الأمن الغذائي العربي... معضلة مزمنة تشتد أوجاعها في رمضان

التضخم، والنزاعات الجيوسياسية، وتقلبات الأسواق العالمية تهدد استقرار أسعار الغذاء مع دخول شهر الصوم... فهل من حلول؟

رويترز
رويترز
تفاقم معاناة الفلسطينين وسط استمرار شح المواد الغذائية في قطاع غزة

الأمن الغذائي العربي... معضلة مزمنة تشتد أوجاعها في رمضان

يشهد الأمن الغذائي في العالم العربي تهديدات متزايدة بفعل التضخم العالمي، والنزاعات السياسية، والتوترات التجارية، مما يؤدي إلى اضطرابات مستمرة في أسعار المواد الغذائية. وبينما تسعى بعض الدول إلى زيادة المخزونات الغذائية الاستراتيجية، تواجه أخرى نقصا حادا بسبب الأزمات الاقتصادية وشح الموارد. ومع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية والتوترات في الشرق الأوسط، يظل الغذاء في قلب معركة اقتصادية حاسمة، إذ تحاول الحكومات تحقيق الاكتفاء الذاتي وسط ضغوط متزايدة. فهل تستطيع الدول العربية تجاوز هذه العاصفة الغذائية أم أن الأزمة ستتفاقم في الأعوام المقبلة؟

تنعكس الضغوط التضخمية المترتبة على قرارات والتعريفات الجمركية لسيد البيت الأبيض، والأوضاع الجيوسياسية، والتوترات في الشرق الأوسط، واستمرار الحرب الروسية الأوكرانية سلبا على استقرار أسعار الغذاء في العالم العربي، ولا سيما خلال شهر رمضان، حين يزداد الطلب بشكل كبير على مختلف المنتجات والمواد الغذائية. هذا الأمر يدفع العديد من الدول إلى زيادة مخزوناتها الاستراتيجية من الغذاء، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الدول العربية، التي تواجه تحديات كبيرة في ظل حالة عدم اليقين المتزايدة، التي تساهم في زيادة أخطار التقلبات الاقتصادية.

ومع تصاعد الحروب التجارية، يصبح الأمن الغذائي في خطر، وخصوصا أن إمدادات الغذاء لا تتركز في بلد واحد. فبعض الدول تمتلك منظومات كافية من بعض المواد والمنتجات الغذائية، بينما تعاني بلدان أخرى من نقص للعديد من السلع. لذلك، باتت حركة التجارة والأمن الغذائي مهددين في ظل التطورات غير المسبوقة عالميا، والتي تضع الاقتصاد العالمي على صفيح ساخن، وتساؤلات عن أثر القرارات الأميركية في اقتصادات العالم ومنها الدول العربية.

كانت مصر تعتمد على الزراعة في شمال السودان لتوفير العديد من المحاصيل الزراعية، ومنها القمح، إلا أن تدهور الأوضاع في السودان وتوتر العلاقات مع إثيوبيا حالا دون استمرار ذلك

مع حلول شهر رمضان المبارك، يزداد الطلب على المواد الغذائية، ولا سيما الخضروات والمنتجات المكملة والألبان. على الرغم من وجود العديد من الأطراف الفاعلة الرئيسة في قطاع الغذاء بالمنطقة العربية، تتأثر الأسعار سلبا بالأزمات الجيوسياسية وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، مما يضعف قدرة الدول على تحقيق أمنها الغذائي. يذكر هنا أن مصر، تعاني حاليا من شح المياه نتيجة خلافها مع إثيوبيا في شأن تزويدها حصتها المائية.

الاستيراد حلا طارئا وموقتا

لجأت مصر إلى استيراد العديد من المحاصيل الزراعية من الخارج بسبب الزيادة السكانية ووجود لاجئين على أراضيها، إذ تبلغ تكلفة كل مليون لاجئ نحو ثلاثة مليارات جنيه (59 مليون دولار) للطعام فقط، من دون احتساب تكاليف الخدمات التعليمية والصحية والسكنية. وهذا يشكل ضغطا كبيرا على القاهرة، التي تجد نفسها في مأزق حاد، إذ لا ترغب في التخلي عن هؤلاء اللاجئين نظرا إلى الظروف الصعبة التي تعيشها بلدانهم، والتي تحول دون عودتهم.

