كاتب "قانون قيصر" لـ"المجلة": ترمب يستطيع تعليقه... وتصنيف "تحرير الشام" على قائمة الإرهاب يُعقّد الأمر (2 من 2)

المسؤول الأميركي السابق مات زويغ يتحدث عن كيفية إلغاء التشريع

أ.ف.ب
أ.ف.ب
قيصر الذي يرتدي سترة زرقاء يدلي بشهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي في 31 يوليو 2014

كاتب "قانون قيصر" لـ"المجلة": ترمب يستطيع تعليقه... وتصنيف "تحرير الشام" على قائمة الإرهاب يُعقّد الأمر (2 من 2)

لندن – بعدما تناولت الحلقة الأولى من حديث المسؤول الأميركي السابق مات زويغ، المعروف بأنه "كاتب قانون قيصر" إلى "المجلة"، سلة العقوبات على سوريا وولادة "قانون قيصر" وأهدافه، تتناول الحلقة الثانية والأخيرة احتمال إلغاء "قانون قيصر" بعد سقوط نظام الأسد وتسلم نظام سياسي جديد في سوريا.

وأوضح: "هناك آليتان رئيستان لرفع العقوبات. الأولى من خلال سلطة الإعفاء الواسعة بموجب (قانون قيصر)، والتي تسمح للإدارة بتعليق تطبيق بعض العقوبات إذا رأت أن ذلك يخدم المصلحة القومية للولايات المتحدة. أما الآلية الثانية فهي التعليق الكلي للقانون، وهو أمر مختلف تماما".

وقال زويغ: "يمكن لترمب تعليق (قانون قيصر) بالكامل، لكن مسألة ما إذا كان سيفعل ذلك تعتمد على ما إذا كانت الإدارة ستقرر أن جميع معايير التعليق قد تم استيفاؤها"، لافتا إلى احتمال أن تبقي إدارة دونالد ترمب العقوبات كـ"أداة سياسية".

وأشار المسوول الأميركي السابق، إلى "عامل معقد آخر يتمثل في أن بعض الفصائل داخل الحكومة الانتقالية المشكّلة حديثا لا تزال مصنفة كمنظمات إرهابية أجنبية (FTO) أو كيانات إرهابية عالمية محددة بشكل خاص (SDGT). هذه التصنيفات تمثل عقبات قانونية عميقة، مما يجعل رفع أو تعديل العقوبات أمرا صعبا للغاية، من دون التعامل مع أطر قانونية متعددة". وأشار أيضا إلى أنه لا بد من البدء بإزالة تصنيف "هيئة تحرير الشام" من قوائم الأمم المتحدة للتنظيمات الإرهابية.

وكانت الفصائل الرئيسية اجتمعت في 29 يناير/كانون الثاني، واتخذت سلسلة قرارات بينها "حل جميع الفصائل" والعمل على تأسيس جيش وطني، ما اعتبر حلا لـ "هيئة تحرير الشام".

وهنا الحلقة الثانية والأخيرة من الحوار:

* "قانون قيصر" كان يستهدف نظام الأسد، ولكن الآن بعد سقوط النظام، ما رأيك؟ هل ينبغي أن يظل القانون ساريا أم أن يُرفع؟

- هذا أحد الأسئلة الكبرى التي أبحث عن إجابة لها. بصراحة، لا أملك رأيا قاطعا في الوقت الحالي. بالنظر إلى الوضع الحالي، فإن الكثير من الأنشطة التي بررت في الأصل التطبيق الواسع لعقوبات "قانون قيصر" قد توقفت. لذا، إلغاء القانون بالكامل ليس ضروريا، ولكن تعليق تنفيذه قد يكون خيارا مطروحا.

