تشهد أسواق الذهب موجة صعود قياسية مدفوعة بتوترات جيوسياسية متزايدة، أبرزها السياسات الاقتصادية الصارمة للرئيس الأميركي دونالد ترمب واحتدام الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. في ظل هذه الأوضاع، تتجه المصارف المركزية وصناديق الاستثمار العالمية إلى تعزيز احتياطياتها من الذهب كملاذ آمن من التقلبات الاقتصادية والعقوبات التجارية. ومع ارتفاع الطلب وتراجع قدرة المناجم على تلبية الاحتياجات المتزايدة، تتوقع المصارف العالمية وصول أسعار الذهب إلى مستويات تاريخية تتجاوز 3,200 دولار للأونصة. فهل يصبح الذهب الأداة المثلى للتحوط ضد انهيارات الأسواق، أم أن هذا الصعود مجرد فقاعة تنتهي قريبا؟
دفعت هذه التطورات الأسواق العالمية والمحلية والأفراد نحو تغيير جذري في سياسات الأصول والمعادن النفيسة، مما عزز جاذبية الذهب بوصفه ملاذا آمنا، وكذلك الفضة، وخصوصا بعد التلويح بتهديدات مختلفة والهجمات المتكررة على النظام التجاري العالمي. وكانت الصين من بين الدول التي سارعت باكرا إلى زيادة احتياطياتها من الذهب، إلى جانب دول مجموعة "بريكس"، التي سعت إلى تكوين احتياطيات ذهبية لتعزيز حضورها في هذا التكتل الاقتصادي المهم، كما انضمت إليها مصارف مركزية أخرى، حيث كانت بولندا وهنغاريا والهند من المشترين الرئيسيين للذهب.
الصين تسمح لشركات التأمين بالاستثمار في الذهب
يبدي خبراء ومحللون تفاؤلا كبيرا في شأن أسعار الذهب والفضة. ويُعَد السماح لشركات التأمين الصينية بالاستثمار في الذهب تحولا تاريخيا في السياسة المالية للبلاد، إذ اعتادت بكين فرض قيود صارمة على استثمارات صناديق التأمين، مانعة إياها من الاستثمار في الأصول التي لا توفر عائدا نقديا ثابتا.
لكن مع تزايد التقلبات الاقتصادية والتحديات التي تواجه الأسواق المالية، أصبح الذهب الخيار الأكثر أمانا وجاذبية لهذه المؤسسات الاستثمارية الضخمة. وكانت الصين لجأت إلى الاستثمار في الذهب بدلا من السندات الأميركية، للتحوط من تداعيات الحرب التجارية مع الولايات المتحدة. وتُقدَّر استثمارات الصين في سندات الخزانة الأميركية بأكثر من ثلاثة تريليونات دولار، إلا أنها بدأت في تقليص هذه الاستثمارات، إذ باعت جزءا منها مع انتهاء مواعيد الاستحقاق، واستبدلت الذهب بها لتجنب العودة إلى الاستثمار في السندات الأميركية.