حرب الرسوم الجمركية بين أميركا وكندا سلاح ذو حدين

هدنة الثلاثين يوما تكشف خلفيات ترمب وأن الاقتصاد الأميركي ليس بمنأى من الخسائر

أ.ف.ب.
أ.ف.ب.
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، خلال قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، واتفورد 4 ديسمبر 2019

حرب الرسوم الجمركية بين أميركا وكندا سلاح ذو حدين

رفع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حملته الإنتخابية شعارَي "أميركا أولا" و"لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، وأطلق تصريحات منها فرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المئة على كل الواردات من كندا والمكسيك، إلى جانب رسوم بنسبة 10 في المئة على موارد الطاقة الكندية، ما لم تعمل هاتان الدولتان على إيقاف العبور غير القانوني للأفراد والمخدرات، لا سيما الفنتانيل، إلى الولايات المتحدة. وقال وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك، إن فرض الرسوم على الواردات من كندا سيكون إجراء طارئا ويمكن أن يتبعه المزيد من الرسوم الجمركية. ويأتي هذا القرار على الرغم من وجود إتفاقية تجارة حرة بين الولايات المتحدة وكل من كندا والمكسيك.

في الثاني من فبراير/ شباط 2025، أطلق ترمب المزيد من التصريحات السلبية، مشددا على أن كندا تستغل بلاده، ومنتقدا العديد من جوانب العلاقة التجارية بين البلدين، ومشيرا إلى القيود التي تضعها كندا على المصارف الأميركية. وأضاف أن الولايات المتحدة ليست بحاجة إلى الخشب الكندي أو الطاقة وصناعة السيارات. أما التصريح الأكثر استفزازا فكان تكراره القول إنه من الأفضل أن تصبح كندا الولاية الأميركية الحادية والخمسين.

وخلال يومين فقط بعد توقيع الرئيس ترمب الأمر التنفيذي بفرض الرسوم الجمركية على كندا والمكسيك، اهتزت الأسواق العالمية، واجتاحت خسائر حادة أسواق الأسهم الأوروبية، وتعرضت أسواق الأسهم الآسيوية للضغط الشديد، فيما تكبدت سوق العملات المشفرة خسائر فادحة تجاوزت 600 مليار دولار.

وكان ترمب لوّح بفرض رسوم جمركية على معظم الواردات من دول الاتحاد الأوروبي، وهدد بأن أوروبا ستدفع ثمنا باهظا جراء الفائض التجاري الكبير الذي استمر لعقود بين الجانبين، وقد اتخذت المصارف المركزية والاتحادية في أوروبا إجراءات للحد من تأثير هجوم ترمب الجمركي على اقتصادات أوروبا، ومجالات تبادل السلع.

التعريفات الجمركية هي أجمل الكلمات بالنسبة لي في القاموس!

الرئيس الأميركي، دونالد ترمب

وبالطبع، فرض ترمب رسوما على كل منتجات الصين التي تدخل الولايات المتحدة، مع تعريفة إضافية "إكسترا" بنسبة 10 في المئة. ويقول ترمب "إن الرسوم الجمركية هي أجمل الكلمات بالنسبة لي في القاموس"!

ليس هذا فحسب، إذ هدد باستعادة قناة بنما، وعرض امتلاك جزيرة غرينلاند، وأعلن أن الولايات المتحدة ستسيطر على قطاع غزة وستمتلكه وتحوله إلى ريفييرا الشرق الأوسط. كما أوقف المساعدات الخارجية الأميركية بشكل مؤقت، وأعلن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ، ومن مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والـ"أونروا"، وقرر إعادة تسمية "خليج المكسيك" رسميا بإسم "خليج أميركا" داعيا إلى أن تعكس جميع خرائط الحكومة الفيديرالية ووثائقها التسمية الجديدة (وقامت "غوغل" بتغييره في خرائطها)، ووقع أمرا بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية... والحبل على الجرار!

