رغم أن الكتاب الجديد للشاعر السوري علي جازو المقيم في ألمانيا يحمل عنوان "قصص بحجم حبة كرز" (صدر عن "خان الجنوب")، ورغم وجود تسمية "مجموعة قصصية" كعنوان فرعي على الغلاف، إلا أن النصوص التي نحن مدعوون إلى قراءتها ليست قصصا تقليدية، بل ربما هي ليست قصصا غير تقليدية أيضا.
شاع في العقود الأخيرة مصطلح "القصة القصيرة جدا"، وصدرت مجموعات قصصية عديدة تنتمي إلى هذا النوع الذي ظل كتابه قليلين، وظل يتحرك داخل فكرة كتابة نص سردي قصير، أو كتابة مقطع، أو حتى سطرين أو سطر واحد، وظل مدينا لشروط الكثافة الشديدة وذكاء الفكرة والخاتمة المفاجئة، وظلت هذه "الشروط" أو الصفات هي التي تجعل هذا النوع القصصي الخاطف مقبولا وحاصلا على إعجاب الكثير من القراء والنقاد ومديحهم.
بلا ضربات مفاجئة
نتذكر هذا ونحاول أن نضع ما نقرأه الآن في سياق ما سبق أن صدر من قصص قصيرة جدا، فنجد في المجموعة الكثافة (وإن غير مكثفة كفاية) ونجد الفكرة اللافتة (وإن متروكة وحدها دون ألاعيب الذكاء وخفتها)، لكن الأهم أننا لا نجد تلك الضربة المفاجئة في الخاتمة، والتي تكفل، وسبق أن كفلت، لنصوص قصيرة كهذه، النجاح المأمول والمرتقب. وهو ما يقودنا إلى التساؤل عن الرهان الذي كان في بال الكاتب، حين أنجز هذه القصص، وتعمد أن يتجنب شروطها. والجواب على الأرجح هو أن ثمة محاولة لكتابة قصص قصيرة جدا، من دون الاتكال على عدتها المسبقة، والذهاب إلى منطقة منزوية قليلا عن سياق هذا النوع من الكتابة، ومواجهة القارئ بمقاربات أخرى تدعوه إلى مزاج آخر لكتابة هذا الصنف من القصص القصيرة جدا.