في عالم تتزايد فيه حدة التنافس الجيوسياسي والصراعات التكنولوجية، أصبح الذكاء الاصطناعي عنصرا أساسا في رسم ملامح الحروب المستقبلية وتعزيز القدرات الدفاعية للدول الكبرى.
لم تعد تلك التقنية مجرد أداة لتحسين الأداء الصناعي أو تعزيز الخدمات الرقمية، بل تحولت ركيزة أساسية في تطوير الأنظمة الدفاعية والهجومية على حد سواء، مما أدى إلى سباق تسلح جديد بين القوى العظمى، تسعى فيه الولايات المتحدة والصين وروسيا ودول أخرى لاستغلال إمكانات الذكاء الاصطناعي وإعادة تعريف استراتيجيات الحروب وأساليب الردع العسكري.
وسط هذا التطور المتسارع، بدأت بعض شركات الذكاء الاصطناعي الأميركية في اتخاذ قرارات مثيرة للجدال، أبرزها تزويد وزارة الدفاع الأميركية والمتعاقدين العسكريين تقنياتها لأغراض عسكرية، مما يمثل تحولا جذريا في استراتيجيات هذه الشركات، ويثير تساؤلات جوهرية حول مستقبل الذكاء الاصطناعي في المجالين الدفاعي والعسكري.
فعلى سبيل المثل؛ وقبل شهرين، أعلنت "أوبن أيه آي" إحدى أبرز شركات الذكاء الاصطناعي في العالم، دخولها في شراكة مع "أندوريل" وهي شركة ناشئة تعمل في مجال الدفاع وتصنع الصواريخ والطائرات بدون طيار والبرمجيات للجيش الأميركي.
تعمل "أندوريل" على تطوير نظام دفاع جوي متقدم يعتمد على سرب من الطائرات الصغيرة الذاتية التحكم التي تعمل معا في المهام. يتم التحكم في هذه الطائرات عبر واجهة تعتمد على نموذج لغوي كبير يفسر الأوامر الصادرة باللغة الطبيعية ويحولها إلى تعليمات يمكن كلا من الطيارين البشريين والطائرات بدون طيار فهمها وتنفيذها. وقبل تعاقدها مع "أوبن أيه آي" كانت "أندوريل" تستخدم نماذج لغوية مفتوحة المصدر لأغراض الاختبار.
كما تستثمر الشركات التقنية العملاقة، مثل "غوغل" و"أمازون" و"مايكروسوفت" بشكل متزايد في الشركات الناشئة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، واخيرا حذفت شركة "غوغل" تعهدها بعدم تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي لأنظمة المراقبة أو الأسلحة من موقعها الإلكتروني. شمل التعديل إزالة قسم بعنوان "التطبيقات التي لن نسعى إليها" من صفحة مبادئ الذكاء الاصطناعي، الذي كان لا يزال موجودا حتى الأسبوع الماضي.