"شكوكو" في أربعين رحيله: المهرج الفصيح

اشتهر بالمونولوغ وتحريك الدمى وأعاد إحياء صورة الفنان الشعبي

"شكوكو" في أربعين رحيله: المهرج الفصيح

يعد "الأراجوز" واحدا من أكثر الشخصيات شهرة في عالم الدمى المتحركة أو الماريونيت، إن لم يكن أشهرها على الاطلاق. وعلى الرغم من محدودية حركته، ارتبطت الشخصية في الأذهان بصورة من النشاط تصل إلى فرط الحركة أحيانا، ربما أثار هذا التناقض تساؤلا لدى البعض: ماذا لو تحرر الأراجوز من ثباته وانطلق بحرية؟ لم يكن ذلك مجرد خيال، بل تجسد على أرض الواقع مع تجربة الفنان المصري محمود شكوكو الذي بثّ في الشخصية وفي الفن الشعبي المصري، روحا مغايرة ومميزة قبل رحيله في مثل هذا اليوم في فبراير/شباط 1985.

الفنان الفصيح

في الأول من مايو/أيار سنة 1912 بينما يحتفل العالم بعيد العمال، رزق أحد أسطوات النجارة بحي الدرب الأحمر ويدعى ابراهيم اسماعيل موسى بمولود جديد، أطلق عليه اسم محمود، الذي سيعرف لاحقا بـ"شكوكو" بعد أن يرتبط اللقب –وهو من اختيار جده في إحدى الروايات- باسمه الفني والرسمي في وثيقة تحقيق الشخصية.

بحسب الرواية، كان الجد يواظب على تربية الديوك إلى جانب عمله بالنجارة، حيث كانت مصارعة الديوك من الألعاب الرائجة آنذاك بين أبناء الطبقة الشعبية. وعرف الصغير بموهبته في تقليد الأصوات من حوله، سواء من البشر أو الحيوانات والطيور في الحارة وفوق سطوح البيوت، وحين انتبه الجد إلى التشابه بين صوت حفيده وصياح أحد الديكة أطلق عليه لقب "شكوكو".

ويبدو أن الصغير لم يأخذ من الديك غرائبية الصوت فحسب، إذ أظهر تفوقا بين أقرانه في المناكفة والعناد حتى عدَّ من زمرة المشاغبين. نتج من ذلك تسرب مبكر من التعليم قبل أن يتمكن من فك الخط، لكنه في المقابل أتقن مهنة النجارة إلى درجة مكنته من صنع أثاث زواجه بالكامل. ومن الشائع أنه ظل محتفظا بعدة النجارة طوال حياته حتى بعد الشهرة، يمارسها بين آن وآخر ولو في صورة تصليح أحد الكراسي في البيت. من خلال هذه المهنة تشكلت الملامح الرئيسة لشخصية "شكوكو"، أحد أشهر نماذج الشخصية الشعبية، عصب النسيج للهوية المصرية في العصر الحديث.

عرف الصغير بموهبته في تقليد الأصوات من حوله وحين انتبه الجد إلى التشابه بين صوت حفيده وصياح أحد الديكة أطلق عليه لقب "شكوكو"

لم تكن ورشة والده في حارة "الكحيين" مجرد مكان لتعلم حرفة النجارة فحسب، بل كانت المدرسة الأولى التي صاغت ملامح هويته الفنية، ومنها استقى شكوكو روحه الشعبية وتشرب تفاصيلها، فقد كانت الحارة تتميز بخلطة تاريخية دينية، يرجع تاريخها إلى العصر الفاطمي وقد سميت بذلك نسبة الى صناع كعك العيد والحلويات، كما أنها تحوي مجموعة من الأضرحة التاريخية، إلى جانب الحمامات الشعبية التي ظل بعضها يعمل حتى فترة قريبة، لتظل الحارة شاهدة على امتزاج التراث بالحياة اليومية، وهو المزيج الذي انعكس بوضوح في فنه لاحقا، ليصبح من أشهر وأحب أيقونات الفن الشعبي المصري، بعد أن أضاف إليه. 

