استطاعت أعمال روائية غير منتهية، لهذا السبب وذاك، أن تحقق أثرا فنيا ذائع الصيت، ضاهت به قيمة أعمال روائية كاملة، للروائي نفسه أو غيره من أقرانه وأترابه من مجايليه أو من شتات الأجيال السابقة واللاحقة بحسب تعاقب الحقب والعصور.
حين نعمل النظر في النماذج اللافتة للروايات غير المكتملة نجد مفارقات بالغة الإثارة، سواء مصنفة السبب ضمن من أدركهم الموت أو أنهكهم المرض المزمن ولم يتمكنوا من استئناف كتابة عملهم السردي، أو مصنفة السبب ضمن من تخلوا أو توقفوا بالأحرى عن الاستمرار في عملهم الفني بسبب إكراهات تعدد اهتماماتهم وإنجازاتهم المتزامنة في أكثر من نص بهوية سردية أو أخرى، وفي ألطف الأحوال تعسر المضي الى الأقصى مع الانقطاع المفاجئ لخيط السرد، على أمل العودة إليه لاحقا، أو مصنفة السبب ضمن من توقفوا عن اختيار وقناعة، إذ أن عدم الرضى هو اليقين الدامغ لمبررهم في عدم مواصلة إنهاء العمل.
في كل الأحوال، ألا يعني توقف العمل الروائي عند هذا الحدّ وذاك، رافضا أن يكتمل بأيما سبب، خارج المسألة القدرية، أنه هو نفسه ما شاء لنفسه أن ينحسر عند ذلك الطور، أن يتمرد العمل غير المكتمل ويصنع لنفسه مصيرا غير المصير الذي أراد له كاتبه؟ أو بصيغة أخرى، أليس جمال غير المكتمل هو أن يستوفي كماله الخاص بشروط النقصان؟
وسواء خلدت معظم هذه الأعمال رغم عدم اكتمالها بقدرتها على الإبهار أو لم تنجح في أن تبهر كما ينبغي، فهي بصورة من الصور خلقت حولها هالة جدل وإثارة لا يمكن إلغاؤهما إطلاقا، وهذا السر في جاذبيتها على مرّ الأزمنة.