لم يعد إعلان الصين إطلاق تقنية جديدة بمستوى عالمي يضاهي نظيره الأميركي أو يتفوق عليه مفاجئا للمراقبين. قد يبدو الأمر صادما للمنافسين، كما حدث مع برنامج الذكاء الاصطناعي "ديب سيك"، لكن الواقع يؤكد أن الصين، ومنذ سنوات، رسخت وجودها على أرضية علمية قوية تؤهلها لمنافسة الولايات المتحدة في مختلف المجالات التقنية.
لذلك، لا ينبغي أن يثير الدهشة إعلان الصين أن نظامها للملاحة "بايدو" أصبح نظاما عالميا تعترف به الهيئة العالمية للملاحة، إذ يقدم خدمات تفوق في بعض الأحيان نظام "جي بي إس" الأميركي الشهير من حيث السرعة والدقة وإمكان تبادل الرسائل.
لطالما احتفظ نظام "جي بي إس" بريادته العالمية لعقود، إذ ظل المسيطر في هذا المجال منذ أن أتاحت وزارة الدفاع الأميركية استخدامه للأغراض المدنية عام 1978، بعدما كان مقتصرا على التطبيقات العسكرية والأمنية.
نظام "بايدو" لتحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية هو أحد أنظمة الملاحة الفضائية التي طورتها الصين لتوفير خدمات تحديد المواقع والملاحة والتوقيت بدقة عالية على مستوى العالم. يُعتبر هذا النظام منافسا قويا لأنظمة الملاحة العالمية الأخرى مثل نظام "جي بي أس" الأميركي، و"غلوناس" الروسي، و"جاليليو" الأوروبي.
يتميز نظام "بايدو" بدقته العالية وتغطيته الشاملة، مما جعله أداة استراتيجية مهمة للصين في المجالات العسكرية والتجارية والمدنية.
بداية النظام
كعادتها بدأت الصين متأخرة جدا في دخول هذا النوع من التقنيات الفائقة التقدم، فمعظم التقديرات تشير إلى العام 2000 كمحطة انطلاق لأول مشروع صيني لصناعة نظام تحديد المواقع العالمي الخاص بها، حيث بدأت شركة "بايدو" الصينية عملها، إلا أنها وخلال أقل من عقدين، أي في عام 2020، نجحت الشركة في أن تشكل أكبر نظام عالمي للملاحة عبر الأقمار الصناعية حيث يضم 35 قمرا صناعيا عاملا.