مرت خمس سنوات على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون أي احتفالات تذكر. وبينما انتقد بعض معارضي الحكومة من مؤيدي "بريكست" غياب مظاهر الاحتفال، فإن صمت رئيس الوزراء كير ستارمر لم يكن مفاجئا. فقد كان من أشد المعارضين لمغادرة "الاتحاد" خلال استفتاء عام 2016، لكنه تعهد خلال انتخابات 2024 باحترام نتيجة الاستفتاء وعدم السعي لإعادة الانضمام.وهكذا، تجد لندن نفسها في موقف غامض تجاه أوروبا، إذ تقودها حكومة تميل بطبيعتها نحو بروكسل، لكنها مضطرة للحفاظ على مسافة سياسية تفاديا لأي تداعيات انتخابية.
وفي الوقت نفسه، تُعقّد عودة دونالد ترمب إلى السلطة واحدة من أهم العلاقات الخارجية لبريطانيا، نظرا للفجوة الأيديولوجية بين "حزب العمال" بقيادة كير ستارمر و"الحزب الجمهوري" الأميركي. ومع توجه ترمب نحو نهج أكثر تصادمية تجاه أوروبا مقارنة بسلفه، سيجد ستارمر نفسه عالقا بين حليفين رئيسين، غير قادر على التقارب الكامل مع أي منهما. ويزيد ذلك من تعقيد المشهد أمام حكومة بريطانية ما زالت تبحث عن دورها العالمي بعد "بريكست".
التقارب الأوروبي؟
وقد رحب القادة الأوروبيون عموما بفوز "العمال" في انتخابات يوليو/تموز الماضي. فبعد ثماني سنوات من التوتر النسبي في ظل سلسلة من رؤساء الوزراء المحافظين الذين قادوا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وما تبعه من علاقات متوترة بينه وبين المملكة المتحدة، كانت آمال بروكسل معقودة على أن يتمكن كير ستارمر من إعادة بناء هذه العلاقات.وانطلاقا من ذلك، جرى الترتيب لعقد قمة رسمية بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة في أبريل/نيسان لتحقيق هذا الهدف. وبالإضافة إلى أن "حزب العمال" يظهر عداء أيديولوجياً أقل تجاه الاتحاد الأوروبي مقارنة بأسلافه من "المحافظين"، فقد جعل كير ستارمر من إنعاش الاقتصاد البريطاني المتعثر أولوية رئيسة له، مع سعيه لتحسين العلاقات مع أكبر شريك تجاري للمملكة المتحدة.