منذ توليه مقاليد الحكم في الولايات المتحدة، بشر دونالد ترمب بحقبة جديدة من العصبية القومية المشبوبة بروح العنصرية والتعالي. ولم يقتصر هذا فقط على نظرته الدونية إلى العالم، بل تجاوزه إلى الاستخفاف بإرادة الأمة وتقاليدها وبالأعراف التي أرساها الآباء المؤسسون، وفي صدارتها احترام الدستور، مما شوه صورة أميركا وجعلها تبدو كما لو كانت قد تحولت إلى إحدى دول العالم الثالث.
وقد بلغ به غرور الانتصار الذي دأب على تهويله أن أوعز إلى بعض أعضاء حزبه بالسعي إلى تغيير الدستور بما يسمح بتوليه الرئاسة لولاية ثالثة، في سابقة هي الأولى في تاريخ البلاد. واستند وكلاء هذا الاقتراح إلى ما سموه "تعزيز الأمل في استمرار القيادة الجريئة التي يجسدها ترمب وتحتاج إليها البلاد بشكل ملح".
وينص التعديل المقترح على أنه "لا يسمح لأي رئيس بتولي الرئاسة لأكثر من ثلاث دورات، ولا أن يعاد انتخابه لولاية أخرى بعد انتخابه لدورتين متتاليتين، ولا يسمح لأي شخص تولى منصب الرئاسة أو شغله بالوكالة لأكثر من عامين استكمالا لولاية رئيس آخر بأن ينتخب لمنصب الرئيس لأكثر من دورتين متتاليتين". أي إن الرؤساء السابقين الذين ما زالوا على قيد الحياة (بيل كلينتون وجورج بوش الابن وباراك أوباما) لا يمكنهم الترشح مرة أخرى لأنهم خدموا لولايتين متتاليتين. أما ترمب الذي يعد ثاني رئيس للولايات المتحدة يتولى الرئاسة في دورتين منفصلتين بعد الرئيس غروفر كليفلاند عام 1892، فيحق له الترشح لولاية ثالثة. وقد نقل عن ترمب أنه ألمح إلى أعضاء حزبه خلال اجتماع بالكونغرس في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي قائلا: "إنني لا أتوقع الترشح مرة أخرى إلا إذا قلتم إنني ناجح جدا ومن ثم علينا أن نبحث عن مخرج".
وفي مناسبة أخرى كرر ترمب أمام تجمع لأنصاره في لاس فيغاس أنه سيتشرف بخدمة أميركا لا لمرتين بل لثلاث أو أربع.
وزعم ترمب أنه جمع تبرعات كثيرة سيستفيد منها من سيخوص الانتخابات القادمة، لكنه ليس متأكدا بنسبة 100 في المئة من أنه لن يكون ذلك المرشح. وحث ترمب رئيس مجلس النواب مايك جونسون على أن يبشر بنهضة جديدة على يديه. وتساءل ضاحكا عما إذا كان من المسموح له الترشح لولاية ثالثة، مطالبا جونسون بأن لا يتدخل في ذلك.
ويحتاج تعديل الدستور إلى الحصول على موافقة ثلثي أصوات مجلسي الشيوخ والنواب، ثم تصديق ثلاثة أرباع الولايات الأميركية (38 ولاية) على التعديل لكي يصبح ساريا.