ذريعة ترمب والإجراءات الكندية المبكرة

تفاديا للإشكالات مع الولايات المتحدة، وفي 17 ديسمبر/ كانون الأول 2024، أعلنت حكومة كندا خطة الحدود الكندية، التي تهدف إلى تعزيز أمن الحدود، ونظام الهجرة.

تبلغ تكلفة الخطة 1,3 مليار دولار، وتقوم على خمس ركائز أساسية: (1) الكشف عن تجارة الفنتانيل وتعطيلها، (2) تقديم أدوات جديدة مهمة لإنفاذ القانون، (3) تعزيز التنسيق العملاني، (4) زيادة تبادل المعلومات، و(5) اتخاذ إجراءات للحد من عدد الأشخاص الذين يمكنهم الدخول إلى كندا، ومن يمكنهم البقاء.

علما أن الذريعة التي استخدمها ترمب تبدو واهية للغاية، خصوصا أنه، وبحسب بيانات الجمارك وحرس الحدود الأميركية، فإن نحو 0,2 في المئة فقط من جميع عمليات ضبط الفنتانيل التي تدخل الولايات المتحدة تتم عند الحدود الكندية، كذلك فإن نسبة العبور غير القانوني للأفراد عبر الحدود الكندية تمثل أقل من 1% من إجمالي المهاجرين الذين يدخلون إلى الولايات المتحدة.

الرد الكندي لم يقتصر على المفاوضات السياسية، بل شمل أيضاَ إجراءات اقتصادية، مثل رفع الرسوم الجمركية على الواردات الأميركية، وإلغاء عقود تجارية بعشرات الملايين من الدولارات، إلى جانب دعوات للمقاطعة الشعبية للسلع الأميركية، وإلغاء الرحلات السياحية

وكان رئيس الوزراء الكندي المستقيل جاستن ترودو قد سارع لزيارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، والتقاه في منتجعه في فلوريدا بتاريخ 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، بعد أيام من تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية على الواردات الكندية بسبب مخاوف تتعلق بالحدود، وذلك في محاولة لمعالجة مبكرة للإشكال بين البلدين.

ردود الفعل الكندية

توجه ترودو برسالة إلى الأميركيين مذكراً إياهم بأن بلاده كانت إلى جانبهم في "أحلك الأوقات"، سواء كانت أزمة الرهائن في إيران والحرب في أفغانستان، أو الكوارث الطبيعية المميتة مثل إعصار "كاترينا" وحرائق الغابات الأخيرة في كاليفورنيا.

على الصعيد الداخلي، اعتبرت خطوة ترمب بمثابة إعلان حرب اقتصادية ضد كندا، فتحرك ترودو وبدأ مشاورات مكثفة مع حكومات المقاطعات الكندية لتحديد أفضل السبل لمواجهة هذه الحرب الاقتصادية، وتوحيد المواقف من أجل الدفاع عن الاقتصاد الوطني.

أ.ف.ب.
العلم الكندي بجوارمنفذ حدودي مع الولايات المتحدة الأميركية، نياجرا، كندا 4 فبراير 2025

الرد الكندي لم يقتصر على المفاوضات السياسية، بل شمل أيضا إجراءات اقتصادية، مثل رفع الرسوم الجمركية على الواردات الأميركية، وإلغاء عقود تجارية بعشرات الملايين من الدولارات، إلى جانب دعوات للمقاطعة الشعبية للسلع الأميركية، وإلغاء الرحلات السياحية إلى الولايات المتحدة.

وفي رد على قرار ترمب قال ترودو يوم السبت 1 فبراير/ شباط في خطاب الى الأمة: "أعلن الليلة أن كندا سترد على الإجراء التجاري الأميركي بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المئة على بضائع أميركية بقيمة 155 مليار دولار". وقال ترودو إن هذا سيشمل فرض رسوم جمركية فورية على سلع بقيمة 30 مليار دولار اعتبارا من الثلاثاء الماضي، تليها رسوم جمركية أخرى على منتجات أميركية بقيمة 125 مليار دولار في غضون 21 يوما "للسماح للشركات الكندية وسلاسل التوريد بالسعي لإيجاد بدائل".

