لطالما كانت الأعمال الأدبية حاضرة لدى كتاب الدراما في مواسم رمضان التلفزيونية، وربما يختلف الأمر هذا العام إذ تعددت مصادر الاقتباسات فلم تقتصر على القصص والروايات، بل امتدت لتشمل المذكرات والمسرحيات بل وأعمالا تراثية بارزة مثل "ألف ليلة وليلة".
"شارع الأعشى" لبدرية البشر
من هذه الأعمال تحضر رواية "غراميات شارع الأعشى" للروائية السعودية بدرية البشر الصادرة منذ نحو 10 سنوات عن "دار الساقي" والتي وصلت إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية في 2014. تدور الرواية حول ثلاث شخصيات نسائية هي عزيزة وضحى وعطوة، يعشن في حارة شعبية في شارع الأعشى بالرياض في سبعينات القرن الماضي، ونتعرف الى حياة وحكاية كل واحدة منهن ومحاولاتها للتحرر من أسر العائلة والعادات والتقاليد. نجد عزيزة غارقة في عوالم الأفلام المصرية تحلم بالسفر إلى مصر وتقع في غرام طبيب مصري، أما ضحى فهي بدوية تهرب من فقر عائلتها وتسعى للعمل والتجارة لإعالة أبنائها الأربعة، وتنجح في أن تصبح تاجرة ناجحة تلفت الأنظار، والثالثة عطوة التي تنفصل عن قريتها البسيطة وتغير اسمها وتسعى لتغيير قدرها من خلال المشاركة بفعالية في حياة أهل شارع الأعشى وسيداته.
يحضر في الرواية تصوير المجتمع السعودي في ذلك الوقت والتغيرات التي بدأت تحدث فيه لا سيما مع وصول أجهزة التلفزيون وبداية التعرف الى العالم الأوسع، وكيف كان أثر ذلك الجهاز الجديد الغريب على سيدات الشارع وتحوّل إلى حديث البيوت ما بين منبهر بوجوده وخائف من آثاره على أسرته وبناته بالتحديد، كما تتناول بداية دخول الهواتف الأرضية وكيف أثر ذلك على تواصل الناس وتقريب المسافات بينهم، وتتوقف الكاتبة عند عدد من الطقوس الاجتماعية التي اختفت بعد ذلك مثل "السينما الصيفية" وتجمع بعض العائلات حولها، والأسواق الشعبية في ذلك الوقت وما كان يدور فيها من مساومات وصراعات على النفوذ ومحاولة إحكام السيطرة.