"حزب اللواء السوري" في السويداء... كيف تأسس؟ وما أهدافه؟

ليس له أي فرصة لإثبات وجوده كقوة فاعلة في المحافظة الجنوبية

أ.ب
أ.ب
مقاتلون دروز يركبون شاحنة صغيرة ويحملون علم الدروز أثناء انتظارهم قوات الأمن الحكومية السورية في شوارع مدينة جرمانا، في الضواحي الجنوبية لدمشق، سوريا في 3 مارس

"حزب اللواء السوري" في السويداء... كيف تأسس؟ وما أهدافه؟

أصدر "حزب اللواء السوري" يوم 10 مارس/آذار 2025 بيانا، ندد فيه بما سماها انتهاكات ضد المدنيين من قبل حكومة دمشق، كما أعلن فيه رفضه للمشروع الإيراني والتركي في سوريا كما أعلن النفير العام لعناصره ضد "هيئة تحرير الشام" ومنعها من دخول السويداء قبل تشكيل الحكومة الانتقالية ودعا إلى التنسيق مع شيخ عقل الطائفة الدرزية حكمت الهجري.

فما هو هذا الحزب وما حجمه في السويداء وما الجهات الداعمه له؟

لقد بدأ تداول الحديث عن تشكيل "حزب اللواء السوري" في محافظة السويداء منذ شهر يونيو/حزيران 2021 وتم نشر المنشور الأول بصفته الرسمية على "فيسبوك" في 7 يوليو/تموز 2021 وفي يوم 28 يوليو 2021 نشر الحزب مبادئه ومشروعه على صفحته الرسمية. ويرأس الحزب حاليا مالك أبو الخير وهو مقيم في فرنسا ويرأس أيضا منظمة "أنا إنسان". وللحزب جناح عسكري هو "قوة مكافحة الإرهاب" مؤلف من 600 مقاتل بقيادة سامر الحكيم.

في هذا التقرير سنتعرف على هذا الحزب ونقف على أجندته وموقف الفاعلين المحليين منه ومستقبله.

الأوساط الشعبية في السويداء معظمها ضد الحزب من جهة المؤيدين، لأن "النظام" ينظر للحزب على أنه أدة أميركية لاستنساخ مشروع "قوات سوريا الديمقراطية" في الجنوب السوري

أولا: المشروع

يعرف "حزب اللواء" نفسه بأنه حزب معارض يتبنى سردية الثورة السلمية في 2011 ويدعو إلى قتال تنظيم "داعش" ومحاربة الإرهاب الذي يشكل ذراعا لإيران في المنطقة ويطالب بالتعاون مع الولايات المتحدة لمحاربة التنظيم، خصوصا في مناطق شمال شرقي السويداء.

كما كان الحزب يتبنى فكرة طرد إيران من المنطقة الجنوبية ويحذر من خطر تمددها إلى المحافظة ويدعو إلى ضرب مجموعات المافيا والخطف التي تخطف الناس لقاء الفدية ويتعهد بمواجهتهم ومواجهة تجارة المخدرات التي أغرقت فيها المحافظة.

يدعم فكرة الإقليم الجنوبي وإقامة حكم ذاتي في محافظات السويداء ودرعا والقنيطرة على غرار النموذج الذي تقيمه "قسد" في شرق الفرات، ويطرح حاليا الكثير من أشكال الحكم في سوريا القادمة على رأسها اللامركزية الموسعة، أو الفيدرالية، أو الإدارة الذاتية. ويعتبر الحزب حزبا معارضا للنظام السوري وله تواصل مع "الإدارة الذاتية" وقد أرسلت "الإدارة الذاتية" مجموعة عسكرية لتدريب المجموعات العسكرية التابعة له.

