بينما تبذل سوريا جهودا مضنية لمعالجة النقص الشديد في الكهرباء، بدأ يتبلور شكل جديد من أشكال الديبلوماسية التي تدفعها اتفاقات شراء الطاقة. وفيما لا يحصل قسم كبير من البلاد إلا على أقل من ثلاث ساعات من الكهرباء يوميا، أصبحت البنية التحتية المدمرة للطاقة في سوريا عائقا أمام التعافي الاقتصادي، ومسألة محورية في السياسات الإقليمية للطاقة. فقد أدى أكثر من عشر سنوات من الحرب والصراعات والعقوبات الدولية إلى تحول البلاد من مصدّر للكهرباء إلى مستورد صافٍ للطاقة، مما أجبرها على الاعتماد على الاتفاقات الخارجية لتلبية احتياجاتها.
لم تعد الكهرباء الآن مجرد مرفق خدمات أساسي، بل تحولت إلى أداة للنفوذ. فالتخفيف الجزئي للعقوبات الأميركية في يناير/كانون الثاني مكّن سوريا من توقيع اتفاقات لشراء الطاقة مع دول مجاورة، تضم الأردن وتركيا حتى الآن. ويشير ذلك إلى نهج جديد للديبلوماسية يشكل فيه التعاون في مجال الطاقة مدخلا لتعاون أوسع نطاقا.
ما هي تحديات قطاع الطاقة في سوريا؟
أحدثت الحرب والعقوبات خسائر فادحة في قطاع الكهرباء في سوريا. فانخفضت القدرة الإجمالية لتوليد الطاقة إلى نحو 2000 ميغاواط بعد أن كانت 7500 ميغاواط. وأدى نقص الوقود والأضرار التي لحقت بمحطات الطاقة وشبكات النقل، إلى حرمان ملايين الأشخاص من الإمدادات بالطاقة الموثوق بها. وألحقت العقوبات مزيدا من الأضرار بالقطاع بمنع الحصول على التمويل الدولي واستيراد المكونات اللازمة لإصلاح المحطات والشبكات الأساسية. وشهدت مشاريع البناء توقفا تاما. ولم تسجل عقود أجنبية على ما يبدو إلا مع شركات إيرانية لإصلاح محطة للطاقة في حلب وإنشاء محطة جديدة في اللاذقية.