المرأة العربية بين الطموحات والعراقيل في قطاع القضاء

لا يزال الطريق طويلا للوصول إلى تمثيل حقيقي

ALMAJALLA
ALMAJALLA

المرأة العربية بين الطموحات والعراقيل في قطاع القضاء

تطور مفهوم العدالة عبر التاريخ، مع تطور المجتمعات ووضع أنظمة قانونية جديدة. فالعدالة هي قيمة بحد ذاتها، وتعدّ إحدى القيم الأساسية للإنسان، التي يسعى من خلالها إلى أن يحصل كل فرد على ما يخصه بغض النظر عن ظروفه، مما يعني الاعتراف بحقوق الإنسان واحترامها الكامل. وهي فضيلة لدى كل الشعوب في العالم، يسعى الأهل إلى غرسها في وعي الأبناء منذ الطفولة، ولو بشكلها البسيط. وفي المجال القضائي، يستخدم هذا المفهوم للإشارة إلى القواعد والأنظمة التي تحدد تصرفات الأشخاص والمؤسسات والتي عادة ما يصوغها ويدونها أعضاء السلطة التشريعية. تستخدم كلمة "عدالة" أيضا للإشارة إلى السلطة القضائية، وهي، إلى جانب السلطتين التنفيذية والتشريعية، أحد الفروع الثلاثة التي تشكل الدولة الحديثة، خاصة في نظام ديمقراطي يحترم الفصل بين السلطات. ويتمثل دورها في رصد تطبيق القانون ومعاقبة عدم الامتثال له. هذه السلطة منوطة بالقضاة والقانونيين، الذين يعتمدون على نصوص القوانين (التي تصوغها الهيئة التشريعية) لاتخاذ القرارات.

في العالم القديم

في العالم القديم، غالبا ما كانت العدالة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالدين والمعتقدات الروحية. على سبيل المثل، في مصر الفرعونية، كان الفراعنة يعتبرون حراس العدالة الإلهية. كانوا مسؤولين عن إنفاذ القوانين وإصدار أحكام عادلة. وبالمثل، في اليونان القديمة، كانت الإلهة أثينا تعبد بوصفها إلهة العدالة والحكمة.

عند العرب قديما، كان شيخ القبيلة هو من يقوم بدور القاضي وذلك وفق القيم والأعراف المتبعة لدى القبيلة. ومع تشكّل الدولة الإسلامية، لعبت الشريعة دورا مهما في تطور القوانين، وذلك لكونها مزيجا من القواعد الدينية والأخلاقية. بدأ دور القاضي يظهر مع خلافة عمر بن الخطاب الذي شرع في تنظيم القضاء بعد اتساع الدولة الإسلامية، فكان أول من عيَّن القضاة في الإسلام. وفي عصر ازدهار الخلافة العباسية، اكتمل تدوين المذاهب الإسلامية الكبرى: الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية، التي تناولت تلك الأمور وعالجت كلا منها بأسلوب يختلف بعض الشيء عن الآخر، على هذا الأساس كان منصب القاضي يتطلب معرفة تامة بالشريعة الإسلامية وبالنواحي الدقيقة فيها والتي عالجتها المذاهب المتنوعة. وكانت طريقة اختيار القاضي تعتمد على اتصافه بالأمانة والفطرة السليمة.

بدأ دور القاضي يظهر مع خلافة عمر بن الخطاب الذي شرع في تنظيم القضاء بعد اتساع الدولة الإسلامية، فكان أول من عيَّن القضاة في الإسلام

مع مسيرة التطور ونشوء الدول الحديثة، انتظم القضاء بما يتماشى مع هذه التطورات، وتعددت القوانين، بين مدنية وشرعية واقتصادية وتجارية وغيرها مما يختص بأوجه النشاط البشري.

