بعد تصريحات عدّة تنفي اغتياله، أعلنت "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس" وعلى لسان ناطقها أبو عبيدة، أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، مقتل القائد العام لـ"القسام" محمد الضيف، والذي اغتيل بغارة إسرائيلية في يوليو/تموز 2024، وذلك خلال حرب الإبادة الإسرائيلية، والتي استمرت 470 يوما متتاليا على قطاع غزة. وجاء بيان النعي بعد أقل من أسبوعين على إعلان التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وعملية تبادل للأسرى بين "حماس" وإسرائيل.
كما نعت "كتائب القسام"، إلى جانب الضيف الذي تعتبره إسرائيل الرجل الثاني في حركة "حماس" عددا من قيادات المجلس العسكري، من بينهم نائب القائد العام مروان عيسى، وثلاثة من قادة ألوية "القسام" على مستوى قطاع غزة، بالإضافة إلى عدد آخر من القيادات، والتي أعلن الجيش الإسرائيلي عن اغتيالهم خلال الحرب، إلا أن الحركة وكتائبها، لم تؤكد تلك المعلومات في حينها، فماذا يعني إعلان اغتيالهم من قبل "حماس" و"القسام" الآن وبعد وقف إطلاق النار؟ وما دلالات ذلك؟ وما مستقبل الجناح العسكري بعد الحرب؟
يمثل الجناح العسكري لحركة "حماس" صمام الأمان، حيث تستمد الحركة قوتها من القوة العسكرية التي تمتلكها الحركة، والتي اعتمدت عليها في كافة المواجهات العسكرية مع الجيش الإسرائيلي خلال قرابة أربعين عاما منذ انطلاقتها عام 1987، كما اعتمدت الحركة على جناحها العسكري الذي لعب الدور الأبرز في السيطرة العسكرية على قطاع غزة عام 2007 بعد عام واحد من خوضها انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، والذي أدى إلى حصولها على أغلبية المقاعد، عقب تشكيلها لحكومة وحدة وطنية، برئاسة رئيس مكتبها السياسي الأسبق إسماعيل هنية، والذي تعرض للاغتيال في إيران من قبل إسرائيل أواخر يوليو الماضي.
وبعد مناكفات بين قادة "حماس" وقادة السلطة الوطنية الفلسطينية التي كانت تقودها "فتح" قبل عام 2007، استعانت الحركة بـ"كتائب القسام" في الاشتباك مع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، ما أدى إلى انسحاب الأخيرة وسيطرة "حماس" على مفاصل الحكم، وفرضت نفسها في غزة بقوة السلاح، بالإضافة إلى تشكيلها لأجهزة أمنية شرطية لإدارة القطاع، معتمدة اعتمادا كليا على خبرات وقدرات عناصر "كتائب القسام" وقادته، تحديدا في العمل على متابعة القضايا الأمنية، التي قد تمس وجودها وضمان استمرار حكمها وسيطرتها حتى يومنا هذا.
وخلال 17 عامًا من الحكم، وخوض المعارك والحروب العسكرية مع إسرائيل، تعرض الكثير من قيادات "كتائب القسام" البارزين، للاغتيال من قبل الجيش الإسرائيلي، بعضها أصاب الهدف، فيما فشلت محاولات كثيرة، خاصة تلك التي استهدفت الضيف في أكثر من مرة خلال السنوات الماضية. لكن حرب الإبادة الإسرائيلية الأخيرة، كانت الحرب الأطول عمرا، والأشد في اغتيال العدد الأكبر والقادة الأبرز من "القسام"، وهو ما يعني شغور عدد كبير من المناصب والمهام القيادية داخل "الكتائب" خلال المرحلة القادمة.