كان خيارنا الأول دائماً هو تجنب الصراع التجاري مع شريكنا الرئيسي، لكن السيد ترمب قرر مهاجمتنا، وعلينا أن نناضل من أجل حماية اقتصادنا ووظائفنا

فرنسوا لوغو، رئيس وزراء إقليم كيبيك

وأضاف إن استجابة كندا "ستكون بعيدة المدى وتشمل العناصر اليومية مثل البيرة الأميركية والنبيذ والبوربون والفواكه وعصائر الفاكهة، بما في ذلك عصير البرتقال، إلى جانب الخضروات والعطور والملابس والأحذية".

من جهته أعلن رئيس وزراء إقليم كيبيك فرنسوا لوغو "لقد كان خيارنا الأول دائما هو تجنب الصراع التجاري مع شريكنا الرئيسي، لكن السيد ترمب قرر مهاجمتنا، وعلينا أن نناضل من أجل حماية اقتصادنا ووظائفنا". وأضاف "نحن لا نسعى إلى هذه الحرب التجارية، ولكننا قادرون على الدفاع عن أنفسنا وقادرون على التغلب على هذه الأزمة والخروج منها أقوى". في حين قال رئيس وزراء إقليم أونتاريو، دوغ فورد، إنه ألغى عقدا إقليميا بقيمة 100 مليون دولار أميركي لتوفير الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في المناطق الريفية مع شركة "ستارلينك"، التي يسيطر عليها إيلون ماسك. وأضاف: لن تتعامل أونتاريو مع أشخاص عازمين على تدمير اقتصادنا.

وأوضح أنه منع جميع الشركات الأميركية من التقدم بعطاءات على عقود حكومة أونتاريو، حتى يتم رفع الرسوم الجمركية الأميركية على السلع الكندية. وقال: "ستخسر الشركات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها عشرات المليارات من الدولارات من الإيرادات، ولا يتحمل اللوم إلا الرئيس ترمب".

رويترز
حركة السفن في ميناء مدينة سانت جونز الكندية، عقب فرض الولايات المتحدة الأميركية رسوما على الصادرات الكندية

ولفت فورد إلى أن الحظر يعني أن الشركات الأميركية ستفقد أي جزء من السلع والخدمات التي تبلغ قيمتها 30 مليار دولار والتي تشتريها حكومة أونتاريو ووكالاتها من القطاع الخاص كل عام، بالإضافة إلى أي عقود مستقبلية تمنح كجزء من الإنفاق المخطط له على البنية التحتية بقيمة 200 مليار دولار على مدى العقد المقبل.

تحرك كندي في واشنطن

في هذا الإطار، اجتمعت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي بنظيرها الأميركي ماركو روبيو في واشنطن، وهي الزيارة الخامسة لجولي إلى الولايات المتحدة منذ الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، وتندرج في إطار جهودها لإقناع المشرّعين الأميركيين بأن فرض واشنطن رسوما جمركية على كندا يلحق الضرر بمصالح البلدين.

نحن على ثقة تامة أن الحلف يمكن أن يتعامل مع التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وكندا

الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته

على الصعيد الخارجي، أشارت وسائل الإعلام إلى إعلان كندا والمكسيك التنسيق المشترك لمواجهة الرسوم الجمركية الأميركية.

وذكرت وزارة الاقتصاد الألمانية أن وزير الاقتصاد روبرت هابيك، تحدث عبر الهاتف مع نظيرته الكندية وزيرة التجارة ماري نج حول الرسوم الجمركية ولفتت إلى أن "الحوار كان بناء ومفعما بالثقة، وتم تأكيد القواسم المشتركة في موقفي البلدين، وأن دوامة التعريفات الجمركية التي أطلقها الرئيس ترمب لن يكون فيها فائزون في نهاية المطاف".

