ظواهر غريبة ومربكة للاقتصاد العالمي تلك التي يثيرها الرئيس الأميركي دونالد ترمب منذ ما قبل انتخابه، دفعت العالم بأسره لأن يعيد النظر في مساراته ويضبط إيقاعه على وقع ما سيتفوه به من تهديد ووعيد ومخططات لـ"شراء دول" وفتاوى بلغت شمال الكرة الأرضية ومشرقها ومغربها وقوضت سيادات دول وهجرت شعوب بأسلوب مستفز لأقرب حلفاء الرجل.
بلغ حد "التنمر الترمبي" الاستخفاف بكل ما ومن هو ليس بأميركي، باعتباره موجودا لخدمة مصالح الولايات المتحدة الأميركية فحسب، كيفما تشاء ومتى تشاء، وعلى الطرف الآخر أن يأتي صاغرا مطيعا مذلولا وأن يستقبل ذله بابتسامة المحظوظ.
هل منظمة التجارة العالمية في طريقها الى مقصلة الإعدام؟
ليس تفصيلا أن تُزعزَع الأسس التي قامت عليها منظمة التجارة العالمية عام 1995 لتحل محل الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة (الغات) التي أنشئت عام 1948 في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وكان الهدف منها تعزيز فرص تبادل السلع والخدمات والاستثمار وانتقال الأفراد وهذا ما حصل. اذ شهد العالم بعد ذلك نشوء نظام تجاري قوي ومزدهر ساهم في نمو غير مسبوق. ومن منظور خبراء الاقتصاد، تعتبر التعريفات الجمركية "مسدسا" مصوبا نحو قدم من يفرضها.
فوائد العولمة المتقهقرة (على علاتها وعدم عدالتها) اسفرت عن ترابط سلاسل الإنتاج والاستهلاك وتدفقات الاستثمار، وتزويد المستهلكين مجموعة واسعة من الخيارات، وتحسين كفاءة الأسواق. كما وسعت أسواق رأس المال العالمية، وسهلت الوصول إلى الائتمان وخفض التكلفة التي يتحملها المقترضون من القطاعين العام والخاص.