لا شك أن المواجهة الكلامية الأخيرة بين الرئيس دونالد ترمب ونائبه جي دي فانس من جهة، والرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي من جهة ثانية، أمام كاميرات تلفزيونات العالم في البيت الأبيض، دليل إضافي على أضرار غياب الدبلوماسية للإبحار الآمن في "عالم ترمب".
في المقابل، اجتهد مستشارو قصر الإليزيه في باريس و"داوننغ ستريت" في لندن، كي تكون زيارة كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إلى البيت الأبيض مفيدة لإبحار بلديهما وأوروبا في "عالم ترمب" إلى النظام العالمي الجديد، ثم لرأب شرخ زيلينسكي مع ترمب.
الرئيس الأوكراني أعلن نيته زيارة السعودية يوم الإثنين والرئيس الأميركي سيزورها في الأسابيع المقبلة، بعدما قال انه سيلتقي الرئيس الروسي فيها.
هذه اشارات مخاض الخروج من عالم إلى آخر وتصاعد دور الرياض. وفي ظل هذا المشهد الجيوسياسي العالمي المتغير بوتيرة متسارعة فيها مفاجآت، اختارت السعودية منذ سنوات نهجا يقوم على تعددية الشراكات الاستراتيجية وفتح الأبواب بين الأقطاب، وآخر مثال كان استضافتها لقاء وزيري الخارجية الأميركي ماركو روبيو والروسي سيرغي لافروف، لفتح أقنية الحوار وكسر الجمود القائم بينهما منذ الحرب الأوكرانية.
"العالم الجديد والمعبر السعودي"، يستحق أن يكون هذا الموضوع قصة غلاف "المجلة" لشهر مارس/آذار، نتناول جميع جوانب الملف، عبر سرد تاريخ الدبلوماسية السعودية منذ لقاء الملك عبدالعزيز آل سعود، والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت قبل ثمانين سنة. تلك القمة التي ساهمت في تأسيس النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية.
نتوقف عند مبادرات الرياض الإقليمية والدولية للمساهمة في حل أزمات وإطفاء حرائق، وترسيخ شراكات اقتصادية وأمنية، فالأبواب مفتوحة مع الأقطاب الرئيسة الثلاثة: أميركا، وروسيا، والصين. والتكتلات الإقليمية والدولية الرئيسة، حيث توازن المملكة بين مصالحها الاقتصادية، واعتباراتها الأمنية، وطموحاتها القيادية، إضافة إلى تقرير عن ميزات الاقتصاد السعودي.
كانت السعودية في 2017 أول محطة خارجية لترمب-الأول، أما ترمب-الثاني فقد تحدث عن نيته الذهاب إليها للقاء بوتين والبحث عن تسوية لحرب أوكرانيا
من الأمثلة الحية كذلك، حرب أوكرانيا حيث حرصت منذ اليوم الأول على ترك الأقنية مفتوحة مع موسكو وكييف وواشنطن والعواصم الفاعلة في هذه الحرب، ما سهل استضافة الرياض للقاء الروسي–الأميركي وزيارة الرئيس الأوكراني.
وإذ كانت السعودية في 2017 أول محطة خارجية لترمب-الأول، فإن ترمب-الثاني تحدث عن نيته الذهاب إليها للقاء بوتين والبحث عن تسوية لحرب أوكرانيا. وضمن قصة الغلاف، نغوص في انعكاس أي اتفاق محتمل بين ترمب وبوتين حول أوكرانيا على الأزمات الكبرى ونفوذ روسيا في "الفلك السوفياتي".
أي اتفاق أميركي–روسي حول أوكرانيا، سيترك أثرا كبيرا على أوروبا وعلى مستقبل "حلف شمال الأطلسي" (الناتو). فالقمة العاجلة في باريس ثم في بروكسيل، أظهرت انقسامات أوروبية لأسباب كثيرة بينها الدفعة التي أعطاها فوز ترمب ولقاءات وتصريحات نائبه فانس في مؤتمر ميونيخ الأمني، لليمين في الضفة الأخرى للأطلسي. و"القمة الأوكرانية" في لندن، كشفت حدود الدور الأوروبي والضمانات الأمنية في أوكرانيا، من دون العم سام. كل هذا، يجعل تحذير مسؤول ألماني من احتمال انتهاء حلف "الناتو" في منتصف العام ليس خيالا، رغم التعهدات من قادة أوروبيين برفع مساهمة دولهم في موازنة الحلف التي توفر واشنطن نصفها، خصوصا إذا ما استمر البيت الأبيض في بناء "عالم ترمب". وأحد أركان هذا "العالم" الضغط على الحلفاء وعقد الصفقات.
وفي هذا المجال يتضمن العدد تقريرا تفصيليا عن المعادن والثروات الطبيعية في أوكرانيا واحتدام الصراع الأميركي-الروسي-الأوروبي على كنز ثمين في صنع العالم الجديد. ونستعرض سيرة فريدريش ميرتس، "المرشح" الألماني وكفاحه لنقش موقع لبلاده الجانحة إلى اليمين، في "العالم الأميركي".
من المبادرات السعودية الأخرى، تلك التي تخص حرب غزة، إذ ساهمت مع مصر ودول عربية في تقديم خطة عربية لإعمار غزة من دون تهجير أهلها
ومن المبادرات السعودية الأخرى، تلك التي تخص حرب غزة، إذ ساهمت مع مصر ودول عربية في تقديم خطة عربية لإعمار غزة من دون تهجير أهلها بدعم القمة العربية، بحيث تكون مساهمة جدية في الحوار مع خطة لترمب تتضمن إعمارا وتهجيرا.
ويتضمن العدد ملفا خاصا عن الشرق الأوسط ودينامياته ومدى تأثير أي حل في غزة في الترتيبات الواقعية في الإقليم، ومآلات الرياح "الخشنة" من ترمب على إيران.
في شهر مارس 2011، بدأت الاحتجاجات السورية، وفي ذكرى هذه السنة- وهي الأولى بعد سقوط النظام- يكتب روبرت فورد، الذي كان سفيرا لأميركا وقتذاك، عن انطباعاته الشخصية والسياسية بعد زيارته الأولى لدمشق من دون الأسد. كما يتضمن العدد مقابلة حصرية مع قائد "قوات سوريا الديمقرطية" (قسد) مظلوم عبدي، يتحدث فيها عن نقاط الاتفاق والتباين مع الرئيس أحمد الشرع ورؤيته لسوريا.
كما نتوقف عند حرب السودان مع قرب الذكرى الثانية لاندلاعها في أبريل، مع مراجعة لتطورات اليمن وانقساماته وأزماته.
وفي الثقافة، نقدم تقارير ومقابلات مع تركيز على شهر رمضان المبارك وأسباب "استحضار" الأمويين في هذه الأيام.