استقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، بعد تراكم المشكلات السياسية والاقتصادية، التي أفضت في نهاية المطاف، إلى تفكك الائتلاف الذي كان يقوده. مع ذلك ربما يكون ترودو من الشخصيات الكندية القليلة التي نجحت في الظهور على الساحة العالمية.
فمنذ نشوء الاتحاد الكندي عام 1867 تولت الشخصيات المؤثرة منصب رئيس الوزراء، وكان لكل منهم إنجازات ميزت قيادتهم، ومنهم جاستن ترودو رئيس وزراء كندا الثالث والعشرون، وثاني أصغر رئيس وزراء في التاريخ الكندي، وزعيم "الحزب الليبرالي". ولطالما كان ترودو مركز اهتمام الصحافة والإعلام، بصفته ابن رئيس الوزراء الكندي الشهير بيار ترودو. وقد وضعته مجلة "تايم" TIME)) ضمن قائمتها لأكثر الشخصيات تأثيرا في العالم عامي 2016 و2018، وتم إدراجه في قائمة مجلة "فوربس" Forbes))لأقوى الشخصيات في العالم عام 2015.
ولد جاستن ترودو في 25 ديسمبر/كانون الأول 1971 في أوتاوا بمقاطعة أونتاريو، لعائلة مسيحية كاثوليكية، ونشأ في السنوات الأولى من عمره مع والده وأخويه الأصغر سنا، ألكسندر وميشيل، وأقاموا في المقر الرسمي لرئيس حكومة كندا، وذلك بعيدا عن والدتهم مارغريت ترودو التي انفصلت عن والدهم عندما كان جاستن في السادسة من عمره.
انتقل ترودو مع والده وإخوته للعيش في مدينة مونتريال بمقاطعة كيبيك، وذلك بعد خروج والده من منصبه في الحكومة، وقد كان جاستن آنذاك في الثانية عشر من عمره، حيث أكمل دراسته الثانوية في مدرسة "جان دي بريبوف" (Collège Jean-de-Brébeuf).
نشأ جاستن ترودو في واحدة من أبرز العائلات السياسية في كندا. والده، بيير إليوت ترودو، شغل منصب رئيس وزراء كندا لأربع ولايات في الفترتين من 1968 إلى 1979 ومن 1980 إلى 1984، وجده جيمي سنكلير، وزير سابق للثروة السمكية في حكومة لويس سانت لوران في الخمسينات، وهكذا نرى أنه قد نشأ في عائلة مهتمة بالأمور السياسة، مما انعكس على شخصيته، وجعله غير غريب على المجال السياسي، وجعل دخوله إلى عالم السياسة متوقعا إلى حد ما.
زوجته صوفي غريغوار من مواليد 24 أبريل/نيسان 1975، عملت مقدمة برامج إذاعية وتلفزيونية قبل زواجها، وكانا يعرفان بعضهما منذ مرحلة الطفولة، وتمت خطبتهما وتزوجا عام 2005. وقد عبر ترودو في عدة مناسبات عن مدى تماسك أسرته، وجاءت نهاية هذه الشراكة بعد 18 عاما، وذلك في أغسطس/آب عام 2023، حيث أعلن ترودو عبر "إنستغرام": "تود صوفي وأنا أن نطلعكم على أنه بعد الكثير من النقاشات الجدية والصعبة، اتخذنا قرار الانفصال". ولم يتم الكشف عن أسباب الانفصال.
وترودو أب لثلاثة أطفال، ولد كزافييه جيمس في عام 2007، وفي عام 2009 ولدت الطفلة إيلا غريس مارغريت، وفي عام 2014 ولد هادرين غريغوار.
الحياة المبكرة والمسيرة المهنية
عمل ترودو مدرسا للغة الفرنسية والرياضيات في أكاديمية "ويست بوينت جراي الخاصة"West)(Point Greyفي فانكوفر، وفي مدرسة "السير ونستون تشرشل الثانوية الحكومية" Sir Winston)Churchill) في فانكوفر.
كانت توجهات ترودو قبل السياسة تتعلق بكل ما يهم الشباب والبيئة، وما يدعمهما من قضايا تعليمية واقتصادية، وله الكثير من المواقف الإيجابية في هذا المجال. كما ترأس بين عامي 2002-2007 "مجلس إدارة البرنامج التطوعي الخاص بالشباب" الذي أنشأه والده، والذي حمل اسم "جمعية كاتيمافيك الخيرية" Katimavik)) والتي عمل من خلالها على دعم قضايا ومشاكل الشباب، وذلك عن طريق المشاركة في المؤتمرات المختلفة، وألقى في أنحاء البلاد الكثير من الخطابات الموجهة للشباب، وتحدث فيها عن أهمية العمل التطوعي.
قام ترودو بدعم "الحزب الليبرالي" منذ عمر صغير، وبدأت شعبيته في الارتفاع عام 2000 بعد وفاة والده، حيث ألقى خطاب رثاء أذهل جميع الحاضرين بكلماته المؤثرة وفصاحة لسانه، فانهالت عليه العروض والاقتراحات كي يدخل المعترك السياسي، إلا أنه رفض ما عرض عليه.
عين ترودو رئيسا تنفيذيا في لجنة قضايا الشباب التابعة للحزب في عام 2006، وانتقد في أكتوبر/تشرين الأول 2006 القومية الكيبكية، ووصف القومية السياسية عموما بكونها فكرة قديمة تعود للقرن الـ19 ولا صلة لها بكيبك الحديثة. كما توجه إلى الحملات الانتخابية الليبرالية من خلال دعمه لعدد من رؤساء الوزارة السابقين أثناء ترشحهم، مما شجعه على ترشيح نفسه في انتخابات "الحزب الليبرالي" في بابينيو بمونتريال عام 2007، فحظي بأعلى نسبة للأصوات في ذلك الحين، وفاز بالمقعد في الانتخابات الفيدرالية عام 2008 وأعيد انتخابه في عام 2011.
كلف عام 2009 بملفات الشباب ورياضة الهواة، والتعددية الثقافية والمواطنة والهجرة، ومرحلة ما بعد التعليم الثانوي في "حكومة الظل للحزب الليبرالي".