أطلقت مفاوضات الرياض بين الولايات المتحدة وروسيا مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين، وزادت من حظوظ انتهاء الحرب في أوكرانيا، ولكن التأثيرات لن تقتصر على هذا المآل بل ستطاول ملفات إقليمية عدة، بدا أن نتائج المفاوضات ستنعكس على طبيعة النظام الأمني المستقبلي في القارة الأوروبية، وشكل النظام العالمي الجديد، وعلاقة القوى العظمى والقوى الصاعدة عالميا.
ومع دخول الحرب الروسية على أوكرانيا عامها الرابع، يسود اعتقاد بأن هذا العام سيشهد نهاية للعمليات العسكرية الواسعة والانتقال إلى مفاوضات لا تتعلق فقط بإنهاء الحرب، ومصير المناطق الجنوبية الشرقية من أوكرانيا، بل اصطفاف الجمهورية السوفياتية السابقة سياسيا وعسكريا واقتصاديا. ومع نجاح اجتماعات الرياض في كسر الجليد بين الولايات المتحدة وروسيا، بدا أن نتائج المفاوضات ستنعكس على طبيعة النظام الأمني المستقبلي في القارة الأوروبية، وشكل النظام العالمي الجديد، وعلاقة القوى العظمى والقوى الصاعدة عالميا. وبعيدا عن تأثير جهود وضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنهاء الحرب، فإن نقاط الضعف وحالة عدم اليقين لدى الطرفين المتحاربين بالحسم العسكري، إضافة إلى الكلفة البشرية والاقتصادية الهائلة دفعت عددا متزايدا من الروس والأوكرانيين لدعم مفاوضات إنهاء القتال.
تقلبات في موازين القوى والتكتيكات
شهدت السنوات الثلاث الماضية من الحرب في أوكرانيا تقلبات كثيرة في موازين القوى، وتغيرات في تكتيكات القوات الروسية والأوكرانية، والانتقال من وضعية الهجوم إلى الدفاع عدة مرات. ففي بداية الحرب، 24 فبراير/شباط 2022، شنت القوات الروسية هجمات ضخمة، وعلى نطاق واسع من الجهات، بهدف حسم مسار الحرب سريعا. واستطاعت القوات الروسية بالفعل احتلال مساحات شاسعة من الأراضي الأوكرانية من ضمنها مدينة خيرسون الاستراتيجية، والوصول إلى ضواحي العاصمة كييف، خلال الأسابيع الأولى من الحرب، لكن ضعف اللوجستيات المتعلقة بالاتصالات وتأمين العتاد والوقود للقوات المتقدمة، وصمود القيادة الأوكرانية في كييف، ولاحقا تصاعد الدعم الغربي، أدت إلى تغييرات جذرية في طبيعة وشكل المعارك.