في مثل هذا اليوم، غيّر الملك عبد العزيز آل سعود خارطة الشرق الأوسط للمرة الثانية في حياته، بعد المرة الأولى يوم وحد القبائل العربية، وأسس المملكة العربية السعودية، لتكون الدولة الأقوى في الوطن العربي، والأكثر تأثيرا في العالم الإسلامي.
وكان التغيير الثاني في 14 فبراير/شباط 1945، يوم التقى بالرئيس الأميركي فرانكلن روزفلت على متن مدمرة في البحيرات المرة بقناة السويس، ليؤسس تحالفا متينا بين البلدين، عاش أطول بكثير منه ومن روزفلت.
كانت هذه هي المرة الثانية التي يجتمع فيها رئيس أميركي مع زعيم عربي، بعد اللقاء الشهير بين وودرو ويلسون والأمير فيصل بن الحسين في مؤتمر باريس للسلام سنة 1919. ولكن الفارق بينهما أن لقاء عام 1919 كان على هامش مؤتمر دولي وليس ثنائيا، ولم يكن فيصل في حينها قد توج ملكا على سوريا بعد، وقد استقبلته فرنسا يومئذ بصفته ممثلا عن أبيه الشريف حسين. وكان فيصل ضعيفا للغاية سنة 1919، يبحث عن شرعية دولية، بينما كان الملك عبد العزيز في قمة شرعيته سنة 1945، عندما قرر تلبية دعوة الرئيس الأميركي.
في سنة 1919 كان الأمير فيصل بحاجة إلى الأميركيين، بينما في سنة 1945 كانت أميركا بحاجة إلى الملك عبد العزيز، لضمان وقوف بلاده مع "دول الحلفاء" في الحرب العالمية الثانية، وعدم دخول ألمانيا النازية إليها، لا من الناحية العسكرية والسياسية ولا من الناحية الاستثمارية والتجارية. قبل قمة عام 1945 كانت الدول الغربية تطالب الدول العربية والإسلامية بموقف واضح من النازية، وقد فرضت على العراق قطع علاقاته الدبلوماسية ببرلين، وكررت الطلب نفسه أمام شاه إيران رضا بهلوي الذي لم يستجب، فاضطرت بريطانيا، ومعها الاتحاد السوفياتي، لغزو طهران والإطاحة به عام 1941.