من الضروري الإبقاء على أدوات الضغط لضمان استمرار التغيير السلوكي على المدى الطويل

هناك معضلة مشابهة تتعلق بـ"قانون محاسبة سوريا"، فعلى سبيل المثال، لم يعد النظام يدعم "حماس" أو "حزب الله". ومع ذلك، لا يزال هناك تساؤل حول ضمان عدم استمرار الجماعات الإرهابية في العمل من داخل سوريا. كذلك، أنهى النظام احتلاله للبنان، وأوقف تطوير الصواريخ وأسلحة الدمار الشامل، وتوقف عن دعم الأنشطة الإرهابية في العراق. عند النظر في معايير تعليق أو إنهاء هذه العقوبات، لا يزال الوقت مبكرا لتقييم الوضع بشكل نهائي.

هناك عامل معقد آخر يتمثل في أن بعض الفصائل داخل الحكومة الانتقالية المشكّلة حديثا لا تزال مصنفة كمنظمات إرهابية أجنبية (FTO) أو كيانات إرهابية عالمية محددة بشكل خاص (SDGT). هذه التصنيفات تمثل عقبات قانونية عميقة، مما يجعل رفع أو تعديل العقوبات أمرا صعبا للغاية، من دون التعامل مع أطر قانونية متعددة.

المسؤول الأميركي السابق مات زويغ

* بما أن هذه قضية معقدة، دعنا نحللها جزءا تلو الآخر...

- بالتأكيد. عند النظر في رفع العقوبات أو تعديلها، فإن المبدأ الأول الذي يجب أخذه في الاعتبار هو أن تخفيف العقوبات يجب أن يعتمد على تغييرات فعلية في السلوك والوضع القائم. الكثير من العقوبات التي تستند إلى وضع النظام لم تعد تنطبق. ولكن عندما يتعلق الأمر بالعقوبات السلوكية، يبقى السؤال: هل حدث تغيير كاف؟

* النظام نفسه سقط وتغير...

- المبدأ الأساسي الآخر هو الحفاظ على النفوذ. بعد الانتقال السياسي، من الضروري الإبقاء على أدوات الضغط لضمان استمرار التغيير السلوكي على المدى الطويل. وبالنسبة للمعنيين بالعقوبات، من المهم وضع توقعات واقعية– لأن رفع العقوبات لن يحل تلقائيا مشاكل التمويل غير المشروع أو يقضي على كل المخاطر المالية.

لا تزال إدارة ترمب في مرحلة ترتيب أمورها وتسعى إلى تحديد موقفها من تخفيف العقوبات. ومن المرجح أن يكون لهذه العملية تأثير كبير على كيفية المضي قدما

خذْ مثلا البنوك السورية، إذا تم فتحها أمام التدقيق الدولي، فهل تعلم ما هي نسبة القروض المتعثرة في دفاترها؟ ما مقدار الأصول السامة الموجودة في سجلاتها؟ نحن لا نعلم. وهذا يشكل مخاطرة مالية ضخمة بحد ذاته. وأخيرا، كسب دعم الشركاء أمر حاسم. من الضروري التأكد من أن جميع الأطراف، سواء المحلية أو الدولية، متفقة على الخطوات القادمة. حاليا، لا تزال إدارة ترمب في مرحلة ترتيب أمورها وتسعى إلى تحديد موقفها من تخفيف العقوبات. ومن المرجح أن يكون لهذه العملية تأثير كبير على كيفية المضي قدما.

ومع ذلك، أريد أن أعيد التأكيد أكثر على أن العقبة الأكبر لا تزال تصنيف بعض الأطراف باعتبارها منظمات إرهابية أجنبية أو كيانات إرهابية عالمية محددة بشكل خاص. هذه مشكلة قانونية ودبلوماسية معقدة للغاية لا تزال بحاجة إلى حل.

* "قيصر" نفسه صرح بأنه دعم وساند عقوبات "قانون قيصر"، لكنه الآن يطالب الولايات المتحدة برفعها. هل هذا ممكن حقا؟

- نعم، هذا ممكن.

* كيف يمكن ذلك إذن؟

- هناك آليتان رئيستان لرفع العقوبات. الأولى من خلال سلطة الإعفاء الواسعة بموجب "قانون قيصر"، والتي تسمح للإدارة بتعليق تطبيق بعض العقوبات إذا رأت أن ذلك يخدم المصلحة القومية للولايات المتحدة.

