"النكبة" هو التعبير الذي يستخدمه الفلسطينيون لوصف أحداث عام 1948، حينما جُرّدوا بعنف من أراضيهم وممتلكاتهم وتعرضوا لتطهير عرقي، تزامن مع قيام دولة إسرائيل. وعلى مدى العقود التي تلت ذلك، ظلّ الفلسطينيون عرضة لفقدان المزيد من أراضيهم، والاحتلال العسكري، والحروب، والفصل العنصري، بل وحتى الإبادة الجماعية.
وكأن هذه السنوات من القهر والظلم لم تكن كافية، فاليوم يواجه مليونا فلسطيني في غزة خطر التطهير العرقي، فيما يعدّ أكبر موجة تهجير منذ نكبة 1948. وتجدر الإشارة إلى أن 70 في المئة من سكان غزة مسجلون كلاجئين، وكثير منهم منحدرون من أولئك الذين اقتلعوا من ديارهم عام 1948. وإذا تتبعنا الخط المستقيم الذي يربط بين لاجئي النكبة الأولى، وأولئك الذين أُجبروا اليوم على النزوح داخل غزة، في ظل الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل بلا هوادة، يتضح أن النكبة بالنسبة للفلسطينيين لم تتوقف أبدا.
واليوم، يثير ما يُعرف بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن غزة، موجة تنديد عالمي لمحاولتها إعادة تغليف التطهير العرقي في صورة مبادرة إنسانية. غير أن الحقيقة هي أن تهجير الفلسطينيين من غزة، إلى جانب السعي للسيطرة الكاملة على الضفة الغربية والقدس الشرقية، كان على الدوام هدفا جوهريا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والتيار الأيديولوجي الذي يمثله.
رواية كاذبة
تستند السردية الغربية عن الإبادة الجماعية في غزة إلى سمتين رئيستين. أولاهما إنكار أن أفعال إسرائيل تشكل إبادة جماعية، على الرغم من الاستنتاجات السائدة للخبراء، وتقارير الأمم المتحدة، وجماعات حقوق الإنسان الرائدة في العالم. والثانية تجاهل تاريخ قهر الفلسطينيين من إسرائيل قبل هجمات "حماس" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وهكذا، تحجب الرواية الغربية السائدة الواقع على الأرض قبل هجوم 7 أكتوبر وبعده.
تجسّد هذه الرواية الزائفة عن الانقسام الصارخ بين الكتلة الغربية، بقيادة الولايات المتحدة التي تحمي إسرائيل بأي ثمن– حتى على حساب القتل الجماعي للأطفال، وبعض أفظع الجرائم ضد الإنسانية في القرن الحادي والعشرين– والمجتمع الدولي الأوسع الذي يعترف بالنضال الفلسطيني من أجل تقرير المصير.