أ.ب
يحمل أحد عناصر الميليشيات الدرزية قاذفة صواريخ صغيرة خلال تدريب على الرماية في محافظة السويداء الجنوبية، سوريا، في 4 مارس

ويصرح عن نفسه بأنه مجرد حزب سياسي غير مسلح، لكن خوفا من تعرض أفراده للقمع والاعتقال من المجموعات المرتبطة بالنظام السوري فقد تم العمل على التنسيق مع "قوة مكافحة الإرهاب" وهي كيان عسكري يعتقد الكثيرون أنه الجناح العسكري لـ"حزب اللواء". كما يدعو الحزب إلى إقامة سلام مع إسرائيل وفق خطوات تشمل سيادة واحترام كلا البلدين وتضمن عدم حصول أي تصعيد في المرحلة القادمة.

ثانيا: موقف الفاعلين المحليين

الأوساط الشعبية في السويداء معظمها ضد الحزب، لأن "النظام" ينظر للحزب على أنه أدة أميركية لاستنساخ مشروع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في الجنوب السوري.

يعاني عناصر الحزب من توجس الحراك المدني منهم بسبب مناداتهم بالفيدرالية والعلاقات مع إسرائيل رغم نفيهم المتكرر للنوايا الانفصالية، كما أن أغلب المنتسبين له من القرى النائية والطبقة الفقيرة جدا

موقف الأوساط الشعبية والحراك المدني

لا يوجد لـ"حزب اللواء" أي حاضنة اجتماعية مؤثرة أو حامل اجتماعي قوي من قبيلة أو عائلة ما عدا الأشخاص المنتسبين إلى "قوة مكافحة الإرهاب"- الجناح العسكري التابع له. ورئيسه مالك أبو الخير من عائلة أبو الخير، وأصلهم من قرية "أم الرمان" من الريف الغربي الجنوبي في السويداء، وهو غير محسوب على أي طرف اجتماعي. وبعد أن قام "حزب اللواء" بافتتاح مقر له في بلدة الرحا الواقعة نهاية طريق المشفى بالقرب من مدينة السويداء، هددت "كتائب الدفاع الوطني" الموالية لإيران بتفجير المقر، وبدأت بالضغط لإخراجه من المقر وبدأ الفصيلان يحشدان عناصرهما في أغسطس/آب 2021.

يعاني عناصر الحزب من توجس الحراك المدني منهم بسبب مناداتهم بالفيدرالية والعلاقات مع إسرائيل رغم نفيهم المتكرر للنوايا الانفصالية، كما أن أغلب المنتسبين له من القرى النائية والطبقة الفقيرة جدا.

آخر مظاهرة نظمها المجلس العسكري مع "حزب اللواء" يوم 6 مارس/آذار 2025 والتي أنزلت علم الدولة السورية من مبنى المحافظة ودعت إلى إسقاط الرئيس أحمد الشرع لم تستطع الحشد واقتصر المشاركون على العشرات من العناصر السابقة في جيش ومخابرات نظام الأسد الذين فقدوا وظائفهم.

موقف "رجال الكرامة"

هناك خلافات قديمة بين "حزب اللواء" و"لواء الجبل"، و"مضافة الكرامة"، فالأخير يدعو للتقارب مع دمشق والانضمام إلى مؤسسات الحكومة السورية الجديدة والتنسيق مع الرئيس أحمد الشرع، لكن المجلس العسكري الذي شكل نهاية شهر فبراير/شباط في السويداء هو اتحاد مجموعات مسلحة بقيادة طارق الشوفي باستثناء "لواء الجبل"، و"مضافة الكرامة"، و"أحرار الجبل" (بقيادة سلمان عبد الباقي وليث البلعوس ويحيى الحجار). ويشكل "حزب اللواء" جزءا من المجلس العسكري ويتخذ موقفا سلبيا من الرئيس الشرع بحجة التخوف من التهديد الطائفي، ويصر على المركزية الفيدرالية من خلال ضم المحافظات الجنوبية الثلاثة (درعا والسويداء والقنيطرة) في إقليم واحد، أسوة بنموذج "قسد" في شرق الفرات.

