اتسم موقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب من إيران على الدوام بالثبات: فهو لا يريد تغيير حكام البلاد لكنه يريد تغيير سلوكهم، لمنعهم بشكل أساسي من الحصول على سلاح نووي. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، نجده عازما على العودة لسياسة الضغط الأقصى التي انتهجها في ولايته الأولى، أي العقوبات الصارمة، التي رغم أنها لم تتوقف نهائيا في عهد بايدن فقد كانت تفرض بحزم أقل. وما يجعل هذه الولاية مختلفة اليوم هو استعداد ترمب لدعم ضربات إسرائيلية على إيران- أو على أقل تقدير التلويح بها لإجبار طهران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
لطالما استند نهج ترمب في التعامل مع إيران إلى مزيج من الترغيب والترهيب، وهو ما تجلى بوضوح في مستهل ولايته الجديدة. ففي الرابع من فبراير/شباط، وقع مذكرة رئاسية للأمن القومي تشدد الضغوط على طهران، غير أنه أعرب، في اللحظة ذاتها، عن تفضيله للحل الدبلوماسي، مؤكدا أنه كان يود لو لم يضطر إلى اتخاذ هذه الإجراءات، وجدد استعداده للتفاوض مع القادة الإيرانيين.
وكرر هذا الموقف في اليوم التالي في منشور على منصة التواصل "تروث سوشيال" (Truth Social) حين كتب أنه يريد أن تكون إيران "دولة عظيمة وناجحة" طالما أنها لا تمتلك أسلحة نووية (تشير المذكرة أيضا إلى دعم إيران للميليشيات في المنطقة وبرامجها للصواريخ الباليستية). ودعا إلى "اتفاق سلام نووي موثوق" يسمح لإيران "بالنمو والازدهار سلميا" كما دعا البلدين إلى "البدء بالعمل على ذلك في الحال".
وكان الرد الأولي من القيادة الإيرانية رفضا سريعا. ففي السابع من فبراير، رفع المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي سقف الرد على تصريحات ترمب حين قال إن المحادثات مع الولايات المتحدة ليست "ذكية ولا مشرفة". وقال إن هذه المحادثات فشلت في الماضي وستفشل مرة أخرى.