في معرضه الحالي "من باب الاحتياط" Just in Case في غاليري "صفير-زملر" في بيروت، المستمر حتى 29 مارس/ آذار، يقدم الفنان الفلسطيني تيسير البطنيجي عدة مجموعات فنية، يحاول من خلالها وصف حرب غزة، غير أن "ما حدث يفوق الوصف".
رنة تنبيه هاتفية تصل إلى مسامع تيسير البطنيجي، تلحقها أخرى ثم أخرى، صور وفيديوهات تتراكم في موبايل الفنان الفلسطيني المقيم في باريس، ابن غزة التي حُرِم العودة إليها منذ عام 2006، بداية الحصار على القطاع. أنشأ الغزيون خلال الحرب حسابات على "تليغرام"، بعضها شخصي وبعضها إخبارية يتواصلون فيها، ويرسلون صورا ومقاطع توثق أيامهم. يفتح تيسير الصورة لتبدأ بالتحميل لكنها تتوقف، تتجمد في غبش لوني يمزج الأحمر بالأخضر بالرمادي بألوان الأرض والسماء، فتبدو للوهلة الأولى صورة تجريدية لوردة ربما أو شجرة.
جثة أو أكثر
ما أن ينقشع الضباب عن الصور وتتضح، ستظهر جثة أو أكثر. غير أن عيني تيسير تحدقان في منطقة برزخية رقمية بين الصورة واتضاحها، بين الجريمة وتنفيذها، بين تعثرها الافتراضي ووصولها. يأخذ الصورة التي التقطها ثم يرسمها بألوان الزيت عله يمكث في عالم الـبين بين لا يغادره، فلا يتحقق الموت في فوتوغرافيا لا لبس فيها، لقد أُلغي الزمن. في حديث لـ "المجلة" يصف البطنيجي رسوماته هذه بأنها "محاولة لإيقاف ما سيحدث، ولو مجازا"، مضيفا "احتفظت بالتعليقات الإخبارية لهذه الصور مع الأعمال كما وصلتني على تليغرام، إحداها كانت للطفلة هند رجب، بينما والدتها تروي لحظة استشهادها".