قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ردا على سؤال أحد الصحافيين في ديسمبر/كانون الأول 2023، في مؤتمره الصحافي السنوي: "مولدوفا هي إحدى أفقر الدول في أوروبا، إذا كانت الدولة الأفقر في أوروبا، التي تحصل على طاقة رخيصة منا، تريد أن تحذو حذو ألمانيا وتحصل على الطاقة من الولايات المتحدة بسعر أعلى بمقدار 30 في المئة، فلها مطلق الحرية في ذلك. أما بالنسبة إلى أرمينيا، فهناك عمليات معقدة... لا أعتقد أن من مصلحتها إنهاء عضويتها في رابطة الدول المستقلة والاتحاد الاقتصادي الأوراسي ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي". وكان رده ينضح بالثقة – وذكر أن مولدوفا لم تقدم أي قيمة لعلاقاتهما الاقتصادية، وأن أرمينيا لن تعاني إلا إذا حاولت الانفصال.
بعد مرور أكثر من عام، تواصل مولدوفا وأرمينيا الابتعاد عن قبضة موسكو في عالم يكتنفه عدم اليقين ولا يمكن التنبؤ بتطوراته السياسية والتجارية، هل تشهد سنة 2025 تطورات مهمة على هذه الجبهة وكيف سيؤثر ذلك على اقتصادي هاتين الدولتين الصغيرتين؟
هل الغاز هو نبيذ مولدوفا الجديد؟
طالما كانت الطاقة الورقة الرابحة في جعبة روسيا عندما يتعلق الأمر بليّ ذراع أوروبا. وفي حين أن غزو أوكرانيا في سنة 2022 دفع العديد من الدول الأوروبية إلى إيجاد حلول بديلة، فإن مولدوفا اضطرت إلى ذلك مع اقتراب نهاية سنة 2024. فقد أوقفت شركة "غازبروم" الروسية المملوكة للدولة إمدادها بالغاز عبر أوكرانيا بدءا من 1 يناير/كانون الثاني 2025، بعدما رفضت أوكرانيا تجديد عقد العبور. واختارت الشركة عدم التوريد عبر خط أنابيب الغاز "ترانس بلقان" من طريق تركيا، متذرعة بأن على مولدوفا دينا غير مدفوع بقيمة 11.1 مليار دولار أميركي، وهو ما تنفيه الحكومة المولدوفية.
لكن وضع الطاقة في مولدوفا أكثر تعقيدا من مجرد إمداد المنازل والشركات بالغاز. فمحطة "كوتشورغان" للطاقة موجودة في إقليم ترانسنيستريا الانفصالي، الذي تدعمه روسيا. وقد ظلت ترانسنيستريا تتلقى الغاز من "غازبروم" مجانا لمدة عشرين عاما تقريبا (أدرج دينها رسميا تحت حساب مولدوفا، وهو ما يفسر التناقض أعلاه) وكانت تستخدمه لتوليد الكهرباء التي تشتريها منها مولدوفا بأسعار أرخص من السوق الأوروبية. لكن بانقطاع إمدادات الغاز، توقف العمل في محطة "كوتشورغان" للطاقة، وهو ما اضطر مولدوفا لشراء الكهرباء من رومانيا بأسعار أعلى بكثير تؤثر على اقتصادها.