.أ.ف.ب
فلاح مصري يجمع محصول حقل القمح، في مقاطعة الجيزة، 17 مايو 2022

في السنوات الماضية، كانت مصر تعتمد على الزراعة في شمال السودان لتوفير العديد من المحاصيل الزراعية، ومنها القمح، إلا أن تدهور الأوضاع السياسية في السودان وتوتر العلاقات مع إثيوبيا حالا دون استمرار هذا النهج. ولذلك، أبرمت مصر أخيرا اتفاقا مع دولة الإمارات العربية المتحدة لمنحها العديد من الأفدنة في منطقة توشكي لاستصلاحها وزراعتها بالقمح. وتستهلك مصر ما بين 12 و16 مليون طن من القمح سنويا، بينما يتوفر لديها نحو تسعة ملايين طن فقط، مما يضطرها إلى تعويض الفجوة من خلال الاستيراد.

يأتي هذا في وقت تسعى الحكومة المصرية إلى زيادة إنتاجها المحلي من المحاصيل الاستراتيجية الأساس بهدف خفض فاتورة الاستيراد وتعزيز الصادرات لدعم مواردها الدولارية. وتستهدف مصر زيادة المساحة المزروعة إلى 11 مليون فدان في السنة المالية 2026-2027، مقارنة بنحو 10 ملايين فدان في السنة المالية الجارية. كما تهدف إلى رفع نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح إلى 53 في المئة في 2026-2027، مقارنة بـ49 في المئة حاليا.

تعتمد المنطقة العربية بدرجة كبيرة على القمح المستورد، وتؤمن مصر احتياجاتها من القمح من السوقين الروسية والأوكرانية

ويذكر أن سوريا كانت تمد المنطقة العربية بالعديد من المنتجات والمحاصيل الزراعية، إلا أن عدم الاستقرار السياسي منعها من الاستمرار في ذلك. وفي ظل تغير خريطة الزراعة في العالم العربي، تبرز المملكة العربية السعودية كطرف فاعل رئيس في المجال الزراعي، إذ تسعى إلى تنمية الثروة الحيوانية والدواجن، وتعزيز قدراتها الزراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتي، مما يتيح لها تصدير الفائض إلى الخارج.

الأمن الغذائي العربي الغائب

يرى خبراء الاقتصاد والزراعة في مصر أن الأمن الغذائي في المنطقة العربية لا يزال غير متوفر بالشكل المطلوب، ويستلزم تكاتفا اقتصاديا عربيا لتحقيق الاكتفاء الذاتي. وتعتمد الدول العربية بدرجة كبيرة على القمح المستورد، إذ تستورد مصر احتياجاتها من القمح من السوقين الروسية والأوكرانية، بينما تعتمد دول الخليج على الولايات المتحدة. وتُعتبَر مصر من البلدان التي لا تستطيع الاعتماد في هذا الصدد على الولايات المتحدة، نظرا إلى علاقاتها الوثيقة مع روسيا والصين. ومع استمرار هذه التباينات في المواقف، يظل ملف الأمن الغذائي من الملفات العالقة، إذ تتمكن الدول ذات الإمكانات المالية من تلبية احتياجاتها الغذائية، بينما تضطر الدول الأقل قدرة مالية إلى الاستدانة، مما يزيد الضغوط الاقتصادية عليها.

رويترز
أمرأة تقدم الطعام لأطفال نازحين في مخيم في جنوب كردفان، السودان، 22 يونيو 2024

وفي ظل تفاقم النزاع في السودان، تدهور وضع الأمن الغذائي هناك في شكل متسارع، تزداد صعوبة الوصول إلى الغذاء بالنسبة الى ملايين المواطنين في مختلف أنحاء البلاد. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن الوضع في السودان يزداد سوءا مع استمرار النزاع. أما تونس، فتواجه آثارا سلبية نتيجة الجفاف والتغيرات المناخية الناجمة عن الاحتباس الحراري، مما فرض عليها تكثيف جهودها لضمان الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي لتلبية احتياجات شعبها. ولجأت تونس إلى الاستيراد، لكنها واجهت عراقيل عديدة، أبرزها الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وتداعيات الحرب المستمرة منذ عام 2022 بين روسيا وأوكرانيا، وهما من أكبر موردي الحبوب في العالم.

في المقابل، أكد بعض خبراء الاقتصاد والزراعة الذين استطلعت "المجلة" آراءهم أن الدول التي تمتلك أراضي زراعية تتمتع باستقرار في الإنتاج، في حين أن الدول المتوسطة الدخل وغير الزراعية تعتمد على الاستيراد، أما دول الخليج، فبفضل قوتها المالية، يمكنها تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، فتتوسع في الزراعة على رغم ارتفاع التكلفة، بل إنها تصدّر بعض المنتجات الزراعية. المملكة العربية السعودية، مثلا، وعلى رغم محدودية مصادر الري، لا تزال تصدّر القمح إلى دول العالم، وذلك انطلاقا من رؤية تستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي، والعمل على تحقيق الأمن الغذائي.