لكن، وانطلاقا من تعريف العدالة التي يفترض أن "يحصل كل فرد على ما يخصه بغض النظر عن ظروفه"، يطرح السؤال: هل أنصفت العدالة المرأة؟ وأين هو دور المرأة في القضاء ونحن في القرن الحادي والعشرين، بعد أكثر من قرن من النضالات لدى غالبية شعوب الأرض، في سبيل ترسيخ شرعة حقوق الإنسان، وتمكين المرأة ومنحها فرصة القيام بمهن يحتاج إليها المجتمع من دون تصنيف جندري مبني في قسم كبير منه على ثقافة ذكورية تمكنت خلال التاريخ؟

اكتسبت القاضيات في جميع أنحاء العالم المؤهلات اللازمة، وحققن نتائج واستوفين معايير اختيار القضاة. ومع ذلك، لا تزال النساء يعشن مع كثير من الحواجز الاجتماعية والثقافية التي تواجهها المرأة، بما في ذلك العلاقات والالتزامات الأسرية المعقدة، وسطوة الثقافة السائدة، خاصة في المجتمعات العربية التي تعاني نكوصا ماضويا بعدما كانت بوادر النهضة في أوائل القرن الماضي تعد بإنصاف المرأة.

في العام 2022، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم العاشر من مارس/ آذار يوم الاحتفال بالقاضيات، على قاعدة أن تمثيل المرأة في النظام القضائي مهم لأسباب عديدة. ويدل هذا الإعلان على التزام متزايد بالمساواة بين الجنسين في قطاع العدالة. ولا تهدف هذه الجهود إلى زيادة تمثيل المرأة في السلطة القضائية فحسب، بل تهدف أيضا إلى ضمان عدالة جنائية تراعي الفوارق بين الجنسين ويمكنها أن تستجيب بفعالية لاحتياجات جميع شرائح المجتمع.

Public Domain
إستر موريس، أول قاضية في الولايات المتحدة الأميركية

أول ظهور للقاضيات في أوروبا وأميركا

حتى بداية القرن العشرين كان العديد من الرجال يخشون أن النساء لن يتمكنّ من أداء أدوارهن المنزلية بشكل صحيح إذا مُنحن حقوقا متساوية، ولم يكن هناك تمثيل يذكر للمرأة في معظم أوجه النشاط، أما بالنسبة إلى القضاء فكانت كلمة "قاضية" في مناطق عديدة تعني زوجة القاضي، لكن المرأة بدأت بالتدريج تتنكب مهمات أو مهنا اجتماعية ومنها دخول سلك القضاء، نتيجة نضال طويل من قبلهن ومعهن الرجال المناصرون لقضاياهن، الذين بدأت أعدادهم تزداد وأصواتهم ترتفع.

14 فبراير/ شباط 1870 - أول حاكمة، وأول قاضية في التاريخ الأميركي، إستر هوبارت موريس. في وقت تعيينها قاضية للصلح، كانت موريس تبلغ من العمر 59 عاما. وكان هذا التعيين فاتحة لتعيينات أخرى، وتوسع تمثيل المرأة في السلك القضائي، من دون تمييز على أساس الجنس أو العرق أو المعتقد، وكان تعيين القاضية المسلمة نصرت تشودري كأول امرأة مسلمة تشغل منصب قاضية فيديرالية أميركية في العام 2023 التي شغلت اخيرا منصب المدير القانوني للاتحاد الأميركي للحريات المدنية في إلينوي، بغالبية أصوات حزبية في عهد ولاية الرئيس بايدن. كذلك في مارس/ آذار 2023، باتت السورية نادية قحف أول قاضية محجبة في المحكمة الأميركية العليا، لتصبح أول سيدة مسلمة ترتدي الحجاب، وتعمل قاضية بالمحكمة العليا في مقاطعة باسياك التابعة لولاية نيوجيرزي الأميركية.

لا تزال النساء يعشن مع كثير من الحواجز الاجتماعية والثقافية بما في ذلك العلاقات والالتزامات الأسرية المعقدة وسطوة الثقافة السائدة

