صحافة طهران: محادثات الرياض الاميركية- الروسية نقطة تحول

يمكن للسعودية صنع المبادرات النوعية في الأزمات

رويترز
رويترز
وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان يتوسط وفدي واشنطن وموسكو في المحادثات الثنائية التي استضافتها الرياض، في 18 فبراير

صحافة طهران: محادثات الرياض الاميركية- الروسية نقطة تحول

تركت المحادثات التي شهدتها عاصمة المملكة العربية السعودية الرياض بين وفدين أميركي وروسي وتناولت الازمة الاوكرانية وشؤونا أخرى، صدى عميقا في الصحافة الايرانية التي رأت فيها بداية تحول عميق في سياسات الدول الكبرى حيال المنطقة,

وتناولت الصحف الإيرانية المفاوضات التي جرت يوم 18 فبراير/شباط. وقالت صحيفة "دنياي اقتصاد" (عالم الاقتصاد) في مقالها الافتتاحي بقلم محلل شؤون المنطقة كامران كرمي بعنوان "لماذا محادثات السلام في الرياض" إن "استضافة قصر الدرعية في الرياض للقاء وزيري الخارجية الأميركي والروسي تمهيدا لعقد مفاوضات السلام في أوكرانيا نقطة تحول في الدبلوماسية الإقليمية ودور المنطقة المتصاعد في المسارات الدولية الجديدة الناجمة عن الشروخ والهزات بعد انهيار النظام الراهن. ويمكن للأطراف الإقليمية الفاعلة على غرار السعودية القيام بدور أكبر بسبب ثقلها ومكانتها السياسية والاقتصادية وعلاقاتها الجيدة والمتوازنة مع القوى العالمية المتصارعة".

وأضافت "دنياي اقتصاد" أن "السعودية تسعى باعتبارها قوة إقليمية من خلال استضافة المفاوضات بين روسيا وأميركا إلى تعزيز مكانتها كطرف يحظى بالثقة في أحد أهم الأزمات الدولية والقيام بدور أكبر في الاقتصاد السياسي الدولي والتمتع بمكانة حاسمة في فرض التوازن بين الأقطاب الكبرى في الشرق والغرب في العالم. ويلعب الاقتصاد دورا كبيرا في هذه المعادلة لأن السعودية نجحت أن تبرز كقوة اقتصادية صاعدة في العالم وذلك بالتزامن مع قوتها السياسية والتقليدية في المنطقة".

وتابعت الصحيفة: "لقد أصبحت الرياض بسرعة محط اهتمام المستثمرین بعد أن دشن ولي العهد السعودي رؤية 2030 ونفذها بهدف الانتقال إلى اقتصاد غير نفطي وتنويع مصادر الدخل. مهد هذا الأمر الأرضية لجعل السعودية طرفا فاعلا في المسارات العالمية الناشئة فاستضافت الرياض الوفود في القطاعات العديدة على غرار التجارة والتكنولوجيا والذكاء الصناعي والرياضة والسياحة وغيرها من شتى أنحاء العالم، وبالتالي نجحت السعودية في ارتقاء مكانتها في اقتصاديات مجموعة العشرين. ويمكن اعتبار رؤية 2030 نقطة انطلاق الرياض لتصبح لاعبا عابرا للإقليم. وتبنت السعودية استراتيجية تحقيق التوازن الإقليمي في سياستها الخارجية وهذا ما جعل الرياض محط اهتمام الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي وروسيا... وعززت السعودية علاقاتها مع كل هذه الأطراف".

وقالت الصحيفة: "لا يمكن لأي دولة، ما لم تكن قوة كبرى، نسج مثل تلك العلاقات وتعزيز قوتها السياسية والاقتصادية... كما أن النفط أحد نقاط قوة السعودية والذي يمكن أن يلعب دورا مساندا للمشاريع الاقتصادية والاستثمارية السعودية في الدول الأخرى وهذا أمر لم يخف عن القوى العالمية ومنها الإدارة الأميركية برئاسة ترمب".