منزل محمود شكوكو

لذلك نجد أن أوائل من تأثر بهم شكوكو في مشواره الفني كانوا من النجوم الشعبيين، نجوم الظل الذين تقتصر جماهيريتهم على الحارات والأحياء الشعبية. من بين هؤلاء برز اسم الحاجة زينب التي كانت، وفقا لما ذكره في حوار إذاعي مع الإعلامي وجدي الحكيم، ملهمته الأولى، إذ سمع منها موالا وهو في الخامسة عشرة من عمره، كان بمثابة الشرارة التي أيقظت شغفه بهذا الفن، مما دفعه إلى ترك ورشة النجارة والانطلاق نحو الأفراح والموالد، يغني بلا مقابل، مكتفيا بالشعبية التي يصنعها بين الأزقة والحارات، وكان أول أجر يتقاضاه من الفن هو قرشين أثناء عمله بفرقة جوالة في الموالد لفنانة شعبية تدعى فاطمة الكسار، مضحيا بدخله من النجارة الذي بلغ 25 قرشا شهريا.

منحه هذا الانتشار العفوي قاعدة جماهيرية واسعة قبل أن يدخل عالم الاحتراف، فلم تكن هناك زاوية في القاهرة إلا وتعرفه، كما يؤكد في أكثر من حديث، الأمر الذي انعكس إيجابا مع واحدة من أهم خطواته الأولى عندما انضم إلى فرقة الفنان علي الكسار في 1941، إذ عرض عليه الأخير تقديم مونولوغات بين الفواصل ضمن البرنامج اليومي لمسرح "كازينو بالاس" بروض الفرج، وكان النجاح مبهرا وحليفا له منذ أول حفلة، حين تدفق الجمهور من العمال والبسطاء للاحتفاء بابن حارتهم، الأمر الذي دفع الكسار إلى رفع أجره من حفنة قروش إلى خانة الجنيهات، إيذانا بولادة نجم شعبي استثنائي.

محمود شكوكو في بداياته

كرنفال ذاتي

على مدار مشواره الفني الذي تجاوز أربعة عقود، قدم "شكوكو" ما يزيد على 500 مقطوعة غنائية، تراوحت بين فن المونولوغ والطقطوقة والأغنية القصيرة، فضلا عن إضافاته العديدة والمتكررة والمبتكرة، لذلك لم يكن من الغريب أن يلفت إليه الأنظار على الرغم من وجود أسماء مثل سيد سليمان وزكي الور وعبد العزيز أحمد، من معاصريه أو السابقين عليه، وهم من أبرز الأسماء في تاريخ فن المونولوغ، ولكنه تميز عنهم باللون الشعبي، أو البلدي كما كان يحب أن يسميه.

ترك ورشة النجارة للانطلاق نحو الأفراح والموالد، يغني بلا مقابل، مكتفيا بالشعبية التي يصنعها بين الأزقة والحارات

في البداية، كان شكوكو يظهر على المسرح ببدلة زرقاء من القماش، الزي الرسمي للعامل حينها، محتفيا بانتمائه الى الطبقة العاملة. وحين قدم لأول مرة أغنيته الشهيرة "ورد عليك" للموسيقار أحمد المسيري، اختار ارتداء الجلباب البلدي تحية لأبناء روض الفرج، كما حرص أثناء الحفل على حمل مجموعة من الورود بيديه يقوم بإلقائها على الجمهور خلال الأغنية تماشيا مع كلماتها، وهي الأغنية التي ستشهد لبدايته مع الإذاعة لاحقا لتبقى إحدى العلامات البارزة في مشواره الفني، إذ اعتاد تقديمها في حفلاته مع مراعاة تجديد الحالة والشكل في كل مرة، الأمر الذي كان حريصا عليه في جل أعماله. فبعد ثورة يوليو على سبيل المثل، نجده يبدل كلمات الأغنية في إحدى حفلات أعياد الثورة إلى "ورد عليك... جيم عين ميم" اختصارا لـ "الجمهورية العربية المتحدة". وقد تميز شكوكو ضمن ما تميز به بسرعة البديهة والذهن الحاضر في تحوير كلمات أغانيه بما يتناسب مع الموقف، مثله في ذلك مثل كل "ابن نكتة" بحسب وصف المصريين. 