وأعلن الأمين العام لحلف الناتو: "نحن على ثقة تامة أن الحلف يمكن أن يتعامل مع التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وكندا".

اتصال بين ترمب وترودو

وعقب اتصال هاتفي بين ترمب وترودو بتاريخ 3 فبراير/ شباط، أعلن ترودو أنه سيتم إيقاف التعريفات المقترحة مؤقتا لمدة 30 يوماً على الأقل أثناء العمل على تنفيذ خطة كندا الحدودية بالتعاون مع الولايات المتحدة.

الصفحة الرسمية لرئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، خلال لقائهما في مقر إقامة ترمب في منتجع مار إيه لاغو في ولاية فلوريدا، 30 نوفمبر 2024.

وقال ترودو إن الخطة "تهدف إلى تعزيز الحدود بمروحيات جديدة وتكنولوجيا وأفراد، وتعزيز التنسيق مع شركائنا الأميركيين، وزيادة الموارد لوقف تدفق الفنتانيل. ويعمل نحو 10 آلاف من أفراد الخطوط الأمامية على حماية الحدود". كذلك، ستتخذ كندا التزامات جديدة بتعيين "قيصر الفنتانيل" (مسؤول تُناط به مهمة منع تهريب الفنتانيل إلى الولايات المتحدة)، "وسوف نقوم بإدراج الكارتلات على قائمة الإرهابيين، وضمان مراقبة الحدود على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وإطلاق مبادرة مشتركة بين كندا والولايات المتحدة، عبر قوة مشتركة لمكافحة الجريمة المنظمة والفنتانيل وغسيل الأموال"، وفقا لترودو.

العلاقات الاقتصادية بين كندا والولايات المتحدة أكثر من مجرد شريكين تجاريين، فهما يمثلان اقتصادين متكاملين للغاية

تقرير عن العلاقات الاقتصادية

من جهته، قال ترمب على منصته "تروث": "وافقت كندا على ضمان أمن حدودنا الشمالية، وإنهاء آفة المخدرات القاتلة مثل الفنتانيل التي تتدفق إلى بلدنا، مما أسفر عن مقتل مئات الآلاف من الأميركيين".

وفي إشارة إلى تعليق التعريفات الجمركية، أضاف ترمب أن هذه الفترة تهدف "لمعرفة ما إذا كان من الممكن هيكلة صفقة اقتصادية نهائية مع كندا أم لا".

الصادرات والواردات بين الولايات المتحدة وكندا

وفقا لتقرير وزارة المالية الكندية عن العلاقات الاقتصادية بين كندا والولايات المتحدة بتاريخ 16 يناير/ كانون الثاني 2025، يعتبر البلدان أكثر من مجرد شريكين تجاريين، فهما يمثلان اقتصادين متكاملين للغاية.

أ.ف.ب.
سيارات تصطف عند المعبر بيس آرك في كندا للدخول إلى الولايات المتحدة الأميركية، 1 فبراير 2025

وتُعدّ كندا أكبر عميل لصادرات السلع والخدمات الأميركية، فقد استوردت عام 2023 بضائع أميركية بقيمة 484 مليار دولار كندي (338 مليار دولار أميركي)، أي أكثر من الصين واليابان وفرنسا والمملكة المتحدة مجتمعة، كما استوردت خدمات بقيمة 123 مليار دولار كندي (86 مليار دولار أميركي).وهي أكبر سوق للصادرات لـ36 ولاية أميركية، ومن بين الأسواق الثلاثة الأولى لـ46 ولاية أميركية، حيث تصدر 43 ولاية أميركية أكثر من مليار دولار أميركي إلى كندا كل عام.