قيام السعودية بدور الوساطة بين أميركا وروسيا له هدفان: تحسين العلاقات بين موسكو وواشنطن والتمهيد لاتفاق سلام في أوكرانيا

وقالت الصحيفة: "لا يكفي لدولة أن تتمتع بمصادر القوة التقليدية والمكانة الاقتصادية لتصبح لاعبا مهما في العلاقات العالمية بل يجب أن تكون هناك سياسة خارجية متوازنة وغير منحازة ومؤثرة خلال الصراعات والنزاعات الإقليمية والعالمية. ويتصور البعض أن العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة تميل نحو التبعية الكاملة من الرياض لواشنطن ولكن هذا غير صحيح لأن السعودية نجحت خلال العقد الماضي في أن تدشن مسارات الاعتماد المتبادل غير المتماثل. لهذا السبب تعتبر موسكو الرياض جانبا مناسبا للقيام بدور الوسيط. وإذا كانت الرياض طرفا في صراع الغرب مع روسيا فإن بوتين لن يجد السعودية لاعبا مؤثرا ومحايدا من أجل الوساطة على الإطلاق".

رويترز
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستقبل زير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في الرياض، المملكة العربية السعودية، في 18 فبراير

ولفت الكاتب إلى أن "قيام السعودية بدور الوساطة بين أميركا وروسيا له هدفان: تحسين العلاقات بين موسكو وواشنطن والتمهيد لاتفاق سلام في أوكرانيا. وإذا نجحت السعودية في تحقيق هذا الهدف فيمكن لها القيام بدور الوساطة في مستقبل غزة ما سيعزز دورها ومكانتها كلاعب يمكن لها صنع المبادرات النوعية في الأزمات. كما أنه وإذا نجحت السعودية في إيجاد حلول لأزمتي أوكرانيا وغزة فذلك قد يرسم آفاقا لوساطة الرياض بين إيران والولايات المتحدة حول الملف النووي وهذه وساطة قد تكون الأكثر فاعلية وأهمية سياسية وأمنية بسبب علاقة الجوار بين السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية".

ونشرت صحيفة "شرق" مقالا بعنوان "هل ستصبح طهران ضحية في معادلات ترمب وبوتين؟". بقلم عبد الرحمن فتح اللهي. وأشار التقرير إلى المفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة في السعودية قائلا إن هذه المفاوضات لا تؤثر على التعاون بين روسيا وإيران وأن روسيا جاهزة لمساعدة طهران على حل مشاكل برنامجها النووي، حسب وكالة أنباء "تاس" الروسية. وقال الكرملين إن البرنامج النووي الإيراني سيكون أحد القضايا التي تناقشها روسيا والولايات المتحدة".

إذا أراد ترمب استئناف المفاوضات النووية مع إيران فالدور الروسي مهم لأن روسيا يمكنها إنجاح الاتفاق إذا أرادت ذلك

وقال محلل الشؤون الدولية رحمان قهرماني بور في حوار مع "شرق": "المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا حول أوكرانيا تهم أوروبا بالدرجة الأولى لأن الأوروبيين حلفاء أميركا التقليديين واستمرار الحرب في أوكرانيا يؤثر بشكل مباشر على هندسة الأمن الأوروبي وبالتالي فإن إطلاق المفاوضات بين روسيا وأميركا دون أوروبا قد يدعم طموحات روسيا وبوتين في السيطرة على أوكرانيا وحتى بسط تلك السيطرة على مناطق على غرار جورجيا".

أضاف قهرماني بور أن "هناك سؤالا سائدا في الرأي العام الإيراني مفاده هل تكون إيران أداة الضغط أو التسوية بين بوتين وترمب لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وقد قال مسؤول إيراني سابق دون تقديم أية وثائق بأنه يعلم أن ترمب وبوتين قاموا بعقد صفقة حول إيران في مفاوضات وراء الكواليس. الحقيقة أننا لا نملك أية وثائق تثبت هذه المزاعم... وتشمل المرحلة الحالية من المفاوضات تحسين العلاقات بين واشنطن وموسكو وكيفية إنهاء الحرب في أوكرانيا. وإذا استمرت المفاوضات سيدخل الأوروبيون على الخط ومن ثم الصين وستكون إيران في المراحل التالية محورا للمفاوضات. تتهم الدول الأوروبية والولايات المتحدة إيران بدعم روسيا بالأسلحة في حرب أوكرانيا فلذا أتصور أن إيران ستصبح محورا للمفاوضات بين واشنطن وموسكو بعد أن تتم حلحلة القضايا الشائكة مع أوروبا والصين. ليست الأمور بتلك البساطة بأن يلتقي مسؤولون أميركيون وروس فالقضايا قد لا تتم تسويتهابسرعة. لقد تم اتخاذ خطوات أولية ولكن الطريق طويل حتى الوصول إلى اتفاق نهائي وذلك في ضوء كثرة المطالب والشروط المسبقة التي وضعها الطرفان".

