم يضع نسب محددة تحد عملية استملاك عقارات الشعب أو أجزاء منها، بالإضافة إلى سماحه لشركات التطوير العقاري الأجنبية والعربية بالتملك في سوريا.
بالرغم من التعديلات التي طرأت على هذا القانون بالقانون رقم 34 لعام 2010، فإنها لا تعدو عن كونها تعديلات شكلية، كمنح صلاحيات لرئيس مجلس الوزراء بتسمية أعضاء لجنة الإدارة.
نظام الأسد استغل تطبيق الأخير بعد الثورة ومجموعة من القوانين التي لحقته على اللاجئين السوريين الذين تجاوزت أعدادهم 6.5 مليون لاجئ، وعلى النازحين داخليا (أكثر من 7 ملايين سوري)، وفقا لآخر إحصائيات الأمم المتحدة قبل سقوطه.
ما يعني وسيلة لحرمان الكثير من هذه الملايين من إثبات ملكياتهم وتعويضاتهم في حال تعذرها لبيروقراطيته في الإجراءات القانونية والموافقة الأمنية، كما فتح باب التزوير عليها، وسياسة ممنهجة كهدية لرجالاته وحلفائه لتشجيعهم على السطو على أملاك السوريين.
أكوام من الأوراق النقدية بالليرة السورية في المصرف المركزي السوري بدمشق، في 10 نوفمبر 2022
ماكينة قانونية نحو اجتثاث الملكية الجماعية
لإمبراطورية الأسد ذراعان قانونيتان، إحداهما قمعية، تقمع الشعب وتلاحق آلاف المعارضين والمطلوبين والمهجرين، وأخرى اختلاسية للنشل والهطل من أملاك الشعب لصالح ثروته والمقربين منه.
عقب الثورة والحراك الشعبي، تفرعت هاتان الذراعان باستغلال حقوق وملكيات شرائح كبيرة من السوريين المعتقلين منهم والمفقودين والمقتولين على أيدي النظام، حتى السوريين في مناطق النظام لم يسلموا من تلك القوانين الانتقامية المذيلة بأحكام الدستور.
* قانون التطوير العقاري رقم 25 لعام 2011:
صدر هذا القانون بتاريخ 11 ديسمبر/كانون الأول 2011، أي بعد حوالي 9 أشهر من بدء الثورة، ليستكمل وينظم قانون التطوير والاستثمار العقاري رقم 15، إلا أنه منع أي شخص حقيقي أو اعتباري من أن يطرح أي مشروع عقاري للاكتتاب العام إلا وفقا للتعليمات التنفيذية.
مما فتح مجالا جديدا كعادة النظام، للفساد وجمع الأموال من المكتتبين لصالح المسؤولين دون توضيح خطط الالتزام بتسليم الشقق وضبط أعمال المتعهدين، فاستمر بناء العشوائيات ولم يتحقق هدف تأمين المساكن.
وبالرغم من أن بشار الأسد ألغى قانون حالة الطوارئ رقم 2 لعام 1963، ومحكمة أمن الدولة العليا بالمرسوم 161، فإنه استحدث بالتزامن مع دستور سوريا 2012 "قانون مكافحة الإرهاب".
القانون 19 لعام 2012 الخاص بمكافحة الإرهاب
منح هذا القانون النظام السوري حق اتهام أي فرد أو مجموعة من الناس بالإرهاب ودعمه، وبموجبه يتم تجميد الأموال المنقولة وغير المنقولة للمتهمين، ومصادرتها عند الحكم وفق المادتين 12، و13.
بعد أقل من شهر من صدور قانون الإرهاب، ألحقه نظام الأسد بإحداث محكمة للنظر في قضايا الإرهاب "مقرها في دمشق" عبر إصدار القانون رقم 22 لعام 2012، والتي اعتبرت أخطر وأعظم من محاكم أمن الدولة "وكأنك يا زيد ما غزيت"!
بعد مرور حوالي شهر ونصف الشهر من إصدار قانون الإرهاب، أي بتاريخ 16 سبتمبر 2012، ولتمكين مفاعيل قانون الإرهاب أكثر على كل معارض لنظام الأسد وترهيب من يفكر في المعارضة، أردف بشار الأسد إلى قانون الإرهاب، المرسوم التشريعي رقم 63 لعام 2012 المعروف بـ"سلطات الضابطة العدلية".
النظام السوري برمج تشريعات مصادرة الملكية لكل من تسول له نفسه أن يقف بوجهه ويعارضه، فالتهمة حاضرة وبالقانون الفضفاضي الذي من الصعب أن يسلم منه أحد "إرهابي"
وتقوم هذه السلطات غير العدلية وبطلب خطي إلى وزير المالية باتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة على الأموال المنقولة وغير المنقولة (أي تجميد أملاك الأشخاص) وكافة الإجراءات بما في ذلك المنع من السفر، حتى يتم الانتهاء من التحقيق في جرائم أمن الدولة الداخلي أو الخارجي والجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب.
أي بمجرد توجيه تهم الإرهاب والمساس بأمن الدولة يتم الحجز الاحتياطي على ممتلكات المتهم قبل الحكم عليه!
الخبراء الأمميون لاحظوا أن قانون مكافحة الإرهاب ينص على تعريفات "فضفاضة غامضة" للأعمال الإرهابية والمنظمات الإرهابية، وأنه يفتقر إلى الدقة، ويوفر حرية مفرطة قد تؤدي إلى إساءة استخدام تدابير مكافحة الإرهاب، بشكل يؤثر على المدافعين عن حقوق الإنسان، وحرية التعبير والتجمع.
