تعكس ردود فعل بعض مسؤولي الإدارة الأميركية على خطة الرئيس دونالد ترمب للاستيلاء على قطاع غزة وطرد سكانه وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"، ملامح أسلوبه في التعامل مع أقدم صراع قائم في المنطقة.
فقد صرّح وزير الدفاع الأميركي بيت هِغسِيث، قبل لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 5 فبراير/شباط، أن الإدارة الأميركية مستعدة للنظر في جميع الخيارات المتاحة بشأن غزة. بينما قال مستشار الأمن القومي الأميركي مايك وولتز، في وقت سابق، إن خطة الرئيس ترمب بشأن غزة لا ينبغي أن تكون الكلمة الأخيرة في هذا الملف، مشجعا الحلفاء على تقديم بدائلهم الخاصة لإعادة إعمار الأراضي الفلسطينية.
تضاف هذه التصريحات إلى أخرى أدلت بها المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، في اليوم نفسه، حيث أكدت أن الرئيس لم يلتزم بإرسال قوات إلى غزة، رغم أنها لم تستبعد هذا الخيار تماما.
وإذا كانت هذه التصريحات تعكس أي فهم لطريقة تفكير ترمب، فقد يكون مسؤولو الإدارة الذين أدلوا بها يسعون إلى الإيحاء بأن خطة الاستيلاء على غزة ليست سوى عرض أولي ضمن عملية تفاوضية مأمولة.
وبدلا من تحديد حد أدنى للمزايدة، يطرح الرئيس الأميركي مطلبا متطرفا، على أمل تحقيق أكبر مكسب ممكن بعد المفاوضات وردود الفعل المتوقعة من الأطراف الأخرى.
تتماشى هذه النظرية مع شخصية ترمب المعروفة بنهجها القائم على المعاملات التجارية، كما تثير تساؤلات حول ما يمكن أن يقدمه القادة العرب الذين سيلتقونه في الأيام المقبلة، وعلى رأسهم الملك عبد الله الثاني ملك الأردن، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لتحقيق مكاسب تتناسب مع مصالح بلدانهم وتخدم القضية الفلسطينية ككل.
خطة مثيرة للقلق
أحدثت خطة ترمب للاستيلاء على غزة صدمة في المنطقة، خاصة في مصر، حيث ساد تفاؤل بأن ولايته الرئاسية الثانية ستكون امتدادا لسياسته في ولايته الأولى. إذ اتسمت تلك الولاية الأولى بعلاقة ودية وإعجاب متبادل بين ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. إلا أن هذا التفاؤل سرعان ما تبدد مع عودة ساكن البيت الأبيض، لتجد مصر نفسها أمام معضلة حقيقية: إما رفض خطته وإغضابه وتحمل العواقب، وإما إرضاؤه وتعريض أمنها القومي للخطر، والسماح بانهيار حلم الدولة الفلسطينية.