رغم محاولة الحزب أن يشكل لنفسه ذراعا عسكرية عبر تشكيل المجلس العسكري وخلق حاضنة اجتماعية، لكن حتى الآن ليس للحزب أي فرصة لإثبات وجوده كقوة فاعلة في المحافظة

لذلك لا ينظر "رجال الكرامة" لـ"حزب اللواء" بارتياح ويتهمونه بأنه يحمل أجندة انفصالية غير وطنية ويحاول إقامة كانتون انفصالي جنوبي سوريا كما هو الحال في منطقة شرق الفرات. كما يخشى "رجال الكرامة" من أن يتسبب وجود الحزب في موجة من أعمال العنف ودفع المحافظة إلى الحرب الأهلية واستغلال إسرائيل وجوده لإعطائها شرعية للتدخل في سوريا.

كما قام "حزب اللواء" بإنشاء "قوات مكافحة الإرهاب"، وهو ما يجعل منه قوة، لكنها بلا شك غير منافسة لـ"رجال الكرامة" التي تأخذ على عاتقها نصرة المظلومين من المعارضين أو المخالفين، وهو ما يشكل بالنسبة لهم مزاحمة على السلطة والنفوذ. وهناك سبب أخير وهو طبيعة الحزب غير المتدينة بينما "رجال الكرامة" أغلبهم من شيوخ العقل والمتدينين.

العلاقة مع الشيخ حكمت الهجري

رغم أن قادة الحزب يدعون لعدم الخروج عن مشورة الشيخ أحمد الهجري، ويظهرون له الاحترام في كل المناسبات والبيانات التي يصدرها، ويدعون إلى التنسيق معه، لكن العلاقة الحقيقية ليست أكثر من زيارات دورية، خصوصا أن الهجري يتموضع بطريقة تسمح له بجمع كل الأجنحة تحت عباءته، لكنه غير متبنٍ لمشروع "حزب اللواء" بشكل واضح، خصوصا أن أغلب عناصر "اللواء" غير متدينين أصلا، لكن في الوقت نفسه لا توجد قطيعة بين الشيخ الهجري والحزب.

أ.ب
صور مشوهة للرئيسين السوريين السابقين حافظ وبشار الأسد عند مدخل مدينة جرمانا ذات الأغلبية الدرزية، على المشارف الجنوبية لدمشق، سوريا، 3 مارس

مستقبل "اللواء" في محافظة السويداء

رغم محاولة "اللواء" أن يشكل لنفسه ذراعا عسكرية عبر تشكيل المجلس العسكري وخلق حاضنة اجتماعية من خلال قيادة المظاهرات ضد حكومة دمشق، لكن حتى الآن ليس للحزب أي فرصة لإثبات وجوده كقوة فاعلة في المحافظة، خصوصا مع تفاهم رجال الكرامة وأحرار الجبل مع حكومة دمشق على الانخراط في المؤسسة الأمنية والعسكرية للحكومة. فإضافة لضعف وجوده الاجتماعي وابتعاد قيادته السياسية في فرنسا وعدم وجود الرافعة الاجتماعية التي تتبناه، فهو يلقى معارضة من "رجال الكرامة" بقيادة يحيى الحجار ومن "أحرار الجبل"، فهم يرون فيه بوابة للتدخل الإسرائيلي في شؤون السويداء، كما أن الحراك المدني لا ينظر إليه بعين الطمأنينة، بسبب مواقفه المتشنجة من حكومة دمشق وتجميع فلول النظام فيه، وكذلك يلقى معارضة من الحاضنة الاجتماعية التي تنظر للحزب كعامل توتر في المحافظة والتي باتت تخشى من تحولها إلى ساحة صراع للأطراف الإقليمية عبر أدوات محلية من أبناء الطائفة الدرزية.

font change