عادت العملات المشفرة إلى الضوء بزخم كبير دفع الأسواق إلى مستويات تاريخية بعد فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الانتخابات ووعوده بتبني هذه الصناعة وتحرير أطرها التنظيمية، وتترقب الأسواق خطواته التالية بعدما تسلم مفاتيح البيت الأبيض، وسط عاصفة من التساؤلات عن مدى استدامة هذا الانتعاش والأخطار المحدقة بعملات لا سند ملموسا لها، وصفها رئيس هيئة الأوراق المالية والبورصات السابق غاري غينسلر بـ"الغرب المتوحش"، وهو هرب مع تسلم ترمب الذي يعد أميركا والعالم بأن تكون "الكريبتو" جنونا بلا حدود ولا قيود.
لعل أكثر ما أقنع الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتبني "اقتصاد" العملات المشفرة (كريبتو) في الولايات المتحدة الأميركية كإحدى استراتيجيات حملته الانتخابية، طبيعتها المتقلبة كمزاجه، وتطوراتها غير المتوقعة كردود أفعاله، ومرونتها في خوض الأخطار تماما كجرأته وإقدامه. فحتى كتابة هذه السطور، اكتسبت سوق العملات المشفرة أكثر من تريليون دولار منذ فوز ترمب في الانتخابات في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، الذي شكل نقطة تحول مهمة، مع اكتساب المستثمرين مزيدا من الثقة تبعا للدعم السياسي لهذه العملات، لتتخطى قيمتها الإجمالية 3,7 تريليونات دولار في التاسع من ديسمبر/كانون الأول قبل أن تعيد تموضعها، وسط تفاؤل عارم من المستثمرين في أن تكون المرحلة المقبلة عصرا ذهبيا لهذه السوق الافتراضية.
أما نجم المرحلة، فهي الـ"بيتكوين" دون منازع، التي تخطى سعرها المئة ألف دولار بعد إعلان ترمب تعيين بول أتكنز رئيسا جديدا لهيئة الأوراق المالية والبورصات، وهو القادم من "ملاعب" العملات المشفرة، خلفا لرئيسها السابق المتشدد حيال التداول بهذه العملات غاري غينسلر، لتسجل الـ"بيتكوين" ارتفاعا بأكثر من 50 في المئة منذ إعلان فوز ترمب، وذلك لا شك حدث يؤرخ. بل يرى خبراء أن سعرها قد يصل إلى 200 ألف دولار، وأن ذلك وارد ومنطقي جدا في ظل إقدام المزيد من المستثمرين على دمج الـ"بيتكوين" في محافظهم الاستثمارية، والتوجه الإيجابي في وضع نظم وتشريعات "أكثر مرونة" تحكم هذه الصناعة، وهو ما ينتقده البعض ويولد تشاؤما لدى البعض الآخر حيال مستقبل أسواق العملات المشفرة.