أما أول قاضية في تاريخ فرنسا فهي شارلوت بيكينيون التي ولدت عام 1900 في بيئة أكاديمية. حينها كانت هالة ماري كوري تسيطر على النساء وتلهب خيالهن. دافعت عن أطروحة الدكتوراه بعنوان "ديون العملات الأجنبية". بعد ثلاث سنوات كانت من أوائل النساء اللواتي حصلن على شهادة الدكتوراه في القانون في فرنسا، وكان عمرها حينذاك 35 عاما. لكن بالنسبة إلى طموحها بقي باب أخير يجب أن يفتح: مجمع القضاء الذي لم يسمح لأي امرأة بالدخول إليه على الإطلاق، مع مراعاة نظام عدم أهلية المرأة المتزوجة، بل يجب على زوجها توقيع تفويض لإجراء الامتحان التنافسي. خلال الزيارات التمهيدية التقليدية لأعضاء لجنة التحكيم، قيل لها إن مكانها سيكون "إصلاح جوارب زوجها". لكن هذا لم يحبطها واستمرت في نضالها إلى أن نالت شرف الانتماء إلى السلك القضائي، ففي 11 أبريل/ نيسان 1946، صدر قانون ينص على أنه "يجوز لأي فرنسي، من الجنسين، أن ينضم إلى القضاء". ضُمت شارلوت بيكينيون لاغارد إلى السلطة القضائية بموجب مرسوم مؤرخ 10 أكتوبر/ تشرين الأول 1946.

Ullstein bild via Getty Images
ماريا هاغيماير، أول قاضية في ألمانيا

في ألمانيا، ماريا يوهانا هاغيماير (من مواليد 17 أبريل/نيسان 1896، وتوفيت في 1 ديسمبر/ كانون الأول 1991) كانت فقيهة ألمانية تعتبر عموما أول قاضية في ألمانيا. عملت بشكل حاسم على تشريع المساواة في الحقوق أثناء مراجعة قانون الأسرة في القانون المدني، الذي كان ساري المفعول منذ عام 1896 وأقره البوندستاغ الألماني في عام 1956. كانت أول امرأة في بروسيا تعيّن مستشارة في المحكمة، ثم في عام 1928 قاضية في بون - وبالتالي أول قاضية ألمانية. كانت في حينها ثقافة سائدة أن "النساء لسن مناسبات كقاضيات، فهن يسترشدن بالعاطفة وليس بالمنطق". هذا التحيز كان منتشرا على نطاق واسع عندما أرادت ماريا هاغيماير أن تصبح قاضية "كنت دائما أتعرض للتوبيخ على ذلك". إحدى حججها المضادة: "في حالات الطلاق، واحد من الطرفين يكون امرأة. لماذا يجب أن يكون القضاة فقط قادرين على الحكم فيه؟".

 Tom  Williams/CQ-Roll Call, Inc via Getty Images
نصرت جهان شودري، المرشحة لمنصب قاضية في المحكمة الفيديرالية لمقاطعة نيويورك الشرقية

في الدول العربية

تعتبر الأراضي الفلسطينية سباقة في تعيين المرأة بمنصب قاض شرعي، عندما تولت هذه المهمة لأول مرة في العام 2009 ("هل يتقبل المجتمع العربي امرأة قاضية في محاكمه الشرعية؟"، موقع فرانس 24، 2023). إلا أن عدد النساء القاضيات منذ ذلك التاريخ حتى 2023، لم يتجاوز خمس نساء ممن تقلدن هذا المنصب. وبحسب التقرير نفسه، فإن المرأة في الأردن، لا تزال تواجه صعوبات قبل دخولها إلى سلك القضاء وبعد أن تصبح قاضية أيضا. وفي العراق لا يمثل عدد القاضيات النساء سوى أقل من عشرة في المائة من عدد القضاة الرجال. وفي لبنان ومنذ بداية التسعينات يشهد القضاء اللبناني تزايدا ملحوظا في نسبة القاضيات النساء حتى بلغنا اليوم المناصفة من مجموع القضاة العام، وبحسب الجهات الدولية فإن نسبة القاضيات النساء في لبنان هي الأعلى في المنطقة.

