في يوليو/تموز 1977، وبعد أشهر قليلة من تولي جيمي كارتر رئاسة الولايات المتحدة، تلقى الرئيس مذكرة من فرانك بريس، كبير مستشاريه العلميين، تحذر من أزمة المناخ وانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون.
كانت تلك المذكرة، التي استندت إلى دراسات علمية دقيقة، بمثابة جرس إنذار مبكر لظاهرة ستتفاقم مع مرور العقود. على الرغم من ذلك، ومن التزام كارتر الرمزي بالبيئة، كما تجسد في تركيب الألواح الشمسية على سطح البيت الأبيض، فإن نصيحة وزير الطاقة آنذاك، جيمس شليسنجر، بعدم التسرع في اتخاذ إجراءات سياسية جذرية، أدت إلى تأجيل التعامل الجاد مع الأزمة.
اليوم، وبعد أكثر من أربعة عقود، تزداد أزمة المناخ تفاقما، وتواجه الولايات المتحدة تحديا كبيرا في التصدي لها. ومع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، تطفو على السطح تساؤلات حول مستقبل السياسات البيئية الأميركية.
ففي ولايته الأولى، ألغى ترمب أكثر من 125 قاعدة بيئية، وانسحب من اتفاقية باريس للمناخ، مما أثار مخاوف عالمية من تراجع الجهود الرامية إلى الحد من الانبعاثات.
ولكن هل يمكن سياسات ترمب أن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء في مواجهة التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة؟ أم أن قوى السوق والتقدم التكنولوجي قد تجاوزت قدرة أي إدارة على إيقافها؟ هذه القصة تبدأ بمذكرة علمية في سبعينات القرن الماضي، وتستمر حتى يومنا هذا، حيث تتقاطع السياسة مع العلم في معركة مصيرية من أجل مستقبل الكوكب.
انعكاسات الخطاب الشعبوي
خلال ولايته الأولى، اتخذ ترمب إجراءات واسعة النطاق لتقليص الدور الفيديرالي في تنظيم القطاع البيئي. شملت هذه الإجراءات الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، وتخفيف معايير انبعاثات السيارات، وتقليص حماية الأراضي العامة، وإضعاف قوانين جودة الهواء والمياه.
فعندما تولى ترمب الرئاسة في يناير/كانون الثاني 2017، كان واضحا أن سياساته المناخية ستكون انعكاسا لخطابه الشعوبي والقومي الذي ركز على "أميركا أولا". ومع مرور الأشهر الثمانية عشر الأولى من ولايته، أصبحت الآثار المدمرة لسياساته البيئية واضحة للعيان. فمن تعيين منكري تغير المناخ في مناصب حساسة إلى إلغاء خطط عمل أوباما المناخية، كانت إدارة ترمب بمثابة نكسة كبيرة للجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ.