"نحن فقط ننظر في أجزاء في الجهاز البيروقراطي الكبير حيث يوجد الكثير من التبذير والغش وسوء الاستخدام. في هذه العملية، اكتشفنا وأوقفنا صرف خمسين مليون دولار كانت في طور الإرسال لغزة لشراء واقيات ذكورية لـ"حماس"، خمسون مليونا! هل تعرفون ماذا كانوا يفعلون بها؟ استخدموها لصناعة القنابل، ما رأيكم في هذا؟".
بكلماته الناقدة هذه، بدأ الرئيس الأميركي الجديد، في أسبوعه الثاني في البيت الأبيض، هجومه على الـ"يو إس إيد" (الوكالة الأميركية للتنمية الدولية)، المتهمة بتقديم الخمسين مليون دولار المفترضة. سبقت الرئيس إلى إطلاق هذا الادعاء للمرة الأولى الناطقة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفت، في مؤتمر صحافي أثار اهتماما كبيرا بسبب المعلومة الصادمة التي قالتها. هذا الادعاء غير المعقول دعمه وروج له كثيرا، إيلون ماسك، رجل الأعمال الثري الذي يُفترض أن المكتب الصغير والغامض الصلاحيات الذي يقوده في البيت الأبيض "قسم الكفاءة الحكومية" هو الذي اكتشف هذا "الهدر" الفادح لأموال دافعي الضرائب.
وبالرغم من انكشاف زيف الادعاء سريعا وإقرار ماسك نفسه بهذا، معترفا بأن "بعض الأشياء التي أقولها لن تكون صحيحة"، كرر ترمب الادعاء، مضاعفا الرقم هذه المرة ليصل إلى 100 مليون دولار. في هذا الصدد، قال الرجل في مؤتمر بفلوريدا أمام جمهور من المستثمرين: "خمسون مليون دولار زائد خمسين مليون دولار أخرى من الواقيات الذكرية لـ(حماس). هل تعلمون بهذا؟ مئة مليون دولار من الواقيات الذكرية لـ(حماس)... هل تعرفون ما هو الواقي الذكري؟ أستطيع أن أقرأ أشياء شبيهة من قائمة طويلة. لكن لا أريد أن أثير مللكم...".
بعدها بأيام كتب ترمب في حسابه عبر منصة "إكس" محاججا أن إنفاق "يو إس إيد" للأموال غير قابل للتبرير مطالبا بإغلاق المؤسسة.
رافق هذه الحملة الدعائية ضد المؤسسة، مجموعة قرارات لتفكيكها، أهمها الأمر الرئاسي الذي وقعه ترمب في يومه الأول بالبيت الأبيض القاضي بتجميد ومراجعة كل برامج المساعدة الخارجية المتعلقة بالتنمية في خلال فترة 90 يوما.
على أساس هذه المراجعة، ستُلغى برامج وتُعدل أخرى وربما يُبقى على بعضها، لضمان أن هذه البرامج، بحسب كلمات الأمر الرئاسي "تتسق تماما مع السياسة الخارجية لرئيس الولايات المتحدة الأميركية". حتى من دون تسمية "يو إس إيد"، كان واضحا أن الأمر الرئاسي يستهدفها بالدرجة الأولى، إذ هو أوقف، بجرة قلم، كل برامجها، التي تتضمن إنفاق أكثر من 40 مليار دولار في عشرات البلدان في مختلف أنحاء العالم.