1870 تعيين أول قاضية في أميركا، و1900 في فرنسا و1928 في ألمانيا

لكن منذ متى دخلت المرأة العربية سلك القضاء؟

خلال حوار أجرته "الشرق الأوسط" مع الباحث الأثري بسام الشماع، في 2010، أشار إلى أن أول قاضية مصرية هي "نبت"، وأن هناك برديات قديمة تثبت أنها أول وزيرة عدل وقاضية في التاريخ، وهي حماة الفرعون تتي، مؤسس الأسرة السادسة. ترأست نبت المحكمة وكانت قرارتها نافذة وفقا لبنود القانون المصري القديم. اختصت بالفصل في النزاعات والمعاملات التجارية في مصر القديمة، ومنها قضايا التركة والميراث والعقارات والبيع والشراء. مما يعني أن المرأة القاضية حاضرة في الذاكرة الجمعية للشعب المصري، لكن التاريخ يسجل تحولات كبيرة وتغييرات على مستوى الشعوب والأنظمة، بل ويعاد رسم الخرائط السياسية مرات كثيرة، مما يترك أثرا على الثقافات السائدة ومنظومات الشعوب وقوانينها، فكيف صار حال المرأة المصرية ودورها لاحقا في السلك القضائي؟

إنصاف البرعي

تعدّ إنصاف البرعي أول قاضية عربية مصرية في عصرنا الحالي، تولت منصب قاضية في 1958 بعدما تخرجت في كلية الحقوق بجامعة القاهرة 1955. لم تشهد مصر تعيين قاضية أخرى إلا في عام 2003 وهي المستشارة تهاني الجبالي، التي صدر قرار جمهوري بتعيينها ضمن هيئة المستشارين بالمحكمة الدستورية العليا.

في المغرب، في تصريح للأستاذة البتول الناصري، مستشارة رئيسة غرفة بالمجلس الأعلى في المغرب في مؤتمر "قصص نجاح: المرأة العربية في كرسي القضاء"، الذي احتضنه مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة عام 2010، تقول: إن النساء شرعن في فض المنازعات في المغرب منذ سنة 1961، إذ تم في فبراير/شباط من ذلك العام تعيين أول قاضية بالمغرب. واستمر صعود المرأة القاضية في سلم السلك القضائي، فشغلت كثيرا من المناصب وترأست العديد من المحاكم بمختلف اختصاصاتها.

في سوريا، دخلت المرأة السورية إلى السلك القضائي منذ عام 1975 فكانت الأستاذة غادة مراد أول قاضية امرأة في البلاد، كما تبوأت مراد منصب نائب عام للجمهورية العربية السورية وكانت أول امرأة تتقلد هذا المنصب.

كات المصرية إنصاف البرعي أول قاضية عربية مصرية في 1958 وفي سوريا عينت غادة مراد قاضية عام 1975

من الجميل التذكير هنا بمشروع القانون الذي قدمه النائب عن القلمون عبد الحكيم الدعاس، حول منح المرأة السورية حق التصويت، في العام 1944، منشور في موقع التاريخ السوري المعاصر، عن أرشيف من محاضر مجلس النواب، الدور التشريعي الثالث، وجاء فيه: "إن المرأة تشكل نصف المجتمع، أو تزيد عليه، وهي عضو أساسي عامل في شتى مناحي الحياة، له قيمته، ولا غرو كانت ولا تزال تنشئ الرجال وتخلق العظماء... لقد قطعت المرأة اليوم شوطا بعيدا في الثقافة والإدراك... لهذه الأسباب، جميعها وأسباب أخرى يدركها كل منصف، أرى أن تمنح المرأة حقوقها كاملة، وأن تدعى للقيام بقسطها حيال الشعب والأمة والمجتمع". وهذا دليل على دعم دور المرأة باكرا في سوريا، ودعم نضالاتها من أجل التعبير عن نفسها مواطنة مسؤولة، وهذا أمر لم يكن بالسهل، على الرغم من أن الدساتير السورية كلها نصت على الحقوق التي يجب أن تتمتع بها المرأة السوريّة، من المبدأ القائم على تساوي الأشخاص أمام القانون دون التمييز بينهم من حيث الجنس. إنما لم يكن الأمر بهذه السهولة، خاصة خلال نصف القرن الأخير الذي كانت فيه السلطة المطلقة بيد حزب وحيد وعائلة وحيدة، قائمة على القمع والفساد، وترك المجتمع تحت سطوة رجال الدين والأعراف والتقاليد، وبالتالي كانت معظم إجراءاته في سبيل إظهار وجه تقدمي للبلاد، هي محاولات للتصدير الخارجي أكثر منها دعما وتمكينا للمرأة، على الرغم من أن عدد القاضيات كان 275، من أصل ما يفوق 1700 قاضٍ وقاضية بحسب آخر إحصاء، منذ عامين تقريبا. وبالتالي فإن قانون الأحوال الشخصية وبعض مواد قانون العقوبات وقانون الجنسية وغيرها الكثير يمكن عدها من المعوقات التي تعترض الوصول إلى إنصاف المرأة في الدستور السوري، وهذه المعوقات سياسية وقانونية واجتماعية واقتصادية، لا يمكن الفصل بينها كونها متداخلة وتشكلت تاريخيا.

