بينالي الفن الإسلامي في السعودية... مسعى جمالي إلى "وما بينهما"

500 عمل تستلهم إحدى عبارات القرآن الكريم

Marco Cappelletti, courtesy of the Diriyah Biennale Foundation
Marco Cappelletti, courtesy of the Diriyah Biennale Foundation
عرض كسوة الكعبة كجزء من معرض البداية ضمن بينالي الفنون الإسلامية 2025

بينالي الفن الإسلامي في السعودية... مسعى جمالي إلى "وما بينهما"

تحتضن صالة الحجاج الغربية في مطار الملك عبد العزيز الدولي الممتدة على 450 ألف متر مربع في جدة، خمسمائة عمل فني، بين معاصر وتاريخي، تنتمي إلى عالم الفنون الإسلامية الثري والمتعدد.

حتى 25 مايو/ أيار، تستقبل الصالة التي ألفت احتضان أعداد ضخمة من الحجاج سنويا، أعمالا معارة من أبرز المؤسسات الثقافية داخل السعودية وخارجها، من تونس إلى طشقند الأوزبكية، ومن تمبكتو في مالي إلى يوغياكارتا الإندونيسية، بالإضافة إلى قطع أثرية وفنية من متاحف فرنسية وبريطانية. بالقرب من هذه المجموعات، يقدم فنانون معاصرون أعمال تجهيز وتركيب وعروض تستلهم خصائص الفن الإسلامي في العمارة والرسم والزخرفة والهندسة.

يتحدث الفنان السعودي المعاصر مهند شونو لـ"المجلة" عن اختيار هذه الصالة، التي يصفها بـ"البناء الأيقوني الشبيه بالخيمة"، موقعا للبينالي، قائلا: "إنها تحفة معمارية حازت جائزة الآغا خان للعمارة عام 1983 تقديرا لجمالها المعماري ودورها المحوري كمدخل للمسلمين إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج والعمرة. في عام 1985، استوعب المكان زهاء مليون حاج سنويا". ويضيف شونو، القيّم على الفن المعاصر في البينالي: "تستقبل جدة، هذه المدينة الساحلية التاريخية، من جديد، أصواتا متفرقة تتوحد لتشكل طرقا جماعية للتعبير عن الفن المعاصر والإسلام".

تنطلق التظاهرة تحت عنوان "وما بينهما"، وهي شبه جملة تكررت 21 مرة في آيات مختلفة من القرآن الكريم، واصفة المساحة بين السماء والأرض، حيث يتجلى ما لا يمكن تصوره أو تمثله، والمفتوحة لـ"سعي الإنسان لفهم جمال وروعة ما أبدعه الخالق"، وفقا لبيان البينالي.

تكررت "وما بينهما"، 21 مرة في آيات مختلفة من القرآن، واصفة المساحة بين السماء والأرض، حيث يتجلى ما لا يمكن تصوره أو تمثله

أما اختيار "وما بينهما" كموضوع، فيتمحور، وفقا لشونو، حول "ابتكار فضاء واسع، وشامل ومتعدد الطبقات، فضاء يفسح المجال لأساليب متنوعة في النظر، ولخيال جماعي، ولإعادة قراءة وتفسير مجموعة من الأفكار الجديدة".

الفن الإسلامي كفن معاصر

هذه هي النسخة الثانية من التظاهرة التي تنظمها "مؤسسة بينالي الدرعية"، وعنها يقول الباحث في الفن الإسلامي جوليان رابي، وواحد من ثلاثة مديرين فنيين للبينالي: "سعت النسخة الأولى إلى تحديد ماهية بينالي الفنون الإسلامية، أما هذه النسخة فتبني على تلك الأسس بطموح أكبر. لقد وسعنا نطاق المؤسسات والفنانين المشاركين، ونعرض قطعا لم تسبق رؤيتها من مكة والمدينة. كما أن النهج التنظيمي يواصل خلق حوار بين القطع الأثرية التاريخية والأعمال المعاصرة".

