بعد أيام قليلة من توليه الرئاسة، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمرا تنفيذيا ينهي العمل ببرنامج "التنوع والمساواة والإدماج" (DEI) المستند إلى قانون الحقوق المدنية الصادر عام 1965، مما أثار موجة عارمة من السخط بين الديمقراطيين والمنظمات الحقوقية، إزاء ما اعتبروه انتكاسة، وسبة في جبين الإدارة الجمهورية، لاسيما وأن هذا البرنامج يضمن حقوق المثليين والملونين في مختلف قطاعات العمل، ويمنع التمييز ضد أي شخص على أساس عرقي أو ديني أو جنسي في التوظيف بالقطاعين العام والخاص.
ترمب برر قراره بأنه يرمي إلى إتاحة اختيار الموظفين والعمال بل والعسكريين على أساس الكفاءة، وليس تحقيق التوازن بين مختلف الفئات. وذهب إلى حد إلقاء اللوم على هذا البرنامح في حرائق لوس أنجلس الأخيرة، وتصادم طائرتين بالقرب من مطار رونالد ريغان بواشنطن.
وفيما احتفى جانب من أنصار ترمب وحلفائه بالقرار، شجبه معارضوه وحقوقيون بذريعة أنه سيفاقم من انعدام المساواة، وسيمحو جهود عقود من العمل على إعلاء الحقوق المدنية، وحماية الفئات المهمشة، ووصفوا ادعاءاته بشأن مسؤولية هذا البرنامج عن الحوادث الأخيرة بالخطيرة.
ظلت برامج "التنوع والمساواة والدمج" جزءا أصيلا من قواعد العمل والتوظيف لضمان التمثيل العادل للفئات، التي يعتقد أنها كانت مهمشة على مدار التاريخ الأميركي، مثل الأميركيين من ذوي الأصول الأفريقية، والمثليين، والنساء، وذوي الاحتياجات الخاصة، والأقليات العرقية.
ووضعت هذه البرامج التي باتت إجبارية، موضع التنفيذ في الأجهزة الحكومية والقطاع الخاص لإزالة الحواجز أمام الفئات التي تأثرت بميراث التمييز العنصري، والتمييز على أساس الجنس وأيضا لمكافحة كراهية الأجانب. وتتضمن هذه البرامج إلى جانب منع التمييز، حظر التفاوت في الأجور على أساس هذه الفروق، وتوسيع آفاق الفرص أمام الفئات التي تعاني قصورا في التمثيل.
وشكلت هذه البرامج التطور الطبيعي لتسلسل الحقوق المدنية في البلاد، منذ صدور قانون الحقوق المدنية في عهد الرئيس ليندن جونسون عام 1964 في أعقاب سلسلة طويلة من المظاهرات في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. وحال القانون دون التمييز على أساس العرق أو الدين أو بلد المنشأ أو اللون أو الجنس، مما أحدث تغييرات هائلة في المجتمع الأميركي.
وفي عام 1965، أصدر جونسون أمرا تنفيذيا اتسعت بمقتضاه محظورات التمييز لتشمل التعيين في الوظائف الحكومية، وهو القرار الذي ألغاه ترمب بمقتضى أمره الأخير. واكتسبت جهود العمل بهذا البرنامج زخما في القطاعين العام والخاص عام 2020 بعد مقتل المواطن الأسود جورج فلويد خنقا تحت ركبتي ضابط أبيض في مينيابوليس بولاية منيسوتا، مما أشعل الكثير من الاحتجاجات في مختلف أنحاء العالم ضد العنصرية وقسوة الشرطة.
ويزعم ترمب وأنصاره أن هذا البرنامج، كان يعزز التمييز ضد الفئات الأخرى من الأميركيين، بمن فيهم البيض والرجال، ويضعف من أهمية الكفاءة في التوظيف أو الترقيات. ووصف السياسات المتبعة في سياق هذا البرنامج بأنها محض هراء. أما المنظمات الحقوقية فتؤكد أن هذه السياسات تساعد في حماية الفئات المهمشة، وتتصدى للآثار المترتبة على الفجوات بينها عبر التاريخ والأجيال.
ويدفع اتحاد الحريات المدنية الأميركي بأن هذا البرنامج لا ينطوي على أي تمييز ضد من ذكرهم ترمب، ويرون أنه عامل أساسي في خلق البيئة الضرورية للنجاح للجميع، وإزالة العقبات أمام الأفراد للترقي. كما أكد رئيس مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة فولكر ترك أن برامج مكافحة التمييز لا تشكل أي تهديد وينبغي الحفاظ عليها.