التقى الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة خلال زيارته الخارجية الثانية.
وقد وصل الشرع ووفده إلى أنقرة قادمين من دمشق على متن إحدى طائرات الرئاسة التركية.وعقد الزعيمان اجتماعا ثنائيا في القصر الرئاسي، تلاه اجتماع موسع بين الوفود.وكان المؤتمر الصحافي المشترك مقتضبا، ولم يُسمح بطرح أسئلة.
وتصدرت قضايا الأمن والاقتصاد جدول المباحثات، حيث أشار الرئيس أردوغان إلى أنهما ناقشا "الخطوات الواجب اتخاذها لمواجهة تنظيم (وحدات حماية الشعب) الإرهابي الانفصالي، التابع لـ(حزب العمال الكردستاني)، والذي يحتل شمال شرقي سوريا". مؤكدا أن تركيا ستدعم سوريا في مواجهة هذا التنظيم، كما ستقف إلى جانبها في السيطرة على المعسكرات التي يُحتجز فيها مقاتلو تنظيم "داعش".
وعلى الصعيد الاقتصادي، شدد الرئيس أردوغان على استعداد تركيا لدعم إعادة إعمار سوريا، داعيا العالم العربي والإسلامي إلى تقديم الدعم المادي والمعنوي لها. كما حث على ضرورة رفع العقوبات المفروضة.
من جانبه، كان أحمد الشرع مقتضبا في تصريحاته، لكنه أعرب عن تقديره لتركيا، مؤكدا رغبته في "تحويل العلاقات مع تركيا إلى تعاون استراتيجي عميق في كل المجالات".
وأشار الشرع إلى أنه ناقش مع أردوغان التهديدات القادمة من شمال سوريا وشرقها. وكان لافتا أنه دعا المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل للعودة إلى حدود عام 1967.
يعود تاريخ علاقة أحمد الشرع بتركيا إلى الفترة التي كان يُعرف فيها باسمه الحركي أبو محمد الجولاني،حينما كان يرتدي الزي العسكري.
وبحكم موقعها الجغرافي، شكلت تركيا البوابة الرئيسة لـ"هيئة تحرير الشام" إلى العالم الخارجي، ومن دونها كان استمرار الهيئة أمرا بالغ الصعوبة.
يدين أحمد الشرع، بشكل أو بآخر، بالكثير لتركيا، لكن إلى جانب ذلك، هناك مصالح وهواجس مشتركة تحفز التعاون بين الجانبين.فبفضل موقعها الجغرافي القريب وميزاتها الاقتصادية والتجارية، ستؤدي تركيا دورا محوريا في تعافي سوريا وإعادة إعمارها. وإلى جانب كونها المورد الرئيس لسوريا في المجال التجاري، فإن خبرتها الواسعة في قطاع البناء ستوفر فرصا إضافية لدعم عملية إعادة الإعمار.
من ناحية أخرى، وباعتبار سوريا جزءا من العالم العربي، ومع سعي الرئيس السوري أحمد الشرع للحصول على دعم مالي لإعادة الإعمار، لا سيما من دول الخليج، فإنه يحرص على تجنب أي خطوات قد تثير حساسيات هذه الدول أو تؤثر على علاقاته معها.
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن أول زيارة خارجية قام بها الشرع بصفته رئيسا مؤقتا كانت قبل يومين إلى الرياض، التي تُعد مركز الثقل في العالم العربي. كما أن أول زعيم أجنبي استضافه في دمشق كان أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وعلى الرغم من أن مصر والإمارات، وهما من القوى العربية الكبرى، غير مرتاحتين لخلفية أحمد الشرع و"هيئة تحرير الشام"، فإنهما لا تتخذان موقفا سلبيا علنيا تجاهه.
وبالرغم من سقوط نظام الأسد، فإن الكثير من العوامل التي أدت إلى اندلاع الأزمة في عام 2011 وما تبعها من تطورات لا تزال قائمة. وتأتي الكراهية الطائفية والرغبة في الانتقام، إلى جانب الأزمات الاقتصادية، على رأس التحديات الأكثر خطورة التي تواجه سوريا.
ويعمل أحمد الشرع وفريقه على الحفاظ على الأمن، وفي الوقت ذاته، يسعون إلى تأسيس نظام جديد. فقد جرى تفكيك المؤسسات الرئيسة لنظام الأسد، بما في ذلك الجيش والأجهزة الأمنية ومجلس الشعب وحزب "البعث" و"الجبهة الوطنية التقدمية"، إلى جانب إلغاء الدستور.
وفي هذا الإطار، أعلن الشرع عن خارطة طريق لإعادة بناء النظام والمؤسسات، تتضمن تشكيل حكومة انتقالية جامعة، وصياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات حرة.
ومع ذلك، لم يجر تحديد أي جداول زمنية لهذه الخطوات، وسيجري تنفيذ جميع الإجراءات من خلال لجان يعين أعضاءها الرئيس المؤقت أحمد الشرع. وقد أثار هذا النهج في إدارة المرحلة الانتقالية مخاوف وانتقادات متعددة.