Marco Cappelletti, courtesy of the Diriyah Biennale Foundation
يظهر في المقدمة "بوابات ناعمة" (2024) لحياة أسامة، وفي الخلفية "اطوِ سجادة الصلاة في رحلتك" (2021) لنور جودة

يحمل مصطلح "الفن الإسلامي" في حد ذاته وزنا تاريخيا قد يوحي بأننا أمام أعمال تراثية وقطع تاريخية فحسب، لا سيما أن المصطلح نفسه كتعبير عن نطاق واسع من أعمال منشأها البلاد الإسلامية نشأ كتصنيف استخدمته المتاحف الغربية لوصف مقتنياتها من تلك البلدان، ثم تطور ليأخذ معاني أكثر خصوصية. فكيف يمكن اليوم فهم الفن الإسلامي كفن معاصر؟ نسأل مهند شونو، الذي يرى أن "الإسلام نظام حي ومعيش، له دور أساسي في تشكيل السرديات الثقافية وفي تجارب مليارات الأشخاص حول العالم. فهو متداخل في النسيج الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي عاش فيه الفنانون أو لا يزالون يعيشون فيه، أو يمرون عبره، أو يزورونه، أو يعتبرونه وطنهم. هذا العالم هو الماضي للبعض، وهو الحاضر المعيش للكثيرين. وفي طبيعة الحال، يجد الإسلام طريقه إلى قضايا عصرنا وسردياته، محفزا على التأمل في التاريخ، وإعادة النظر في الأرشيف، واستدعاء الذاكرة، والحلم بآفاق جديدة للتعبير. إنه يلون، ويؤثر، ويلهم، وهو حاضر دائما، في الوعي واللاوعي".

وفي زمن غالبا ما تصاغ فيه السرديات الثقافية على يد مؤسسات بعيدة، ويقدم الإسلام في التيارات الغربية السائدة كأنه دين معادٍ للجمال والثقافة والفنون، تصبح الحاجة ملحة إلى إبراز البعد الجمالي في الثقافة الإسلامية الذي شكلته عبر التأثر والتأثير المتبادل بينها والثقافات المجاورة، مقتبسة منها ومضيفة إليها. يصف رابي، المتخصص في الفن الإسلامي بجامعة أكسفورد، هذه العلاقة التفاعلية بأنها مستمرة، موضحا أنه "وعلى عكس المعارض التقليدية، يركز هذا البينالي على العلاقة العميقة بين الروحانية والإبداع، وكيف تتداخل المعتقدات والثقافة والممارسات الفنية وتواصل التداخل. إنه يتحدى الفكرة القائلة بأن الفن الإسلامي محصور في الماضي، ويبرز استمرارية أهميته وتطوره في الحاضر".

يجد الإسلام طريقه إلى قضايا عصرنا وسردياته، محفزا على التأمل في التاريخ، وإعادة النظر في الأرشيف، واستدعاء الذاكرة، والحلم بآفاق جديدة للتعبير

مهند شونو

وعن تعدد الحضارات التي أنتجت الفنون الإسلامية وتمثيلها في صالات العرض المختلفة، يوضح رابي: "الفن الإسلامي متنوع في طبيعته، إذ أنه تشكل عبر جغرافيات وثقافات واسعة احتضنت الإسلام على مدى قرون. يعكس هذا البينالي ذلك من خلال عرض مقتنيات ومخطوطات وأعمال فنية من مؤسسات في مختلف أنحاء العالم الإسلامي—من غرب أفريقيا إلى آسيا الوسطى، ومن الشرق الأوسط إلى جنوب شرق آسيا. كما أن مشاركة الفنانين المعاصرين من خلفيات متعددة تعزز هذه الفكرة، مما يوضح أن التعبير الفني الإسلامي هو تقليد حي ومتطور، وليس مجرد نمط جمالي واحد".

