أثار كلام الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن الشرط الوحيد الذي تضعه الجزائر للتطبيع مع إسرائيل جدلا صاخبا متبوعا بنقاش حيوي وتساؤلات عميقة حول ما تحمله من أبعاد؟ وإذا ما كانت تعكس توجها جديدا في العقيدة الدبلوماسية الجزائرية أم إنها تأكيد للموقف التقليدي الثابت على النهج الرافض للتطبيع والانحياز إلى الحق الفلسطيني؟
قبل الإجابة عن هذه الأسئلة واستعراض ردود الفعل تنبغي العودة إلى النص الأصلي للحوار في نسخته باللغة الفرنسية، إن نص السؤال جاء كما يلي: هل أنتم مستعدون لتطبيع علاقاتكم مع إسرائيل إذا أوصلت في نهاية المطاف عملية السلام إلى إنشاء دولة فلسطينية؟ وكان جواب الرئيس عبد المجيد تبون: "بطبيعة الحال في نفس اليوم الذي سوف تقوم فيه الدولة الفلسطينية"، وهو المسار نفسه الذي عبر عنه سلفاه في قصر المرادية الرئيسان الراحلان الشاذلي بن جديد وعبد العزيز بوتفليقة اللذان أكدا أن العائق الوحيد الذي يقف في وجه أي علاقة بين الجزائر وإسرائيل هو عدم سماحها بقيام دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة.
ردود فعل متباينة
مثل هذا التصريح لم يكن ليمر مرور الكرام إذ أثار ردود فعل غاضبة من قوى سياسية معارضة لا سيما "حركة مجتمع السلم" الجزائرية (أكبر أحزاب المعارضة السياسية والإسلامية في الجزائر)، والتي أصدرت مباشرة بعد نشر الحوار مع تبون بيانا أكدت فيه "رفضها القاطع لكل مشاريع التسوية والتطبيع مع الكيان الصهيوني المعتدي والتي سبق للرئيس الجزائري أن وصفها بالهرولة المرفوضة نحو التطبيع مع معتد غاشم لا يعترف بحق الشعب الفلسطيني ويسعى إلى تصفية قضيته وتهويد مقدسات الأمة".
وأكدت الحركة أنه "في ظل المحاولات المشبوهة والضغوط الممارسة من طرف حلفاء الكيان الصهيوني، خاصة أميركا الراعية لأمنه وتوسعه، والصمت الدولي المتكالب على القضية الفلسطينية لجرّ الدول الصامدة ومنها الجزائر إلى مستنقع التطبيع مع الكيان، والرضوخ للضغوط السياسية والإعلامية الهادفة إلى اختراق المواقف السياسية والدبلوماسية الثابتة والمبدئية للدولة الجزائرية تجاه القضية الفلسطينية، فإنه يتحتم على الجزائر الثبات والاستمرار في الموقف الرافض للتطبيع والمنحاز إلى الحق الفلسطيني والمنتصر لقضيته العادلة".