"تختص المحكمة المحدثة بالنظر في جرائم الإرهاب وفي الجرائم التي تحال إليها من قبل النيابة العامة الخاصة بالمحكمة، ولا تنظر في الحقوق والتعويضات المترتبة عن الأضرار الناتجة عن الجرائم في الدعاوى التي تفصل بها". وفقا للمادة 3 منه.
المادة 6 نصت على: "لا تخضع الأحكام الغيابية الصادرة عن المحكمة لإعادة المحاكمة في حال إلقاء القبض على المحكوم عليه إلا إذا كان قد سلم نفسه طواعية".
وقدر الحقوقيون أن المادة 6 من أخطر مواد القانون، كونها تمنع استئناف قرارات قضاة التحقيق في المحاكمات الغيابية، وأعفت محكمة الإرهاب من الإجراءات الأصولية المعتمدة في المحاكم العادية، فجاءت تلك المحكمة بأسوأ مما جاءت به محاكم أمن الدولة الملغاة.
بينت منظمة "هيومان رايتس ووتش" في بيانها الصادر في يوليو/تموز 2016: "إن الحكومة السورية تعاقب أسرا بأكملها مرتبطة بأشخاص مدرجين تعسفا على لائحة (إرهابيين مزعومين)، وذلك عبر تجميد أموال تلك العائلات المنقولة وغير المنقولة".
وفي عام 2020 نشرت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" تقريرا أشارت فيه إلى ما يلي:
ما لا يقل عن 10 آلاف و767 شخصا لا يزالون يخضعون لمحكمة قضايا الإرهاب منذ تشكيلها في يوليو 2012.
ما يقارب 91 ألف قضية نظرتها المحكمة.
3 آلاف و970 حالة حجز على ممتلكات.
ما لا يقل عن 130 ألفا و758 شخصا لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري في مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري منذ مارس/آذار 2011 حتى أغسطس/آب 2020.
ما لا يقل عن 7 آلاف و703 أشخاص ما زالوا موقوفين لدى محكمة قضايا الإرهاب، أحيل أغلبهم إلى محكمة جنايات الإرهاب، وتراوحت مدة اعتقالهم (من لحظة اعتقالهم حتى أكتوبر 2020) ما بين (4–7) سنوات.
ما لا يقل عن 3 آلاف و64 شخصا حوكموا من قبل محكمة جنايات الإرهاب بأحكام تتراوح بين السجن (10-15– 20 عاما) والإعدام.
8 آلاف و27 شخصا أخلي سبيلهم من محكمة الإرهاب، من بينهم 262 امرأة و28 طفلا.
90 ألفا و560 قضية محالة إلى ديوان النيابة العامة في محكمة الإرهاب.
ما لا يقل عن 3 آلاف و970 حالة حجز، منذ بداية عام 2014 حتى أكتوبر 2020، استهدفت المعارضين الموقوفين أو المشردين قسريا، بينهم ما لا يقل عن 57 طفلا.
منزل تم تدميره في حمص 12 يوليو 2012
وبعد أن أصدر وزير مالية نظام الأسد القرار رقم 3379 لعام 2018، تم إلقاء الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة لعشرات المواطنين من أبناء غوطة دمشق الشرقية، وفقا لهيئة القانونيين السوريين.
وبموجب التعميم رقم 346 لعام 2019، أمرت "وزارة الإدارة المحلية" مديرية المصالح العقارية، الاستعجال في مصادرة أملاك السوريين المندرجين تحت قانون "الإرهاب"، ونقل ممتلكاتهم إلى دولة الأسد.
بالرغم من التحذيرات الأممية لنظام الأسد حول عدم شرعية هذا القانون وبطلانه لمخالفته الدساتير السورية والقانون الدولي والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، فإن ميترو تشريعات المصادرة المالية لم يقف عند هذا الحد، وإنما تفرع إلى قوننة استثمار الممتلكات المسلوبة.
ففي ديسمبر 2023، أقر "مجلس الشعب الأسدي" قانونا يشرع الاستيلاء على الأموال المنقولة وغير المنقولة المصادرة بموجب أمر قضائي، والتي تعود غالبيتها لمعارضي النظام، وسمح المشروع لرئيس مجلس الوزراء بتخصيص جزء من الأموال المذكورة لأي من الجهات العامة بناء على طلب من الوزير المختص، ويصدر بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزيري المالية والزراعة والإصلاح الزراعي نظام خاص يتضمن قواعد إدارة واستثمار ونقل ملكية وتخصيص هذه الأموال المنقولة وغير المنقولة.
ولم تشفع التسوية عند النظام الإقطاعي الاستبدادي من تطبيق الحجز، ففي النصف الأول لعام 2024، سطت وزارة المالية بالحجز الاحتياطي على أملاك 817 شخصا من بلدة زاكية بريف دمشق، بينهم 286 شخصا أجروا عملية "تسوية"، وفقا لمنظمة "هيومان رايتس ووتش".
وبذلك نجد أن النظام السوري برمج تشريعات مصادرة الملكية لكل من تسول له نفسه أن يقف بوجهه ويعارضه، فالتهمة حاضرة وبالقانون الفضفاضي الذي من الصعب أن يسلم منه أحد "إرهابي".
أما أن يقوم نظام الأسد بقتل 230 ألفا و224 مدنيا سوريا، وتشريد قرابة 14 مليون سوري، ومئات الانتهاكات في المعتقلات والقصف بالأسلحة الكيماوية، التي راح ضحيتها ما لا يقل عن 1400 سوري في الغوطة الشرقية، وغير ذلك إحصائيات وأرقام أقل ما يمكن وصفها بجرائم حرب، لا تعتبر عند نظام الأسد أعمالا إرهابية ولا يعتبر مرتكبوها "إرهابيين"، وإنما تبرر بحماية هيبة الدولة وأمنها وسيادتها!