البينالي كتجهيز فني

يبدو تنظيم البينالي في حد ذاته عملا تركيبيا. ثمة مساحات مفتوحة وأخرى مغلقة، يتواتر فيها العبور بين الأزمنة والأمكنة، وبين التاريخ والراهن. وكأن التنظيم نفسه، في مكان حدودي كالمطار—المخصص لعبور الحجاج من الحياة اليومية إلى رحلة مقدسة—يعيد التفكير في الفن باعتباره منطقة بينية وعلاقاتية بين ما كان، وما هو قائم، وما يمكن تصوره.

Marco Cappelletti, courtesy of the Diriyah Biennale Foundation
"بين كل سماء" (2024) لعبد القادر بنشما

يلبي تقسيم البينالي إلى أربعة أقسام—"البداية" (القلب)، و"المدار" (العقل)، و"المقتني" (اليدان)، و"المظلة"—الرؤية التي وضعها المديرون الفنيون: جوليان رابي، وأمين جعفر، وعبد الرحمن عزام. ثمة ملمح صوفي في النهج ذاته، ففي كل قسم صالات عرض، وفي كل صالة ثيمات مختلفة، وفي كل ثيمة أعمال، وفي كل عمل معنى أو معان، ولكل معنى تأويلات شتى. إنها حالة دورانية تتحاور من خلالها الأقسام الموزعة على خمس صالات مع عبارة "وما بينهما"، التي ألهمت ثيمات المعارض كافة، إذ تشير إلى العلاقة بين الإنسان وفهمه للسماء والأرض وما بينهما من خلق.

يقول د. عبد الرحمن عزام: "ندرك ضمنيا أن الكلمات تظل محدودة عندما نتحدث عن المقدس والإلهي، إذ لا يمكننا أن نشرح القداسة بالكلمات. لذلك، يفسر كل مدير فني هذا المفهوم بطريقته الخاصة من خلال صالة العرض المسؤول عنها ورؤيته الخاصة".

Marco Cappelletti, courtesy of the Diriyah Biennale Foundation
"أصداء السماء" (2025) لتييمو ناصري

"البداية": ما يمكن ولا يمكن إدراكه

يقسم جوليان رابي جناح "البداية" قسمين: في الأول، تتمثل ثيمة المقدس في الملموس من خلال عرض قطع مقدسة من مكة والمدينة حصرا. أما الجانب الآخر، فهو المقدس بما يتجاوز الأشياء المادية، "وهذا ممكن فقط بفضل الفنانين المعاصرين"، كما يقول رابي.

بحسب وصف الرسالة الفنية للبينالي، يشمل قسم "البداية" ما هو محسوس وغير محسوس، أي المادي والمعنوي. ففكرة التأمل في المعنوي داخل معرض مادي تبدو متناقضة، إذ تحاول أن تصف ما لا يمكن وصفه أو إدراكه. لكن البينالي لا يسعى إلى عرض تحف أثرية إسلامية فحسب، بل إلى إثارة التفكير في المعاني والقداسة التي تحملها.

مشاركة الفنانين المعاصرين من خلفيات متعددة تعزز هذه الفكرة، مما يوضح أن التعبير الفني الإسلامي هو تقليد حي ومتطور، وليس مجرد نمط جمالي واحد

جوليان رابي

تتوزع الأعمال في "البداية" تحت عناوين: "اقرأ"، و"ذو الجلال والإكرام"، و"الولي"، و"الخالق". ويضم الجناح مقتنيات من مجمع الملك عبد العزيز للمقتنيات الوقفية، من أبرزها نسخة نادرة من القرآن الكريم خطت في الهند على ورق خاص بحجم كبير، بغلاف مرصع بالجواهر. كما يعرض فيه المدرج المتحرك الفخم، المصنوع في جنوب الهند على طراز عمارة الباروك، الذي صمم خصيصا لصعود الرجال إلى الكعبة، فيما استخدم مدرج آخر للنساء. وقد بدأ استعمال هذا المدرج في مكة عام 1826 حتى عام 1946. بجانب ذلك، يضم الجناح كسوات داخلية وخارجية للكعبة، وإطارا فضيا للحجر الأسود، إضافة إلى مخطوطات قرآنية ونفائس أخرى من مقتنيات المجمع والمكتبات الوقفية السعودية.