محمود شكوكو في أحد عروضه

في حفلة أخرى قدم "شكوكو" مونولوغا جديدا من كلمات مصطفى الطوربيد، أحد الأسماء المغمورة في الفن الشعبي، مطلعه "الواد يهابني واللي خلقك" يتناول فيه شخصية أحد الفتوات القدامى مما دفعه لاستخدام العصا البلدية، الرمز الأشهر للفتوة. أما الطاقية الطويلة أو "الطرطور" فيروي في لقاء سابق أنه شاهدها على رأس أحد الفلاحين أثناء سيره، فأعجب بها واشتراها منه ببضعة قروش ليضيفها إلى إطلالته. هكذا اكتملت الصورة التي ستصبح لاحقا علامة مميزة لشكوكو تضاهي أشهر العلامات التجارية، فكما هو شائع يعتبر "شكوكو" الفنان الوحيد الذي صنعت له تماثيل من الجبس لم يخلُ منها بيت في مصر في فترات سابقة، كما أطلقت إحدى الشركات في حينها نوعا جديدا من الكبريت يحمل اسمه، هذا بخلاف تماثيل الحلاوة التي كانت تنافس الجياد والعرائس الخاصة بموسم احتفالات المولد النبوي.

محمود شكوكو يرقص بالعصا

في الإذاعة

يُعتبر الإذاعي محمد فتحي الشهير بـ"كروان الإذاعة" المكتشف الحقيقي لموهبة "شكوكو". استمع إليه لأول مرة خلال حفلة عيد ميلاد سيد مصطفى، أحد العازفين المشهورين، ولحسن حظه كانت الإذاعة تستعد لنقل حفل مباشر من نادي الزمالك لمناسبة أعياد شم النسيم، فانضم إلى البرنامج ليبدأ بعدها رحلته مع الإذاعة التي عززت شهرته.

في منتصف الأربعينات، أسس فرقته المسرحية الخاصة التي ضمت مجموعة من النجوم مثل تحية كاريوكا وعبد العزيز محمود وسميحة توفيق وسعاد مكاوي وثريا حلمي. بدأ نشاط الفرقة من مسرح حديقة الأزبكية ثم انتقل إلى مسرح بديعة مصابني، حيث أحدث تطويرا في العروض اليومية بإدخال المونولوغات والدويتوهات ضمن السياق الدرامي، بدلا من تقديمها كفواصل مستقلة، مستعينا بمدربي رقص وملحنين وكتّاب دراما.

قدم "شكوكو" ما يزيد على 500 مقطوعة غنائية، تراوحت بين فن المونولوغ والطقطوقة والأغنية القصيرة، فضلا عن إضافاته العديدة والمتكررة والمبتكرة

امتد إبداعه أيضا إلى مسرح العرائس، فقدم أعمالا متميزة مثل "السندباد البلدي"، "الكونت دومونت شكوكو" من تلحين محمود الشريف وسيد مكاوي، وإخراج واحد من رواد فن العرائس صلاح السقا. استمرت هذه التجربة حتى عام 1963 لتصبح النواة التي قامت عليها فكرة المسرح القومي للعرائس لاحقا. كما كان لـشكوكو دور مهم في إحياء فن الأراجوز، فاستعان في البداية بأحد اللاعبين ويدعى علي مصطفى كما يروي، وذلك لتحريك الدمى بينما اكتفى هو باستخدام "الأمانة" -الصفارة التي تصدر الصوت المميز للأراجوز- لكنه سرعان ما تعلم التحريك بنفسه، ليصبح أحد أبرز من أعاد إحياء هذا الفن الشعبي.

محمود شكوكو في عرض "عرائس"

أما على مستوى التأثير الإذاعي، فتحسب لـ"شكوكو" مساهمته المميزة في ظاهرة "راديو المقهى"، التي تحدث عنها المؤرخ د. محمد عفيفي، إذ كان صوته وأعماله تملأ المقاهي، مما ساهم في زيادة شعبيته وجعله جزءا من الذاكرة الجماعية للمصريين.

أمام حياة صاخبة كتلك، لم يكن من الغريب أن ينسج الكثير من الحكايات والأساطير حول حياة "شكوكو"، إلا أن وجه الغرابة يرجع إلى  كونه كان واحدا من أنشط الصناع الرئيسيين لتلك الحكايات، التي لم تخرج في معظمها عن الإطار الكوميدي، في ما يشبه "النكتة" الشعبية من حيث البناء أو العناصر. على أن الحكاية لديه غير ثابتة، فهي متنوعة ومختلفة الأساليب وربما السياق الدرامي باختلاف المناسبات، مما أتاح لها حيوات متجددة ومتعددة في الوقت ذاته، مستدعيا في ذلك قانون الحكاية الشعبية، فمع مرور الزمن تحول العديد منها إلى حقائق متداولة، خصوصا بعد رحيله، لا سيما أن تلك الوقائع لم تقتصر على فئة بعينها بل امتدت لتشمل ما يشبه تحالف قوى الشعب بمختلف طبقاته، بداية من الباعة والحرفيين وحتى ماسحي الأحذية، وصولا إلى مشاهير من أمثال عائشة فهمي ويوسف وهبي، بل وأيضا الملك فاروق نفسه.

