لا تخرج رواية الكاتب السوداني أمير تاج السر الجديدة "عورة في الجوار" عن الإطار الذي اتخذه لمعظم رواياته، وهو الكتابة عن المكان السوداني. لكنه بدا في هذه الرواية، راغبا في تقديم خلاصة سردية لأكثر ما يتميز به ناس هذا المكان. ففي 136 صفحة سنقرأ حياة محتشدة بشخوص تجمعهم قصص خاصة وأخرى مشتركة، فيظهرون وكأنهم في فرجة مسرح شامل اسمه السودان.
الرواية الصادرة أخيرا عن "نوفل" (دمغة الناشر هاشيت أنطوان) في بيروت، تتمحور قصتها حول سعيد الورّق، الشهير بـ"كلب الحر"، وهو نفسه تيس سليمان و"قائد أركان الهمج ومهراجا العشق والجنون". هو العورة التي ظلت مكشوفة خمسا وعشرين سنة، وكل الخطايا التي ينكرها الجميع، إذ يعلن "كلها سيئاتي". كما أنه، وهذا عماد الرواية، يجاهر بعشقه لـ الرمّانة العوض زوجة هارون مسلّم المهرج، مما يثير الكثير من الشائعات "في البدء ظنوه سكرانَ بعرق مركز، أو مغيّب الحواس بفعل مادة مخدرة استنشقها هنا أو هناك، لكن خبراء الحياة السفلى الذين كانوا حاضرين في تلك اللحظة، نفوا أي تورط للغيبوبة في ذلك الأمر. قالوا: واع وواع بشدة".
وإذ تنتشر القصة من خلال رسائل الغرام الوردية التي يتلوها على رأس عربته المزركشة كل يوم، تصبح مشروعا لفيلم سينمائي يحمل عنوان الرواية نفسه، لكنه لم يُنجَز قط بعدما قرر الكثيرون مقاطعته "لو جاء في السينما المتجولة".
سلطة وجماعات وقبائل
هناك أيضا شخصيات أخرى، لكل منها محورها وحكايتها. فالرمّانة العوض نفسها وزوجها هارون مسلّم نجدهما يوقّعان مع أبنائهما وجارهما، خياط العمائم والجلابيب الحسن بن زينب، ما سمّي بـ"الغضب"، وهو كما يبدو عريضة مقدمة الى الرئيس الجديد يهنئونه فيها "بانتصار البواسل، ودحرهم لمعاقل الفساد والرجعية والتآمر لنهب مقدرات هذه الأمة العظيمة".