أغلق مكتب صندوق النقد الدولي في تونس وغادر ممثله مارك جيرار رسميا البلاد خلال الأيام القليلة الماضية. شاءت المصادفات أن تتزامن هذه المغادرة بما تحمل من دلالات ورسائل مالية وديبلوماسية مع إقالة وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية في الخامس من فبراير/شباط 2025، بعد ثلاث سنوات ونصف السنة على رأس الوزارة، تحكمت خلالها في "عيش" التونسيين ومعاشهم ورقابهم أيضا.
لا يمكن فصل ملف صندوق النقد الدولي عن فترة إدارة سهام البوغديري نمصية وزارة المالية، فمن المفارقات أن نمصية هي من قادت المفاوضات مع الصندوق حتى نهاية عام 2022 للحصول على قرض بـ1,9 مليار دولار، وهي نفسها صانعة ومهندسة ما سمي بسياسات "التعويل على الذات" التي انتهجتها الدولة بعد قرار رئيس الجمهورية قيس سعيد إنهاء التعامل مع صندوق النقد.
خلال تلك الفترة، أشرفت نمصية منذ توليها وزارة المالية في شهر أغسطس/آب 2021، على أربعة قوانين للموازنة العامة، حملت توقيعها ومرجعيتها في مجال تخصصها، التشريع الضريبي، وأنتجت سياسات تقشفية تجلت خصوصا في رفع الضرائب وخفض الإنفاق الحكومي الموجه للدعم، نتجت منه توترات اجتماعية مردها ندرة المواد الغذائية الأساسية، مع ارتفاع جنوني للأسعار ونسب نمو متدنية تكاد تكون الأضعف على مدى السنوات الأخيرة.