أما في جانب الأعمال المعاصرة، فيعرض تركيب "قبل السماء الأخيرة" للفنانة الليبية نور جعودة، التي تستخدم فيه منسوجات مصبوغة يدويا لتمثيل حركات الركوع والسجود والجلوس في الصلاة، متأملة في مساحة سجادة الصلاة التي تنقل المرء من العالم اليومي المادي ضمن نطاق محدود إلى عالم المقدس اللامادي.

Marco Cappelletti, courtesy of the Diriyah Biennale Foundation
"ذلك الذي كان طعمه مرا في البداية" (2025) لتشاري تساي

كما تحضر الفنانة السعودية حياة أسامة من خلال عملها "بوابات ناعمة"، الذي جمعت فيه بقايا الأقمشة من محيطها في أحد أحياء الرياض، وصنعت لفافات من هذه الأقمشة الملونة والمناسباتية اللامعة. تركز أسامة، في ممارساتها الفنية، على الطبيعة الزائلة للمادة، من جهة، وعلى العلاقات الإنسانية والاجتماعية التي تقف خلف كل ما هو مادي، من جهة أخرى.

إلى جانب ذلك، يضم الجناح أعمال تركيب وتجهيز للفنانين سعيد جبعان، وعبد القادر بن شامة، وآصف خان، الذين يقدمون قراءات معاصرة للمقدس من خلال وسائط فنية متعددة.

"المدار" بلغة غير منطوقة

ما أن تصل إلى "المدار" حتى يستقبلك الإصطرلاب، معلنا دخولك إلى مسارات متشعبة. هنا يجد الزائر نفسه بين مخطوطات وخرائط نادرة، وقطع ذات صلة بالهندسة والفلك والنسيج. وقد اختيرت معروضات هذه القاعة بعد ورش عمل جمعت المنظمين بممثلي أكثر من ثلاثين مؤسسة ثقافية من عشرين دولة. ولم يكتف بينالي الفن الإسلامي بإحضار هذه القطع المعارة إلى جدة، بل سعى إلى تمكين هذه المؤسسات من رواية قصصها بنفسها، بحيث تعكس هويتها الخاصة. تعيد صالة عرض "المدار" جمع قطع تمثل حقبة واحدة أو مكانا واحدا، لكنها تفرقت عبر الزمن بين جهات شتى حول العالم.

Marco Cappelletti, courtesy of the Diriyah Biennale Foundation
مشهد من "بينالي الفن الإسلامي"

يتمحور "المدار" حول فهم الإنسان للخلق من خلال فن الأرقام، التي يصفها د. عبد الرحمن عزام بأنها "اللغة غير المنطوقة التي يتشاركها الجميع". يقول عزام في حديث منشور على موقع البينالي: "اخترنا الأرقام لأنها تجمع بين التجريد والدقة"، وهما العنصران اللذان تبرزهما الصالتان الثالثة والرابعة في البينالي. ويضيف: "تحقق الأرقام وظيفتين أساسيتين تجسدها الصالة الرابعة؛ أولا، كيف استخدمها الإنسان لفهم نظام الكون. وثانيا، كيف ساعدته في تحديد الاتجاهات، سواء في الملاحة أو التجارة أو السفر، وكلها تعتمد على الحسابات الرقمية".

