منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كان لخط نتساريم أهمية كبري في إدارة الحرب بعد احتلاله وفرض سيطرة الجيش الإسرائيلي على تلك المنطقة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي توسعت خلال أشهر الحرب حتى باتت تفصل القطاع إلى جزأين شمالي وجنوبي، وذلك حتى ما بعد إعلان التوصل لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حركة "حماس" وإسرائيل بوساطة قطرية مصرية أميركية في يناير/كانون الثاني الماضي، والبدء في انسحاب الجيش تدريجيا.
ويبدأ خط نتساريم من أقصى المنطقة الجنوبية الشرقية لمدينة غزة، ممتدا على طول قرابة 7 كيلومترات حتى أقصى جنوب غربي المدينة، وتوسع الجيش في الخط من خلال عمليات التدمير وتجريف المباني السكنية والتعليمية والتجارية، وتجريف آلاف الدونمات الزراعية على الجانبين شمالا وجنوبا، حتى وصل عرض الخط الفاصل للقطاع لأكثر من 8 كيلومترات، وهي مساحة واسعة من أراضي قطاع غزة الذي كانت تبلغ مساحته 365 كيلومترا مربعا، وذلك قبل الحرب الأخيرة واحتلال الجيش الإسرائيلي للأراضي داخل القطاع.
وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، الذي بدأ سريانه في التاسع عشر من يناير الماضي، تراجع الجيش الإسرائيلي من المناطق الغربية لخط نتساريم، وسُمح للنازحين في جنوب القطاع، بالعودة إلى مناطق سكنهم الأصلية شمالا، مشيا على شارع الرشيد (البحر) على الطريق الغربي الساحلي في اليوم السابع من بدء سريان الاتفاق. كما سمح الجيش بعودة النازحين بمركباتهم عن طريق موازٍ لشارع صلاح الدين شرقا ومن بين قوات الجيش التي كانت لا تزال موجودة في المنطقة، ولكن بعد الخضوع للفحص والتفتيش على حاجز تُشرف عليه قوات دولية مصرية قطرية أميركية.
وصار الوضع على ما تم الاتفاق عليه، حتى 9 فبراير/شباط من الشهر الحالي، حيث تراجع الجيش من مناطق وسط نتساريم وحتى أقصى المناطق الشرقية، بعمق قرابة كيلومتر واحد داخل القطاع، كما أبقى على قواته داخل أراضي غزة على طول الحدود الجنوبية والشرقية والشمالية، وكان من المفترض أن يتم بموجب الانسحاب، البدء بالسماح للغزيين، بحرية الحركة في الاتجاهين بالمركبات أو مشيا على طريق صلاح الدين، إلا أن ذلك لم يصدر بشكل رسمي من قبل الجيش الإسرائيلي، بل أقر في بيان له أنه وبموجب الاتفاق سيتم السماح للنازحين بالمرور من جنوب القطاع إلى شماله مشيا من صلاح الدين دون تفتيش بالإضافة للاستمرار بسير المركبات باتجاه واحد كما في الأيام السابقة، وهو ما يعني استمرار فرض الجيش الإسرائيلي لسيطرته على منطقة نتساريم من خلال المراقبة بطائرات الاستطلاع والطائرات المسيرة والجنود الموجودين داخل آلياتهم العسكرية أو في الزوارق الحربية على طول الشريط الساحلي للبحر المتوسط، وحتى بعد انسحاب الجيش من على الأرض. فماذا يعني ذلك بالنسبة للفلسطينيين؟