إذا لم تهدأ الحروب التجارية والأوضاع في الشرق الأوسط، واستمرت الحرب الروسية الأوكرانية، فقد تعود موجات ارتفاع أسعار المود الغذائية من جديد

تشهد الأسواق حالة من عدم اليقين، بسبب تداعيات تصاعد الحروب التجارية وزيادة التعريفات الجمركية المتبادلة بين الولايات المتحدة والعديد من الدول، وهو ما قد يؤثر في أسعار العديد من المنتجات الزراعية الأساسية. وإذا لم تهدأ الحروب والأوضاع الجيوسياسية في الشرق الأوسط، إضافة إلى استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، فقد تعود موجات ارتفاع أسعار المود الغذائية من جديد. لكن في حال انتهت الحرب بين روسيا وأوكرانيا، اللتين تعدان من أكبر مصدري الغذاء في العالم، وتحقق الاستقرار المنشود في السودان، قد يكون ذلك كفيلا بإعادة تأهيل البنية الزراعية السودانية باستثمارات عربية، وخصوصا أن السودان كان يُعرف سابقا بـ"سلة الغذاء العربي"، لكن النزاعات الداخلية أدت إلى تفتيت دوره الرئيسي في الأمن الغذائي الإقليمي.

وإذ تُعَد مصر من أكبر مستوردي القمح في العالم، إلى جانب العديد من المنتجات الاستراتيجية الأخرى، تسعى منذ فترة إلى تقديم حوافز إنتاجية إلى الفلاحين لزراعة هذه المنتجات في دورات زراعية منتظمة بهدف تقليل الاعتماد على الاستيراد. ومع ذلك، لا تميل مصر إلى التوسع في زراعة المحاصيل التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، بل تفضل استيراد بدائل بأسعار أقل تكلفة. ويتوقع الخبراء أن يشهد موسم رمضان الحالي إغراق الأسواق المصرية بمختلف المنتجات الاستراتيجية، في ظل الترتيبات الحكومية التي تشمل إقامة أسواق "أهلا رمضان" لتعويض جانب من ارتفاع الطلب مع ثبات الإنتاج.

دور معدلات التضخم

وعلى رغم ارتفاع معدلات التضخم في مصر خلال السنوات الثلاث الماضية، شهدت الأشهر الأربعة الأخيرة انخفاضا تدريجيا في مؤشر أسعار البيع بالتجزئة في المدن، الذي يشمل العديد من المنتجات، بعضها شهد تراجعا في الأسعار. لكن لا تزال المنتجات الغذائية من العوامل الأساس التي تدفع معدلات التضخم إلى الارتفاع، إلى جانب أسعار الطاقة، التي تتأثر بقرارات إدارية. ومن المتوقع أن يشهد معدل التضخم ارتفاعا عرضيا مع تطبيق حزم الحماية الاجتماعية التي تعتزم الحكومة تنفيذها لمساعدة المواطنين على مواجهة العجز في مداخيلهم الحقيقية. وتقدَّر صادرات مصر من الغذاء (المحاصيل الزراعية الطازجة والصناعات الغذائية) بنحو 10.6 مليارات دولار خلال عام 2024، وفق رئاسة الحكومة المصرية، مسجلة زيادة بنسبة 17 في المئة مقارنة بعام 2023.

.أ.ف.ب
بائع خبز مصري، في القاهرة القديمة، 19 فبراير 2025

في سياق متصل، أشار الخبير الاقتصادي الدكتور بلال شعيب، في حديث مع "المجلة"، إلى تحذيرات منظمة الأغذية العالمية من أن 10 في المئة من سكان العالم، أي نحو 768 مليون شخص، يواجهون خطرا حادا نتيجة نقص التغذية. وأوضح "أن تذبذب أسعار المنتجات الاستراتيجية بدأ بعد جائحة كوفيد-19، ثم تأثر بالنزاع الروسي الأوكراني، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية والعسكرية المتزايدة في أوروبا، والأوضاع في غزة، وتهديدات الحوثيين في مضيق باب المندب، والتي تستهدف المصالح الأميركية والإسرائيلية، إلى جانب السفن العابرة". وأكد أن هذه العوامل كلها "تؤثر في شكل مباشر في استقرار أسعار المنتجات الاستراتيجية، وفي مقدمها القمح، فضلا عن التغيرات المناخية التي تسببت في انخفاض إنتاجية المحاصيل الزراعية وتقلص المساحات المزروعة، مما أثر سلبا في الإنتاج العالمي، وساهم في ارتفاع أسعار الغذاء".

