خلال ولاية دونالد ترمب الرئاسية الأولى، وفي أوج الحرب التجارية مع الصين، أطلق بعض الصينيين، لقب "تشوان جيانغوا" أي "باني الأمة" على الرئيس الأميركي، في محاولة ساخرة، لتصوير أن سياساته، التي كان العالم لا يزال يتعرف بتعجب عليها، تقوض ريادة الولايات المتحدة، وتصب في نهاية المطاف لمصلحة الصين في الصراع على الهيمنة العالمية وتشكيل النظام العالمي في القرن الحادي والعشرين.
وفيما جادل بعض المحللين الغربين بأن هذا اللقب وما أحيط به من سجالات على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية مثل "ويبو" و"دويين"، إنما يعكس نزعة إعجاب، خصوصا لدى بعض القوميين الصينيين، بعناوين على أجندة ترمب، عاد لقب "باني الأمة" إلى التداول مع ترشح ترمب لولاية ثانية، لكن هذه المرة، لم يعد مقتصرا على وسائل التواصل، بل انتقل إلى مراكز الأبحاث الصينية ومداولات تيار لا بأس به من السياسيين والدبلوماسيين والمخططين الاستراتيجيين الصينيين، الذين يرون فعلا، بعد كل ما جرى في ولايته الأولى، أن ترمب قد يكون خيارا أفضل للصين من أي رئيس ديمقراطي أو حتى جمهوري آخر، وأن "الآثار الجانبية" المصاحبة لعودته إلى البيت الأبيض، مهما كانت مؤلمة، ثمن على بكين دفعه مع التطلع إلى عوائد مقبولة.
رغم ذلك، بقي هناك تيار وازن بين صناع السياسات والمحللين الصينيين، يتحدث بقلق عن مخاطر عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترمب، واحتمال أن يشن حربا اقتصادية أكثر عدوانية بسقوف تفاوضية عالية ومطالب مكلفة أو أن يعود إلى أجندة فك الارتباط الاقتصادي، وربما أن يقوده شعار استعادة عظمة أميركا بشكل أو بآخر إلى مواجهة حول تايوان.
وبحلول شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2024، موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، كان الشعور العام في بكين تجاه احتمال فوز ترمب، بما في ذلك لدى الحكومة الصينية، مزيجا من التفاؤل الحذر والقلق الاستراتيجي.
من يشكل النظام العالمي الجديد؟
ويرى ين كي، مدير وكالة أنباء "شينخوا" الصينية الحكومة في الكويت، في حديث مع "المجلة"، أن سياسات ترمب الانعزالية والأحادية والمعادية للنظام الدولي ومؤسساته، والتي يبدو أنها أكثر تركيزا في الولاية الثانية، تضر بصورة واشنطن الدولية وعلاقتها مع حلفائها، وهذا يصب في مصلحة الصين التي تخوض صراعا متعدد الأبعاد مع الولايات المتحدة يشمل النفوذ الاستراتيجي، والتنافس بين نظامي حكم، والاقتصاد، والسباق التكنولوجي، والتعزيزات العسكرية، إضافة إلى التنافس في القوة الناعمة عبر التأثير الثقافي والسرديات الإعلامية والمبادرات التنموية المتنافسة.