يمكن لترمب تعليق "قانون قيصر" بالكامل، لكن مسألة ما إذا كان سيفعل ذلك تعتمد على ما إذا كانت الإدارة ستقرر أن جميع معايير التعليق قد تم استيفاؤها

* لمدة محدودة، 90 يوما مثلا؟

- نعم، لكن هذه الإعفاءات تُطبَّق على أفراد وكيانات محددة فقط، وليست إلغاءً شاملا للعقوبات– أي يُنظَر في كل حالة على حدة. تتولى وزارة الخارجية مسألة الإعفاءات، بينما تُصدِر وزارة الخزانة التراخيص اللازمة. هاتان الآليتان تعملان معا.

أما الآلية الثانية فهي التعليق الكلي للقانون، وهو أمر مختلف تماما.

* هل يتطلب ذلك تصويتا في الكونغرس؟

- لا... يملك الرئيس سلطة إبلاغ الكونغرس بأن المعايير المطلوبة لتعليق "قانون قيصر" قد تحققت. وإذا فعل ذلك، يمكن تعليق القانون بالكامل وإيقاف جميع العقوبات المرتبطة به.

أ.ف.ب
خلال الاستماع إلى شهادة "قيصر" أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، في 31 يوليو 2014 في واشنطن

* إذن، لدى ترمب السلطة للقيام بذلك؟

- نعم، لديه هذه السلطة.

* هل تعتقد أن ذلك ممكن سياسيا؟

- بصراحة، لا أعلم.

* وماذا عن "هيئة تحرير الشام"؟ كما ذكرت، هي الجهة الحاكمة الآن، وهي ما زالت مصنفة كمنظمة إرهابية. وهناك أيضا قرار من مجلس الأمن الدولي بهذا الشأن، صحيح؟

- نعم، وهذا عامل مهم للغاية.

* كيف ذلك؟

- هل تستطيع أن تذكر أي منظمة صُنِّفت من قبل مجلس الأمن الدولي ولكن لم تُصنَّف من قبل الولايات المتحدة؟ هذه العملية عادة ما تكون مترابطة جدا.

* إذن، الأمر معقد. ينبغي أولا إزالة تصنيف "هيئة تحرير الشام" في الأمم المتحدة، ثم ربما تتبعها الولايات المتحدة؟

- نعم، لكن فقط إذا لم تعد "هيئة تحرير الشام" تُعتبر منظمة إرهابية.

* هل تعتقد أن هذا ممكن سياسيا؟

- في السياسة، كل شيء ممكن، لكنني أعتقد أنه شديد الصعوبة.

* هناك من يقول إن بعض الدول العربية قد تحاول الضغط على ترمب لرفع العقوبات وتعليق "قانون قيصر" بالكامل. هل تعتقد أن ذلك قد يحدث؟

- يمكن لترمب تعليق "قانون قيصر" بالكامل، لكن مسألة ما إذا كان سيفعل ذلك تعتمد على ما إذا كانت الإدارة ستقرر أن جميع معايير التعليق قد تم استيفاؤها. يحدد القانون بوضوح العملية المطلوبة لذلك، وعند فحصه بندا بندا، يمكن نظريا تقديم مبررات لهذا القرار. على سبيل المثال، يمكن الادعاء بأن نظام الأسد لم يعد موجودا، وأن القوات الروسية والإيرانية لم تعد تقصف المستشفيات، وأن الظروف الأصلية التي بررت فرض العقوبات لم تعد قائمة. ومع ذلك، لا تزال هناك شروط أساسية غير مستوفاة، لا سيما مسألة العودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين، بالإضافة إلى القضية العالقة للعدالة الانتقالية. السؤال الحقيقي هو: ما الذي يجب أن تفعله الحكومة السورية الجديدة لتحقيق هذه المعايير، وكم سيستغرق ذلك من الوقت؟

