يختلف الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن سابقيه من الرؤساء الأميركيين، كونه لم يشغل منصبا عاما قط، قبل ترشحه للرئاسة، سواء تشريعيا أو قضائيا أو تنفيذيا، ولم يدخل سلك العسكرية، بالرغم من دراسته بمدرسة ثانوية عسكرية، وليس لديه انتماء حزبي واضح ومحدد، فتارة ينضم للحزب الجمهوري، وتارة ينضم للحزب الديمقراطي، وتارة يُعلن أنه مستقل وغير حزبي، ثم تارة أخرى يعود لعضوية الحزب الجمهوري.
وقد كان لذلك عظيم الأثر على طبيعة خطابات ترمب وقراراته الرئاسية، فهو رجل أعمال بامتياز، كل ما يهمه إنجاز الصفقات بأكبر مكاسب وأقل خسائر، دون الاهتمام بالألفاظ والمعاني التي يستعملها، وهو ما ظهر بجلاء في ملف قطاع غزة، فمرة يستعمل لفظ "شراء" القطاع، ومرة أخرى يستعمل لفظ "السيطرة أو الحصول" عليه كما لو كانت صفقة عقارية، والواقع أنه من منظور القانون الدولي، فإن هذه الألفاظ، لها معان تثير إشكالات قانونية ودولية مختلفة، وتترتب عليها نتائج ومآلات وعواقب مختلفة تماما.
فلو كان المقصود "شراء" غزة، ففي هذه الحالة يكون أحد أسباب كسب إقليم الدولة "بالتنازل" وفقا لقواعد القانون الدولي، والتي بمقتضاها تتنازل دولة ذات سيادة إلى دولة أخرى ذات سيادة عن إقليم، سواء كان في شكل معاوضة، أي يتم التنازل عن إقليم مقابل إقليم آخر، أو التنازل بالشراء مقابل ثمن نقدي، وللولايات المتحدة باع طويل في شراء الأقاليم من دول أخرى على مدار تاريخها، ضاعفت بمقتضاها مساحاتها عدة مرات، مثل "صفقة إقليم لويزيانا" عام 1803 والذي اشترته من فرنسا، "وصفقة إقليم فلوريدا" من إسبانيا عام 1818، "وصفقة ألاسكا" عام 1867 من روسيا القيصرية.