يصل رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الولايات المتحدة بعد أيام فقط من تحقيقه انتصارا سياسيا كبيرا على الصعيد الداخلي، بعد أن حقق حزبه "بهاراتيا جاناتا" فوزا كبيرا في الانتخابات المحلية في مدينة دلهي، وألحق مؤخرا هزيمة نكراء بحزب "عام آدمي"الذي يقوده أرفيند كيجريوال، وهو سياسي مغمور برز عام 2012 من خلال حركة لمكافحة الفساد استهدفت الإطاحة بحزب "المؤتمر".
خلال الحملة الانتخابية في دلهي، اعتمد حزب "بهاراتيا جاناتا" بشكل كبير على شعبية مودي ووعوده الطموحة بتحسين أوضاع سكان المدينة البالغ عددهم 20 مليون نسمة. ورغم محدودية صلاحيات حكومة دلهي المحلية، فإن الفوز بالعاصمة يحمل أهمية دولية كبرى بسبب وجود البعثات الدبلوماسية والتغطية الإعلامية الواسعة.
يحظى حزب مودي القومي الهندوسي بدعم قوي من الجاليات الهندية في الخارج، لا سيما الجالية الغوجاراتية، التي تحتفل حتى بأصغر انتصارات حزب "بهاراتيا جاناتا". وتعد ولاية غوجارات، التي يسيطر عليها الحزب، واحدة من أبرز مصادر الهجرة في الهند. وكانت الولايات المتحدة قد رحلت 104 هنود في أوائل فبراير/شباط، وهم مقيدو الأيدي داخل طائرة نقل عسكرية، ثلثهم من ولاية غوجارات.
تعكس هذه الرحلة القسرية، وهي الأولى منذ تولى الرئيس الأميركي دونالد ترمب مقاليد الأمور في البلاد، إصرار إدارته على اتخاذ موقف صارم ضد الهجرة غير الشرعية. وتشير تقارير إعلامية هندية إلى أن الحكومة استطاعت حتى الآن توثيق نحو 20 ألف مقيم هندي موجود في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، ومن المتوقع أن يجري ترحيل المئات منهم قريبا.
ووفقا لمركز "بيو" للأبحاث، بلغ عدد الأميركيين من أصول هندية في الولايات المتحدة في عام 2022 نحو 4.8 مليون شخص، ويشكل المهاجرون منهم ثلثي هذا العدد. وتشير التقديرات إلى أن نحو 750 ألف هندي يقيمون في البلاد بشكل غير قانوني، مما يجعل الهند ثالث أكبر مصدر للمهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة بعد المكسيك والسلفادور.
لكن مشاهد المرحّلين قسرا وهم مقيدون أثارت موجة من الغضب في الهند، حيث استغل قادة المعارضة القضية لانتقاد حكومة مودي في البرلمان ووسائل الإعلام، ما تسبب في إحراج إدارة مودي وجعل وزير الشؤون الخارجية سوبرامانيام جايشانكار يسارع إلى التأكيد على أن عمليات الترحيل ليست ظاهرة جديدة. وقال في البرلمان: "إن هذه العملية موجودة منذ سنوات عديدة".
وبالفعل، منذ عام 2009، جرى ترحيل 15.668 هنديا من الولايات المتحدة، وكان ما يقرب من 40 في المئة منهم خلال الولاية الأولى لترمب. لكن اختيار طائرة عسكرية لنقل المرحّلين هذه المرة أثار انتقادات واسعة في الهند. ووصفت الولايات المتحدة العملية بأنها "إجراء يتعلق بالأمن القومي"، فيما أوضح وزير الخارجية الهندي فيكرام ميسري في 7 فبراير أن "هذا الخيار كان الأسرع لتنفيذ العملية". وأضاف أن الحكومة الهندية مستعدة لاستكشاف بدائل أخرى في المستقبل.