يفسر كل مدير فني مفهوم المقدس بطريقته الخاصة من خلال صالة العرض المسؤول عنها ورؤيته الخاصة

عبد الرحمن عزام

يستكشف "المدار" موضوعات مثل التماثل، والتصميم، والأنماط، والآلات الموسيقية، والأنماط الهندسية في السجاد، والتصاميم المعمارية، موزعة تحت ثيمات متعددة، منها "العلوم والنجوم"، "الإيمان والإحسان"، "عبر البر والبحر"، "التنميق والتزويق"، "الرموز المكنونة"، و"التصميم والتفخيم". ومن أبرز القطع المعروضة في هذا القسم خريطة نادرة لنهر النيل تعود إلى القرن العاشر الميلادي، ورسومات مخطوطات الفلك لعبد الرحمن الصوفي، وكرة سماوية صنعها محمد مقيم اللاهوري في القرن السابع عشر، وإصطرلاب من القرن الثالث عشر مزود بتقويم ومرصع بصور الأبراج.

أما في الأعمال المعاصرة، فيعرض العمل التركيبي التفاعلي "عضادة" للفنان العراقي مهدي مطشر، المستوحى من فكرة الإصطرلاب وفلسفته. كما يعرض عمل "ذاك الذي يكون مرا في بداياته" للفنانة التايوانية شاروي تساي، حيث تحاكي لوحاته الأشكال الزخرفية لطبق يعود إلى سمرقند في القرن الحادي عشر الميلادي، والمحفوظ حاليا في متحف اللوفر. ويشارك الفنان الإيراني الألماني تيمو ناصري بعمله "أصداء السماء"، المستوحى من الشعر الفارسي في القرن الثاني عشر الميلادي. في هذا التركيب الهندسي الدقيق، استخدمت قطع المرايا لتعكس طيورا مجازية تبحث عن ملكها الأسطوري "السيمرغ".

Marco Cappelletti, courtesy of the Diriyah Biennale Foundation
مشهد من "بينالي الفن الإسلامي"

"المقتني"... نفائس وفروسية

هنا، في الصالة الخامسة، التي تمثل بحسب مديرها أمين جعفر لموضوع الخلق والجمال. وتضم مقتنيات من مجموعتين بارزتين للقطع الأثرية والفنية الإسلامية.

المجموعة الأولى هي مجموعة الشيخ حمد آل ثاني، التي تحتضن منمنمات صفوية ومغولية، وقطعا أموية مثل الأطباق المزخرفة والمنقوشة، إلى جانب "شمعدان إيمورفوبولوس" المملوكي الذي يعكس براعة صناعة الزجاج المملوكي ورهافته. ومن العصر المغولي، يبرز كأس جهانكير، وهو قطعة منحوتة من اليشب ومنقوشة بأبيات شعرية وألقاب الحاكم. كذلك، تشمل المجموعة إحدى أقدم القطع المعدنية المطعمة التي وصلتنا من صدر الإسلام، وهي طبق يحتفي بنهر النيل، مزخرف بنقوش تمثل القوارب والأسماك والبط. كما تضم المجموعة أحجارا كريمة، وقطعا من الجواهر، وكريستالات نادرة.

أما المجموعة الثانية، التي تعود إلى رفعت مدحت شيخ الأرض، فتركز على الفروسية، كاشفة عن قطع تجسد القوة العسكرية والسياسية والجسدية. من أبرز معروضاتها سيف سلجوقي، وخنجر يعود لمحارب صليبي، ودرع السلطان المملوكي إينال، وخنجر صفوي مطعم بالنقوش، إلى جانب أقنعة حرب إيرانية وتركية. إلا أن هذه المجموعة لا تقتصر على مقتنيات الفروسية فحسب، بل تشمل أيضا قطعا استثنائية، مثل الطاووس البرونزي العائد إلى القرن الخامس الهجري، وورقة نادرة من المصحف الأزرق المبكر، ووعاء "أعجوبة الزمان"، ومحبرة أثرية تعكس فنون الخط والزخرفة الإسلامية.