كما تُعدّ كندا الوجهة الأولى للصادرات الأميركية لـ50 من أصل 97 فئة من المنتجات، وتغذي الواردات من كندا الصناعة الأميركية، مما يجعلها أقوى وأكثر قدرة على المنافسة. وتدعم كندا التصنيع الأميركي حيث يتم استخدام نحو 70 في المئة من صادرات السلع الكندية إلى الولايات المتحدة في إنتاج سلع أخرى.

تقوم الشركات المملوكة لكندا في الولايات المتحدة بتوظيف نحو 900 ألف موظف أميركي، كما تساهم في خلق نحو 8 ملايين وظيفة أميركية مرتبطة بالتجارة مع كندا

كذلك تُعدّ كندا موردا أساسيا للسلع والخدمات التي تشكل جزءا لا يتجز من الاقتصاد الأميركي، وصدّرت إلى الولايات المتحدة في عام 2023 بضائع بقيمة 593 مليار دولار كندي (414 مليار دولار أميركي) وخدمات بقيمة 105 مليار دولار كندي (73 مليار دولار أميركي).

وكندا هي المورد الأول للطاقة للولايات المتحدة، حيث تغذي الطاقة الكندية الاقتصاد الأميركي، وبلغ إجمالي تجارة الطاقة الثنائية بين البلدين 153,7 مليار دولار أميركي في عام 2023. وتوفر كندا المزيد من واردات النفط الخام للولايات المتحدة مقارنة بالمكسيك والمملكة العربية السعودية والعراق مجتمعة، ويأتي نحو ربع استهلاك مصافي النفط الأميركية من كندا.

ويعبر أكثر من 35 خطا رئيسا لنقل الكهرباء و70 خط أنابيب للنفط والغاز الحدود المشتركة، حيث تتدفق الطاقة في كلا الاتجاهين.وتعد كندا موردا رئيسا للولايات المتحدة للمعادن التي تزود صناعات الزراعة والدفاع والطاقة وتكنولوجيا الاتصالات. وتعتمد ملايين الوظائف على جانبي الحدود على هذه العلاقة، ويعبر الحدود يوميا أكثر من 2,5 مليار دولار أميركي من السلع والخدمات.

Shutterstock
حقل نفظي في روكي فيو ألبرتا، غرب كندا، 24 يناير 2024

وتوظف الشركات المملوكة لكندا في الولايات المتحدة نحو 900 ألف موظف أميركي، مع نحو 8 ملايين وظيفة أميركية مرتبطة بالتجارة مع كندا. وذكر تقرير حديث صادر عن مصرف "تي. دي" (TD) أن الولايات المتحدة في طريقها لتسجيل عجز تجاري بقيمة 45 مليار دولار مع كندا في عام 2024.

حرب تجارية لصالح الاقتصاد الأميركي

تقول كانديس لينج، رئيسة غرفة التجارة الكندية لصحيفة "بوليتكو" الإلكترونية الأميركية إنها تعتقد أن ترمب يستخدم الرسوم الجمركية لزيادة الإيرادات حتى يتمكن من تحمل تكاليف تمديد خفض الضرائب التي وقعها في عام 2017 والتي من المقرر أن تنتهي هذا العام.

هل يحاول ترمب شلّ حركة كندا حتى يتمكن من جعلها الولاية رقم 51؟ وهو الذي قال منتقدا ما يراه عجزا تجاريا هائلا للولايات المتحدة مع كندا، "ندفع مئات المليارات من الدولارات لدعم كندا، وبدون هذه الإعانة الضخمة، تتوقف كندا عن الوجود كدولة قابلة للحياة"

كما يطرح المحللون السؤال: هل يتعلق الأمر بالتصنيع في الولايات المتحدة، وهل هو جزء من أجندة أوسع لإعادة توطين الأعمال إلى الجنوب من الحدود الكندية؟ وهل يحاول ترمب تدمير سلاسل توريد تصنيع السيارات عبر الحدود؟ لقد قال مرارا وتكرارا إن الولايات المتحدة يمكنها تصنيع جميع السيارات التي تحتاجها في ديترويت أو في أي مكان آخر.