وتابع قهرماني بور: "إذا وافق ترمب على ضم روسيا لأراض أوكرانية فإن ذلك يشكل سابقة خطيرة في العلاقات العالمية بعد الحرب العالمية الثانية ويشير إلى أننا عدنا إلى عصور القوى الكبرى المهيمنة على مصير الدول الأخرى".

وأضاف: "إذا أراد ترمب استئناف المفاوضات النووية مع إيران فالدور الروسي مهم لأن روسيا يمكنها إنجاح الاتفاق إذا أرادت ذلك.. كما أن العلاقات والتعاون العسكري بين روسيا وإيران وتزويد إيران روسيا بالأسلحة والصواريخ والمسيرات أمر في غاية الأهمية بالنسبة للأوروبيين الذين يجدون أنفسهم في مرمى الصواريخ والمسيرات الإيرانية... لا تحظى روسيا بالثقة لدى الرأي العام الإيراني لأن موسكو قد تقوم بعقد صفقة مع واشنطن حول إيران وراء الكواليس وأن روسيا تنسى أصدقاءها عادة في الأيام الصعبة للغاية".

حذر مراقبون إيران من العلاقات بين موسكو وواشنطن مؤكدين أنه على طهران رصد مسار العلاقات بين البلدين بدقة وأن تكون جاهزة لكل الخيارات

وتابع: "الظروف الراهنة معقدة وصعبة للغاية والوقت ينفد منا. يجب على مراكز القرار في إيران اتخاذ القرارات بسرعة ولكننا نواجه بطئا في اتخاذ القرارات ووضع خطط للتعامل مع سناريوهات متعددة".

ونشر موقع "عصر إيران" الإخباري تقريرا بعنوان "لقاء عملاقين في الرياض؛ لماذا استضافت السعودية المفاوضات بين روسيا وأميركا"، بقلم رضا غبيشاوي. جاء فيه: "تشیر استضافة السعودية للمفاوضات بين موسكو وواشنطن إلى مسار جديد تتبناه القيادة السعودية بهدف انتقال السعودية من العضوية التقليدية في معسكر الولايات المتحدة إلى القيام بأدوار تتمتع بالمرونة بين أميركا وروسيا والصين. لقد أدى انعقاد المفاوضات في السعودية إلى زيادة الثقل السياسي للسعودية في العالم".

أ.ف.ب
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في تركيا،17 فبراير 2025

وتابع: "تسعى السعودية إلى القيام بأدوار جديدة وإعادة تعريف مكانتها من خلال تبني سياسة الوسطية والتمتع بالحد الأقصى من المكاسب من خلال العلاقات مع كافة القوى الفاعلة والظروف".

هذا ودعت محبوبة ولي، في تقرير لها بصحيفة "توسعة إيراني"، بعنوان "هل تفوز موسكو بطهران على طاولة الصفقة مع الولايات المتحدة؟". إلى أخذ الحيطة من روسيا. وأضافت: "حذر مراقبون إيران من العلاقات بين موسكو وواشنطن مؤكدين أنه على طهران رصد مسار العلاقات بين البلدين بدقة وأن تكون جاهزة لكل الخيارات لأن روسيا قد تدخل في ائتلاف مع الولايات المتحدة مناهض لإيران لتأمين مصالحها.. روسيا التي تعتبر صديقة إيران وقفت إلى جانب الدول العربية لمناهضة إيران في قضية الجزر الثلاث (المتنازع عليها بين إيران والإمارات) وبناء عليه ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار أن التقارب الروسي الأميركي قد يؤدي إلى ائتلاف جديد مناهض لإيران".

وأضافت: "توسعة إيراني": "أدت العقوبات على إيران إلى تقارب بين إيران وروسيا خاصة في القطاع العسكري ومنها تزويد إيران موسكو بالمسيّرات خلال الحرب مع أوكرانيا... من جهة أخرى أعلن ترمب أن المشكلة مع طهران لا تقتصر على برنامجها النووي بل تشمل برنامجها الصاروخي والعسكري. وأرسل ترمب قنابل خارقة للتحصينات إلى إسرائيل. وبالمقابل أعلنت قيادات الحرس الثوري عن بناء مدن صاروخية لا يمكن للقنابل الخارقة للتحصينات الوصول إليها في إيران. ويحاول الحرس الثوري إرسال رسالة مفادها بأن إيران لديها إمكانيات عسكرية كبيرة في حال بدء مواجهة عسكرية وهذا لا يعجب تل أبيب وواشنطن. في ظل كل ذلك هل سيستمر التعاون العسكري الروسي الإيراني في حال زيادة التقارب بين موسكو وواشنطن؟".

font change

مقالات ذات صلة