بطل شعبي رغم أنفه

بفضل الجماهيرية الكاسحة التي تمتع بها "شكوكو"، أصبح هدفا للمنتجين والمخرجين حيث تسابق صناع السينما لضمه إلى أفلامهم منذ ظهوره الأول على الشاشة في فيلم "أحب البلدي" (1945)، من تأليف أبو السعود الإبياري وإخراج حسين فوزي وبطولة تحية كاريوكا وأنور وجدي. في هذا الفيلم قدّم "شكوكو" اثنين من أشهر مونولوغاته، "ورد عليك" و"الحارس الله". وفي فيلم "صاحب بالين" تأليف وإخراج عباس كامل –الذي كان له النصيب الأكبر من أفلام شكوكو- قدم الدويتو الشهير "حمودة فايت يا بنت الجيران" مع الفنانة سعاد مكاوي وسرعان ما انتشر كالنار في الهشيم، كما يقول المؤرخ حسن إمام عمر حتى بات يُسمع في كل شوارع مصر. وفي العام نفسه خاض أول بطولة في فيلم "البني آدم" أمام الفنانة سامية جمال من إخراج نيازي مصطفي. ورغم أن رصيده في السينما تجاوز المائة فيلم حقق الكثير منها نجاحا جماهيريا لافتا، يبقى فيلم "عنتر ولبلب" في مقدمتها، وهو من إخراج سيف الدين شوكت وشاركه البطولة سراج منير وعبد الوارث عسر وحورية فرغلي، التي غنت فيه واحدة من أشهر أغنياتها "يا معزلين من حينا" كلمات فتحي قورة. عُرض الفيلم عام 1952، العام الذي قامت فيه ثورة 23 يوليو، إيذانا بعصر جديد يفسح المجال للبطولة الشعبية، خصوصا أن الفيلم جسد صورة البطل الشعبي المقهور القليل الحيلة في مواجهة العدوان، رغم ذلك تمكن في النهاية من التغلب على خصمه، وهو طرح انسجم مع المد الاشتراكي الذي ازدهر آنذاك وأعطى الأولوية لقوى الشعب، وتحديدا للطبقة العاملة.

كان لـشكوكو دور مهم في إحياء فن الأراجوز ليصبح أحد أبرز من أعاد إحياء هذا الفن الشعبي

كان "شكوكو" من الذين يطلق عليهم "فنان الشعب"، فقد كان من أوائل من شاركوا من الفنانين في دعم المجهود الحربي بجمع التبرعات لصالح صندوق "لست وحدك"، ويقال إنه سبق أم كلثوم في ذلك. ومع بداية عصر الانفتاح في سبعينات القرن الماضي، تبدلت صورة الهوية المصرية الشعبية وغابت فكرة ابن البلد حتى تلاشت تقريبا –إلا في ما ندر- وبالتالي خفتت بطولة "شكوكو" وشعبيته بالتبعية، ورغم ذلك ظل اسمه حاضرا في الذاكرة الجمعية، حتى لو في إطار من الحنين. 

محمود شكوكو في سبعينات القرن الماضي

مهرج بدرجة فنان

يفترض آلان دونو في كتابه "نظام التفاهة" أن "كل نشاط في الفضاء العام هو أقرب الى اللعبة، فليس ثمة أهمية لأي شيء كما يتوهم الناس"، وعلى الرغم من أن "شكوكو" لم يسمع عن دونو قط، إلا أنه جسّد هذا المفهوم عمليا متبعا نهج قانون اللعبة عبر بوابة الكوميديا، فالضحك معه ليس مجرد استجابة لموقف أو جملة حوارية، بل هو ضحك نوعي نابع من حضوره الطاغي، يكفي أن تراقبه وهو يتحدث أو حتى يصمت متأملا، لتدرك كيف تحوّل كيانه نفسه إلى جزء من اللعبة. في إحدى حلقات البرنامج الاذاعي "ساعة زمان مع آمال العمدة"، رفض "شكوكو" تصنيفه "منولوغست" مؤكدا: "أنا مهرج" ثم استطرد: "مهرج دمه خفيف"، على الرغم من بساطة وصف كهذا اختاره لنفسه بذكاء، نجد أنه يُعد من أقرب الأوصاف دقة لتجربته الفنية، إذ اختصر منهجا ضخما من الفلسفة العفوية اتبعها في فنه بكلمة واحدة، وبما تحمله من معنى وإرث تاريخي طويل.