حقق القطاع الزراعي المصري خلال العام المنصرم صادرات غير مسبوقة، بزيادة قدرها مليون و100 ألف طن مقارنة بـ2023

حسين أبو صدام، خبير زراعي ونقيب الفلاحين

وينادي خبراء الاقتصاد في العالم العربي بضرورة تأسيس سوق عربية مشتركة، نظرا إلى وجود قواسم مشتركة عديدة بين الدول العربية، مثل الموقع الجغرافي، واللغة، والإمكانات الاقتصادية والبشرية، التي يمكن استغلالها في شكل أفضل من خلال تعاون إقليمي أوسع. فالسودان، مثلا، يتمتع بموارد زراعية هائلة، لا سيما في زراعة الحبوب والثروة الحيوانية، مما يجعله قادرا على تزويد العالم العربي كميات كبيرة من اللحوم. في المقابل تتميز دول أخرى مثل المغرب والأردن بزراعة السمسم وإنتاج زيت الزيتون، مما يتيح فرصا للتكامل الزراعي بين الدول العربية. وإذا تحقق هذا التعاون، فإنه سيؤدي إلى تحسن الأمن الغذائي، وخفض الأسعار، والمساهمة في مكافحة التضخم الحاد الذي تعاني منه الدول العربية.

الصادرات الغذائية المصرية إلى تحسن

في المقابل، يتوقع الخبير الزراعي ونقيب الفلاحين، حسين أبو صدام، أن تتجاوز صادرات مصر الزراعية في نهاية العام الحالي تسعة ملايين طن. وقال في تصريح لـ"المجلة" إن القطاع الزراعي حقق خلال العام الماضي صادرات غير مسبوقة، بزيادة قدرها مليون و100 ألف طن مقارنة بالعام الذي سبقه. وأضاف أن صادرات مصر الزراعية عام 2024 بلغت 8.6 ملايين طن، متوقعا أن تتخطى حاجز 9 ملايين طن هذا العام إذا استمرت وزارة الزراعة على النهج نفسه. وأشار إلى "توجهات القيادة السياسية وجهود وزارة الزراعة، التي ساهمت في تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي في الخضروات والفواكه والدواجن والبيض والألبان والأرز، في حين استعدت الوزارة عبر إقامة منافذ ثابتة ومتحركة لمعارض 'أهلاً رمضان'، لعرض مختلف المنتجات الزراعية في أنحاء الجمهورية كلها بأسعار التكلفة، في محاولة لتخفيف الأعباء عن المواطنين".

رويترز
جفاف سد تشيبا في محافظة نابول التونسية وسط استمرار التصحر التي تعاني منه الدول العربية، 1 أبريل 2023

وأوضح أبو صدام أن الجهود الكبيرة التي يبذلها الحجر الزراعي، بالتعاون مع وزارة الزراعة والمزارعين والمصدرين وسفراء مصر حول العالم، "ساهمت في تحقيق طفرة غير مسبوقة في الصادرات الزراعية، إذ أصبحت المنتجات الزراعية المصرية مطابقة للمواصفات العالمية كلها، مما مكّنها من غزو أكثر من 160 سوقا في مختلف أرجاء العالم".

تحذيرات أممية: المنطقة العربية بعيدة عن أهداف التنمية 2030

وعلى رغم النظرة التفاؤلية لبعض الخبراء، كشف تقرير دولي مشترك صادر عن ست منظمات أممية رئيسة، أن المنطقة العربية لا تزال بعيدة عن المسار المطلوب لتحقيق الأمن الغذائي من ضمن أهداف التنمية المستدامة لعام 2030. وحذّرت المؤشرات من تدهور أكبر في الأمن الغذائي وسوء التغذية، بسبب استمرار النزاعات، إلى جانب موجات الجفاف المتواصلة في مناطق واسعة من المنطقة. 

وبيّنت تحليلات التقرير أن النزاعات تأتي في مقدمة أسباب انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في المنطقة، إلى جانب التحديات الاقتصادية، والتفاوت الكبير في مستويات الدخل، والظواهر المناخية المتطرفة. وزاد ارتفاع أسعار الغذاء من تفاقم الأزمة. عام 2023، ارتفعت معدلات نقص التغذية في البلدان المتأثرة بالنزاعات إلى 26.4 في المئة، أي أكثر بأربعة أضعاف من نسبتها في المناطق المستقرة، التي بلغت 6.6 في المئة. وتُظهر المؤشرات أن الأمن الغذائي والتغذية في المنطقة العربية سيواصلان التدهور إذا استمرت النزاعات، إلى جانب تفاقم موجات الجفاف التي تؤثر في أجزاء واسعة من المنطقة.

font change