Marco Cappelletti, courtesy of the Diriyah Biennale Foundation
مشهد من "بينالي الفن الإسلامي"

"المظلة" عودة إلى الحديقة الإسلامية

تشكل "المظلة"، وهي المساحة الخارجية للصالة الغربية حيث يقام البينالي، استعادة لمفهوم "الحديقة الإسلامية"، مستلهمة نموذج "شار باغ" الشائع في جنوب آسيا، الذي يقسم المساحة أربعة أجزاء تفصلها مسارات متقاطعة في المنتصف. خصص البينالي هذه المساحة المفتوحة لأعمال الفن المعاصر، حيث كُلف فنانون وفنانات إبداع أعمال خصيصا لهذه التظاهرة، ضمن رباعية تحمل عناوين: "المدخل والمسار"، "الفهم والمعرفة"، "التأمل والتجديد"، و"التجمع والمجتمع".

يحرر البينالي الفن الإسلامي من أن يكون زمنا أو مساحة أو ماضيا محفوظا في زجاج المتاحف، كأنه محاولة لمحو الحدود بين التاريخي والمعاصر، بين المادي واللامادي

يعرض أكثر من ثلاثين فنانا وفنانة معاصرين اقتراحاتهم الجمالية والبصرية، وقد جاء اختيارهم، وفقا لشونو، بغرض "جمع أصوات متنوعة دون التزام تعريف صارم، بل كدعوة للعودة إلى جدة التاريخية، حيث تتلاقى الأصوات المختلفة لتشكل سبلا جماعية للتعبير عن الفن المعاصر والإسلام". ويشير شونو لـ"المجلة" إلى أن الوقت حان "ليعيد الفرد، كجزء من المجتمع، تفكيك وإعادة بناء تصوراتنا حول السردية الأحادية في هذه النسخة من البينالي".

تسعى التركيبات الفنية في "المظلة" إلى اكتشاف الذات من خلال تجربة مادية قائمة على حركة الجسد في فضاء معين. في هذا السياق، تعيد الفنانة راية قسيسية تصميم حديقة الورد الخاصة بجدتها الفلسطينية، بينما يستلهم بلال علاف تجربة السيدة هاجر في عرضه المصور في الصحراء على مدى 24 ساعة.

Marco Cappelletti, courtesy of the Diriyah Biennale Foundation
مشهد من "بينالي الفن الإسلامي"

كما تتناول الأعمال العلاقة بين الإنسان والطبيعة، سواء عبر أصواتها أو غطائها النباتي. ففي هذا الإطار، يقدم الثنائي اللبناني جوانا حاجي توما وخليل جريج "حديقة معلقة"، بينما تعرض آلاء يونس عملا حول زراعة الزهور في غزة، حيث تتبع دورة حياة الأزهار خلال سبعة أيام بين قطفها وبيعها في السوق الدولي.

وإلى جانب هذه المجموعة، تعرض تجهيزات فنية للفنانات والفنانين فاطمة عبد الهادي وناصر الزياني وأحمد عنقاوي وغبريال تشايلي ولويس غيوم وبشائر هوساوي، هايلوزويك/ ديزايرز (هيمالي سينغ سوين وديفيد سوين تابيسير)، وتمارا كالو ولوسيا كوخ وتاكاشي كوريباياشي وأحمد ماطر ونوهيمي بيريز وعمران قريشي وأنهار سالم وأركانجيلو ساسولينو وسلافز أند تترز وإقراء تنوير وإحسان الحق وشاروي تساي وعاصم واقف وعثمان یوسفزاده.

يحرر البينالي الفن الإسلامي من أن يكون زمنا أو مساحة أو ماضيا محفوظا في زجاج المتاحف، كأنه محاولة لمحو الحدود بين التاريخي والمعاصر، بين المادي واللامادي، مقترحا فكرة الفن كتجربة لا تنتهي.

font change

مقالات ذات صلة