"إيقاظ روح الحرية فينا، سرد قصص صغيرة تساعدنا على رؤية تلك الكبيرة، تحسيسنا بالأسباب التي تدعو إلى البكاء، وبتلك التي تدعو إلى الضحك، في قلب واقعنا المشترك، الترويج للثقافة الشعبية والاحتفاء بالآفاق التي يجب ابتكارها"، تلك كانت الأهداف التي شكلت حياة إدواردو غاليانو (1940 - 2015)، الكاتب الأوروغواياني الذي عرف أكثر من أي كاتب آخر كيف يجمع بين النفس الغنائي والخطاب السياسي، وكرس وقته وطاقات ذهنه المتقد للدفاع عن حقوق المضطهدين، مستعينا بكلمته المدوية فحسب. عملاق بقلب طفل، لم يفقد عمله الكتابي شيئا من قيمته وراهنيته، نظرا إلى كشفه أهمية الذاكرة في عالم فقد ذاكرته، وانخراطه في نضال شرس من أجل العدالة في عالم لا عدل فيه. من هنا واجب الاحتفاء به والتذكير بأبرز منجزاته، في مناسبة مرور عقد على رحيله.
نثر حارق
كاتب لامع وغزير الإنتاج، تألق غاليانو خصوصا بنثره الحارق، الذي يقع دائما على شفير السخط والإدانة، وأيضا بتأريخه نضالات التحرر في أميركا الجنوبية، الذي بدأ مع كتابه الشهير، "الشرايين المفتوحة لأميركا اللاتينية" (1971). كتاب تحول فور صدوره إلى نص مرجعي لليسار في مختلف أنحاء المعمورة، وكان يجب أن ينال غاليانو عليه وحده جائزة "نوبل"، لو كلفت لجنة هذه الجائزة نفسها عناء قراءته. لكن هذا التكريم سيناله عام 2010 من لجنة جائزة أدبية سويدية أخرى (جائزة "ستيغ داغرمان") لم تفتها قيمة عمله الأدبي، ولا "وقوفه طوال حياته إلى جانب الملعونين في عالمنا، من دون أن يسعى إلى أن يكون المتحدث باسمهم".