عندما تولى الرئيس دونالد ترمب منصبه للمرة الثانية، كان الجميع يتوقعون أن سياساته ستثير ضجة كبيرة على الساحة الدولية. وبالفعل، لم تكد أسابيع قليلة تمضي حتى تجاوزت موجات الصدمة التي أحدثتها سياسات ترمب- سواء من حيث اللهجة أو التنفيذ- التوقعات جميعا .
وقد وصف ترمب، خلال حملته الانتخابية، السنوات من غيابه عن الحكم بأنها كانت فترة كوارث متعددة، مدعيا أنه لو كان هو الرئيس لما حدث أي من ذلك، أي لما غزت روسيا أوكرانيا، ولما نشبت حرب في غزة.
لن يتسنى لنا أن نعرف ذلك أبدا، لأنه لا توجد فرصة لإعادة الزمن إلى الوراء، ولكن يمكننا أن نرى ما إذا كان ترمب سيثبت أنه سيفي بوعوده لحل هذه الصراعات.
سياسات ترامب، السياسية والاقتصادية على حد سواء، حادة وغير تقليدية وكذلك هو حال سلوكه الحاد. ومع ذلك، فهو قادر على تحريك الأمور، فطريقته في الدبلوماسية تضع الجميع في حالة من عدم التوازن بمبادراته وخطواته غير المتوقعة.
تتمثل العناصر الرئيسة لخريطة طريق ترمب بشأن أوكرانيا فيما يلي:
- إنهاء الحرب بالوسائل الدبلوماسية وليس بالقتال.
- ليس من الواقعي أن تعود أوكرانيا إلى حدود ما قبل عام 2014، ولذلك فمن غير المرجح أن تبقى شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا ضمن حدود البلاد.
- لم تعد فرص أوكرانيا في أن تصبح عضوا في حلف "الناتو" قائمة.
وقد التقى الوفد الأميركي برئاسة وزير الخارجية ماركو روبيو بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في الرياض يوم 18 فبراير/شباط، في اجتماع استضافه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ووزير الدولة مساعد العيبان. وبعد ما يقرب من 5 ساعات من المناقشات، أعلنا عن انتهاء الجولة الأولى وأنهما اتفقا على الاجتماع مرة أخرى. إذن، لقد بدأ المسار.
لم تكن أوكرانيا الموضوع الوحيد في اجتماع الرياض. كان الأمر يتعلق بالعلاقات الأميركية الروسية ومجالات التعاون الممكنة، وكيفية إنهاء الحرب في أوكرانيا. وقد أعلن الوزير ماركو روبيو أنه اتفق مع نظيره الروسي على المبادئ الأربعة التالية التي من شأنها تسهيل العملية:
- إعادة تفعيل عمل بعثتيهما الدبلوماسيتين في واشنطن وموسكو.
- تعيين فريق رفيع المستوى للمساعدة في التفاوض على إنهاء الصراع في أوكرانيا.
- استكشاف إمكانيات التعاون الجيوسياسي والاقتصادي بمجرد انتهاء الصراع في أوكرانيا.
- مواصلة الانخراط في هذه العملية والتأكد من أنها تسير بطريقة مثمرة.
وقد ذهبت الولايات المتحدة إلى الرياض دون حتى التشاور مع أوكرانيا، التي اجتاحت روسيا أراضيها، وقضى عشرات الآلاف من الأوكرانيين دفاعا عن بلادهم. وقد تجاوزت الولايات المتحدة أوكرانيا، ومعها الدول الأوروبية الرئيسة، كي لا تضيع الوقت في الجدل حول كيفية المضي قدما وما يجب أن تطلبه من روسيا.