تحلّ الذكرى العشرون لاغتيال رفيق الحريري الذي أدانت محكمة دولية أحد رجال "حزب الله" بالمشاركة في تدبير اغتياله. أما حسن نصرالله فسيدفنه حزبه بعد أيام، بعدما قتلته/اغتالته إسرائيل في 27 سبتمبر/أيلول 2024، أثناء حربها الدموية المدمرة على "حزبه" ومناطق بيئته، ردا منها عليه بعد حربه عليها "إسنادا" منه لغزة، عقب عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها "حماس" ضد إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ولربما تصعب مقاربة سلاسل الاغتيالات في لبنان، من دون إدراجها في السياقات "السياسية" التي تلابسها، وفي طليعتها الحروب الأهلية الإقليمية التي عرفها وخبرها اللبنانيون الذين سبقوا سواهم من أهالي بلدان عربية أخرى في خوضهم فيها. وهي حروب يتقاطع الداخلي والإقليمي فيها ويتلابسان، واستمرت طوال 15 سنة (1975-1990)، وتوقفت بتسوية إقليمية انجلت عن تنصيب النظام الأمني السوري الإقليمي وليا على شؤون الدولة اللبنانية وجماعاتها، بعد ضلوعه في تلك الحروب وإدارتها بين تلك الجماعات. وهذا ما أدى، بعد توقفها- كما في بلدان عربية أخرى لاحقا- إلى تكريس عوامل الحرب وأشكال الصراعات فيها والعلاقات بين قواها وجماعاتها... نظاما سياسيا، كانت فاتحته قانون عفو عام، برَّأ الجماعات اللبنانية ومنظماتها العسكرية من جرائم الحرب ومآسيها، وكانت الاغتيالات "السياسية" وجها من وجوهها، واستعادت زخمها في زمن "السلم الأهلي البارد"، منذ عام 2005.
أشكال الاغتيال الكثيرة
ومن الظواهر التي لابست الاغتيالات في زمن الحرب الأهلية الإقليمية في لبنان، أن اغتيال بعض زعماء الجماعات اللبنانية حملها على الثأر لهم في ثاراتٍ طائفية- قبلية إجرامية: أغار مسلحو الجماعة التي اغتيل زعيمها على ديار جيرانهم الأعداء، فأعدموا منهم مئاتٍ في بيوتهم وساحات بلداتهم إعداما ميدانيا. وهذا على الرغم من يقين من أقدموا على ذلك أن ليس جيرانهم الأعداء من اغتالوا زعماءهم، على ما ظهر جليا في حالتين على الأقل:
- حين اغتال النظام السوري الزعيم الدرزي كمال جنبلاط، أغار المسلحون الدروز من أنصاره على بلدات مسيحية مسالمة في الشوف وقتلوا كثرة من أهلها.
- حين اغتيل زعيم "القوات اللبنانية" المسيحية المنتخب رئيسا للجمهورية بشير الجميل، أغار رهط من أتباعه على مخيمات فلسطينية تحاصرها القوات الإسرائيلية، وارتكبوا مجزرة صبرا وشاتيلا الشهيرة.