يبدو واضحا أن الرئيس السوري أحمد الشرع يعي تماما حقيقة أساسية وهي أن الوحدة الوطنية أمر بالغ الأهمية لبقاء بلاده بعد سقوط الديكتاتور بشار الأسد. فالمصالحة مع الأكراد والاجتماع مع زعماء الطائفة الدرزية أمر ضروري ليس من أجل الاستقرار السياسي لنظامه الجديد فحسب، بل أيضا من أجل عمليات إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الصراع.
ومن خلال تصرفه السريع والحازم، أظهر الشرع قدرا كبيرا من المرونة السياسية. فهو يدرك التغير الطارئ في الرأي العام بعد ثلاثة أشهر فقط من الانقلاب الناجح على نظام الأسد، كما أنه يدرك جيدا القوى الجيوسياسية والدولية التي تراقب قراراته عن كثب.
وتتجلى هذه المرونة السياسية في خطاباته التصالحية وقراراته خلال الأيام القليلة الماضية، ومن بينها تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في أعقاب الإعدامات الميدانية التي طالت عائلات علوية في الساحل السوري، وهو ما صورها الإعلام الغربي- كما هو متوقع– على أنها "عنف طائفي" في طبيعته وجذوره؛ وهو تصوير مفرط في التبسيط والسطحية لسوريا.
ففي حين أن العنف الطائفي هو بالفعل جانب مأساوي من حملة الأسد الوحشية على المتظاهرين السلميين ضد حكمه، فإنه ليس سوى وجه واحد من سيناريو أوسع بكثير تطور إلى حرب أهلية. فالصورة الأوسع نطاقا هي دائما سياسية لأنها تشمل ثلاثة عوامل رئيسة: السلطة والحقوق والموارد.