يبدو أن عقوبات "قانون قيصر" أصبحت أثرا من حقبة سابقة– فالواقع السياسي قد تغير بالكامل. لكن هذا لا يعني أن رفعها لن تكون له عواقب

أكره أن أقول ذلك، ولكن هذه العملية معقدة للغاية. وأعتقد أن إحدى نقاط الضعف الرئيسة لدى الحكومة الأميركية هي عدم وضوحها في تحديد التوقعات وعدم توضيح الخطوات اللازمة لاتخاذ قرار برفع العقوبات كليا أو جزئيا. وهناك أيضا عامل التوقيت. فقد حدث هذا التغيير في الوقت الذي كانت فيه إدارة أميركية جديدة تتولى السلطة. ولو حدث ذلك قبل ستة أشهر أو بعد ستة أشهر، لربما كان مسار صنع القرار أكثر تنظيما ووضوحا.

* هل بدأت العملية؟

- أعتقد ذلك، لكن لا يمكنني الجزم.

* على المستوى الشخصي، هل تؤيد رفع العقوبات أم لا؟

- جزئيا. لكن العقوبات ليست سوى أداة واحدة ضمن استراتيجية أوسع. ما نحتاج إلى التركيز عليه حقا هو ضمان حصول السوريين على رأس المال، وفي الوقت نفسه تقليل مخاطر تمويل الإرهاب. نحن أمام مرحلة جديدة، والوصول إلى التمويل أمر ضروري، لكن رفع العقوبات– سواء كان كليا أو جزئيا– لن يحل هذه المشكلة تلقائيا.

بدلا من ذلك، يجب أن نبحث عن آليات بديلة، مثل المؤسسات المالية الخارجية أو أطر جديدة تتيح للسوريين الوصول إلى رأس المال دون تفاقم مخاطر التمويل غير المشروع. من وجهة نظري، هذا هو التحدي الأكثر إلحاحا.

في مرحلة ما، يجب أن تكون العقوبات جزءا من النقاش، لكنها لا ينبغي أن تهيمن عليه.

رويترز
صورة متضررة للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد بعد الاطاحة بنظامه، في القامشلي، سوريا، 8 ديسمبر 2024

* إذن، هل تعتقد أنه ينبغي رفع عقوبات "قانون قيصر"؟

- بمنظور موضوعي، من المحتمل أن تُرفَع فعلا– كليا أو جزئيا. لكننا لم نتطرق بعد إلى تداعيات وجود منظمة على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، أو مصنفة كإرهاب عالمي خاص، وكيان مصنف إرهابيا من قبل الأمم المتحدة على رأس الحكومة السورية. وهذا يطرح مجموعة مختلفة تماما من المخاطر القانونية والمالية.

من بعض النواحي، يبدو أن عقوبات "قانون قيصر" أصبحت أثرا من حقبة سابقة– فالواقع السياسي قد تغير بالكامل. لكن هذا لا يعني أن رفعها لن تكون له عواقب. هكذا أرى الأمر.

* إذن، الأمر أكثر تعقيدا مما يبدو؟

- إنه معقد للغاية. المسألة الأساسية هي الوصول إلى رأس المال، وأعتقد أنه ينبغي علينا استكشاف حلول مبتكرة- مثل آليات الإقراض الخارجية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. يمكن أن تساعد هذه الحلول في بناء البنية التحتية المالية اللازمة للتعافي الاقتصادي على المدى الطويل، مع تقليل مخاطر تمويل الإرهاب على المدى القصير. أعتقد أن التركيز يجب أن يتحول نحو ضمان وصول السوريين إلى رأس المال قبل مناقشة تخفيف العقوبات، بما في ذلك معالجة قضايا مثل غسيل الأموال والرقابة على الصادرات. لكن هذه مجرد وجهة نظري.

وهذا نقاش مختلف تماما عن الذي كنا نخوضه لسنوات.

font change

مقالات ذات صلة