 Khaled al-Hariri/Reuters
القاضية غادة مراد

لذلك تستمر معاناة المرأة السورية جراء الكثير من الإجراءات التمييزية المتكررة ضدها على صعد عدة في المجتمع، والقانون والصحة، وحتى في نطاق الأسرة، حيث تتعرض للتمييز وذلك بإلقاء واجبات كثيرة عليها من دون منحها حق أن تمارس مواطنتها وإنسانيتها الكاملة. أصبحت بحاجة إلى إيجاد حلول تنصفها مما يحول ضد تطورها وتطور المجتمع. ودائما كانت القوانين تخالف عند تطبيقها ما تنص عليه الدساتير في ما يتعلق بالحقوق الخاصة بالمرأة والمساواة بينها وبين الرجل. من هذا المنطلق يمكن القول إن تعزيز مكانة المرأة في القضاء ضرورة من أجل الإنصاف والعدالة.

أما بالنسبة إلى المرأة الخليجية، فيورد بحث منشور في موقع الخليج أونلاين بتاريخ 17/ 07/ 2022 "بدأ دخول المرأة الخليجية إلى السلك القضائي في الاتساع منذ تسعينات القرن الماضي، مع سماح البحرين بذلك ثم انتقاله منها إلى دول أخرى بمجلس التعاون، وفي الآونة الأخيرة شهدت دول الخليج عموما حراكا حكوميا نشطا في ما يخص ملف المرأة، وإعادة إحياء دورها في المجتمع، وإن بتباين بين دولة خليجية وأخرى".

بدأ دخول المرأة الخليجية إلى السلك القضائي في الاتساع منذ تسعينات القرن الماضي مع سماح البحرين بذلك

في النهاية لا بد من الإشارة إلى أن إنصاف المرأة وإتاحة المجال أمامها للوصول إلى مراكز صنع القرار، وتحقيق العدالة، يجب أن يواكبه تحديث القوانين وتغيير الثقافة السائدة، التي تراكمت عبر التاريخ، بتضافر الموروث الثقافي الديني والاجتماعي، وتوفير الخدمات الاجتماعية التي تخفف عبء القيام بالواجبات تجاه الأسرة، على المرأة بشكل خاص لكونها إلى اليوم هي من تقوم بالقسط الأكبر منه، وزرع الثقة بجدارة المرأة للقيام بتلك المهمات التي ترسخت تاريخيا في الوعي الجمعي بأنها مهمات للرجال فحسب. وهو مطلب تحتاج إليه الحداثة التي لم يعد هناك شعب أو مجتمع قادرا على مواكبة العصر من دونها. كذلك فإن إتاحة الفرصة أمام الفتيات للتعليم ونيل الشهادات والتخصصات العلمية، نجم عنه عدد متزايد من الفتيات اللواتي ينتسبن إلى كليات الحقوق في معظم الدول العربية، هذه الشريحة من المتعلمات في مجال الحقوق والقوانين يمكن أن تساهم في تحديث القوانين وجعلها أكثر إنصافا وقدرة على تحقيق العدالة. وترى الجمعية العامة للأمم المتحدة أن من خلال الاحتفال بالإنجازات وتسليط الضوء على التحديات المقبلة، يشجع "اليوم الدولي للقاضيات" على تنفيذ استراتيجيات وطنية ودولية لتعزيز المساواة بين الجنسين في نظام العدالة. والهدف واضح: المشاركة الكاملة والمتساوية للمرأة على جميع مستويات السلطة القضائية من أجل تحقيق عدالة أكثر عدلا وتمثيلا وفعالية.

font change