هل يحاول ترمب شلّ حركة كندا حتى يتمكن من جعلها الولاية رقم 51؟ وهو الذي قال منتقدا ما يراه عجزا تجاريا هائلا للولايات المتحدة مع كندا، "ندفع مئات المليارات من الدولارات لدعم كندا، وبدون هذه الإعانة الضخمة، تتوقف كندا عن الوجود كدولة قابلة للحياة". مضيفا: "قاس لكنه حقيقي! لذلك، يجب أن تصبح كندا ولايتنا رقم 51. ضرائب أقل بكثير، وحماية عسكرية أفضل بكثير لشعب كندا - ولا تعريفات جمركية"!

أ.ف.ب.
العلمان الكندي والأميركي عند معبر جسر بلو ووتر الحدودي، بالقرب من مدينة أونتاريو الكندية، 29 يناير 2025

"هذا ما يريده: يريد المال. يريد السلطة. يريد السيطرة"، هذا ما كتبته رائدة الأعمال الكندية أرلين ديكينسون، وهي عضو في مجلس ترودو الكندي الأميركي. وعن خطة ترمب النهائية قالت: "إنها خادعة وواضحة للغاية".

المزيد من التصعيد أو الاتجاه الى المفاوضات

تعتبر الحرب التجارية التي أطلقها ترمب ضد كندا سابقة تهدد العلاقة الاقتصادية بين البلدين، والتحالف الوثيق بينهما. وبغض النظر عن دقة المعلومات التي استند اليها ترمب في تصريحاته وقراراته في سياق الحرب التجارية والرسوم الجمركية بين البلدين، فإن السؤال المطروح هل قرر ترمب شن هذه الحرب ضد كندا لمعطيات وأسباب سياسية واقتصادية داخل الولايات المتحدة، أم أن هذا جزء من استراتيجيا واسعة لإعادة هيكلة وتشكيل العلاقات التجارية بين واشنطن وبقية دول العالم، علما بأن استخدام سلاح الرسوم الجمركية هو ذو حدين، فقد يفيد الخزينة الأميركية، وقد يضر الاقتصاد الأميركي.

من المرجح أن تستخدم هذه التهديدات كأداة للتأثير على إعادة التفاوض على اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA)، المقرر إجراؤها في عام 2026

وهل الحرب التجارية التي يشنها ترمب على كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي والصين والهند وكولومبيا، وغيرها، هي بهدف خفض العجز التجاري القائم، أم أن وراء الأكمة ما وراءها!

أ.ف.ب.
شاحنات نقل بضائع تسير باتجاه الولايات المتحدة الأميركية، في نياجرا الكندية 4 فبراير 2025

كما أنه لم تتضح بعد أخطار الحرب الجمركية التي فجَّرها ترامب في وجه اتفاقية "الغات" على المنطقة العربية. وعلى الرغم من حدة الخطابات، فمن غير المرجح أن تُطبّق التعريفات الجمركية الواسعة النطاق. وبدلا من ذلك، من المرجح أن تستخدم هذه التهديدات كأداة للتأثير على إعادة التفاوض على اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA)، المقرر إجراؤها في عام 2026.

ومع استمرار التوترات بين واشنطن وأهم شركائها التجاريين، يترقب المستثمرون والمراقبون ما إذا كانت هذه المواجهة التجارية ستتصاعد، أم أن الأطراف سيتجهون إلى طاولة المفاوضات لتجنب تداعيات أوسع على الاقتصاد العالمي. وإلى حين اتضاح الأمور، تبقى الإجابة مؤجلة إلى جولة أخرى، بعدما رضخت الأطراف لمشيئة ترمب في الجولة الأولى.

font change

مقالات ذات صلة