اعتاد "شكوكو" في حفلاته كسر الجدار الرابع أو الإيهام مع الجمهور، ليغدو واحدا منهم فيأتي انطلاقه كأنه خارج من قلب الصالة، لا من على خشبة المسرح، كما وصفه عمار الشريعي من قبل. يتجلى هذا بوضوح في بعض التسجيلات الحية لحفلات سابقة، حيث نراه يتفاعل بعفوية، كما في إحدى الحفلات حين استهل مواله بـ"يا ليل يا عين"، وفي الخلفية نستمع الى صوت واحد من الحضور يعترضه وكأنه يستثيره: "سلامة عينك"، ليرد "شكوكو" مازحا: "لا دي الشمال مش اليمين".

اشتهر "شكوكو" أيضا بما يمكن أن ندعوه بـ"الكاريكاتور الغنائي"، حيث قدم مجموعة من الأغنيات الشهيرة لكبار المطربين بعد إعادة صوغ كلماتها بشكل ساخر، لعل من أشهرها بعض أغنيات أم كلثوم مثل "أمل حياتي" التي أعاد مقطعها الأخير ليكون: "يا أغلى من أيامي.. يا اللي ساكن قدامي.. انزل وحياتك تنزل.. بلاش غرام في المنزل"، وبالطبع لم تفته في الحفلات الاستعانة بمنديل أثناء الغناء مقلدا الست.

كذلك أعاد بعض القصائد الذائعة الصيت مثل "قارئة الفنجان" التي تحولت إلى: "في حياتك يا ولدي امرأة.. في هواها هتطب يا محمود.. وتدوب من سحر عينيها السود"، بالإضافة إلى رائعة الشاعر كامل الشناوي: "لا تكذبي أنا مش عبيط.. أنا اللي شكلي كدا"، وحتى إيليا أبو ماضي لم يسلم منه: "جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت.. ولقيت واحد بتاع ترمس أمامي فاشتريت.. واللي ياخد مني محبوبي أنا أخرب بيته".

قدم "شكوكو" حالة فنية متكاملة امتزجت فيها الحركة بالغناء والفكاهة، مسجلا بصمة فريدة كانت أشبه بنسمة دافئة في سماء الفن

أضفى "شكوكو" على مواويله طابعا فكاهيا تفاعليا، يصل أحيانا إلى الاشتباك مع الجمهور: "سكة أبو زيد كلها مسالك.. جنبك لوح وأدي واحد كذلك". خاض تجربة الكتابة والتلحين لنفسه رغم أنه بدأ حياته أميّا لا يعرف القراءة والكتابة، ولم يتعلم القراءة إلا في مرحلة متأخرة، محرزا تفوقا ونبوغا مذهلين، حتى أنه تعلم أيضا بعض العبارات الأجنبية التي ساعدته على التواصل البسيط أثناء إحيائه حفلات في الخارج. انعكس هذا أيضا على ما كان يقدمه في مجال "الفرانكو آراب" حيث قدم أغنيات مثل: "ماي لافلي. أشوف وشك تومورو. شالا لا لا لا"، محققا نجاحا كبيرا  لا يقل عن صدى  مونولوغه الشهير "حبيبي شغل كايرو"، الذي يُعد من أبرز التجارب في هذا اللون الفني.

قدم "شكوكو" حالة فنية متكاملة امتزجت فيها الحركة بالغناء والفكاهة، مسجلا بصمة فريدة في عالم المونولوغ لم تأتِ مصادفة، بل كانت أشبه بنسمة دافئة في سماء الفن، كما وصفه الكاتب الكبير يحيى حقي قائلا: "جاء كهبة النسيم على حجرة مغلقة النوافذ منذ زمن، وأراد الفكاهة لمجرد الفكاهة، من أجل خاطر الفكاهة وحدها".

font change

مقالات ذات صلة