يقدم جيمس مانغولد فيلما عن بوب ديلان يتحدى فيه بعض الصور المتراكمة عن هذه الشخصية الأيقونية، متخذا من فعل الخيانة مدخلا جديدا لقراءة تجربة الرجل الذي أصبح واحدا من أبرز المؤثرين الثقافيين في العالم، في مجالات تتجاوز الموسيقى، لتشمل الأدب والسياسة والتفكير وأسلوب العيش، وصولا إلى إعادة تعريف عملية بناء الفن، وهذا التأثير هو ما جعله يفوز بجائزة نوبل للآداب.
يستند "مجهول بالكامل" A Complete Unknown الذي شارك مانغولد في كتابته مع جاي كوكس، إلى كتاب إليجاه والد، الصادر عام 2015 بعنوان Dylan Goes Electric! ويتناول انتقال بوب ديلان من موسيقى الفولك التقليدية إلى استخدام الآلات الكهربائية في مهرجان نيوبورت للفولك عام 1965. الفيلم من بطولة تيموثي شالاميه في دور ديلان، إلى جانب إدوارد نورتون وإيل فانينغ ومونيكا باربارو وبويد هولبروك.
عنوان الفيلم، الذي يستحضر فكرة المجهولية التامة، مأخوذ من واحدة من أشهر أغاني ديلان Like a Rolling Stone، وهو عنوان يلامس الجوهر الأعمق لتجربة الفنان، الذي اختار في أوج نجاحه أن يخون جمهوره، ويتنصل من عناوين شعبيته، لينطلق إلى تجربة جديدة وصادمة في الموسيقى والتفكير، مستندا إلى نفسه ومشاعره ورؤيته، كمصدر وحيد للفن والتجربة الفنية.
يربط الفيلم الإنتاج الفني بالخيانة الدائمة، وهو ما يشكل جوهر رؤيته ويمنحه تفرده واختلافه. يسعى مانغولد إلى استقراء ديلان من خلال نزوعه المستمر نحو التجديد والبحث، وكأنه لا يريد فقط أن يحكي عن ديلان، بل أن يتعامل مع شخصيته بالطريقة ذاتها التي كان ديلان ينظر بها إلى سيرورة العمل الفني: بوصفها بناء دائما وقلقا، قائما على التجارب الصادمة، غير المستقرة، والتي لا تتبع أي سياق سوى روح الفنان الحرة.