يتوجه الألمان اليوم الأحد ٢٣ فبراير/شباط إلى صناديق الاقتراع في انتخابات مبكرة، ساد حملتها استقطاب حاد، طغى عليه حسب استطلاعات الرأي صعود حزب "البديل من أجل ألمانيا" الممثل لأقصى اليمين، واحتمال وصول اليميني المحافظ فريدريش ميرتس، لتبوؤ منصب المستشارية.
يأتي ذلك على خلفية صعود اليمين المتطرف في القارة القديمة، وزيادة تنظيم صفوفه، بالتزامن مع الموجة الترمبية وراء الأطلسي، وامتداداتها العالمية. لذا ستكون الانتخابات في برلين محطة مهمة لقياس حجم القوى، ومدى ثأثير ذلك على بلورة المشهد السياسي في ألمانيا وأوروبا.
اليمين المتطرف في قلب المشهد الأوروبي
وكانت العاصمة الإسبانية مدريد قد احتضنت في السابع والثامن من فبراير، تجمع زعماء أحزاب اليمين المتطرف في تحالف "وطنيون من أجل أوروبا"، الذي تعتبر كتلته الكتلة الثالثة في البرلمان الأوروبي (اليمين المتطرف له كتلة أخرى تحت اسم المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين التي تضم بشكل أساسي حزب "إخوة إيطاليا" (فراتيلي دي إيتاليا) بزعامة رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني وحزب "القانون والعدالة" البولندي).
وبالرغم من استبعاد حزب "البديل من أجل ألمانيا" من الكتلتين، يعتبر تجمع مدريد نقلة نوعية في تاريخ هذا التيار الطامح للاستفادة من التحول الأميركي، وهكذا كان شعار التجمع على النسق ذاته "لنجعل أوروبا عظيمة من جديد". وقد شارك في هذه الفعالية رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، ونائب رئيسة الوزراء الإيطالية ماتيو سالفيني، بالإضافة إلى زعيمة حزب "التجمع الوطني الفرنسي" مارين لوبان، وزعيم حزب "الحرية الهولندي" خيرت فيلدرز، وزعيم حزب "فوكس الإسباني" سانتياغو أباسكال.
رفع المشاركون في هذا التجمع سقف طموحاتهم لأن "إعصار ترمب غيّر العالم في غضون أسابيع قليلة"، حسبما قال فيلدرز. والذي أضاف: "بالأمس كنا منبوذين، واليوم أصبحنا التيار الرئيس". تبعا لذلك أصبح هدف اليمين المتطرف التمركز في قلب صناعة القرار الأوروبي في البلدان المعنية ومؤسسات "الاتحاد"، ويمر ذلك عبر نسج تحالف مع اليمين التقليدي تمهيدا للعمل على احتوائه أو تهميشه. ينطلق هؤلاء من نجاحاتهم في الانتخابات الأوروبية الأخيرة في يونيو/حزيران 2024، ومن إعادة انتخاب دونالد ترمب، حيث يتم استنساخ شعاراته وأساليبه.
لا ينفصل هذا المد الأوروبي عن الثورة المحافظة على النسق الترمبي، إذ ركز عشرة قادة من المجموعة الملتقية في مدريد على بلورة استراتيجيات تفكيك "الميثاق الأخضر الأوروبي"للتنصل من مكافحة تغيير المناخ، وكذلك إلغاء تشريع حقوق المثليين، وضرب السياسات المؤيدة لعدم التفريق بين الجنسين.