أحد أبرز الأسئلة المطروحة على الساحة اليوم بالنسبة لمستقبل سوريا هو ما دور قوات سوريا الديمقراطية (قسد). فعلى مدى عقد من الزمن، نجح التحالف بين الولايات المتحدة و"قوات سوريا الديمقراطية" (التي تقودها في الواقع "وحدات حماية الشعب" الكردية، وهي الجناح المسلح للفرع السوري من "حزب العمال الكردستاني") في هزيمة "داعش" كـ"دويلة" إقليمية، ولكنه سمح لـ"قوات سوريا الديمقراطية" تحت مظلة أمنية أميركية بتطوير دويلتها الخاصة في شمال شرقي سوريا.
وقد اضطلعت هذه "الدويلة" المزعومة الناشئة بإدارة شؤون ملايين السوريين، والسيطرة على أكثر من 20 في المئة من مساحة البلاد، إلى جانب معظم ثرواتها النفطية وأراضيها الزراعية، ما حرم نظام الأسد وحلفاءه الإيرانيين والروس من النفاذ إلى تلك المنطقة الاستراتيجية. ومع ذلك، فإن هذا النجاح، باعتبار "قوات سوريا الديمقراطية" امتدادا لـ"حزب العمال الكردستاني"، أوقعها هي ورعاتها الأميركيين في نزاعات متكررة مع تركيا. وقد شكّلت إدارة هذا التناقض المحوري في السياسة الأميركية تجاه سوريا أحد المتغيرات الأكثر تعقيدا، حتى إنها هيمنت في بعض الأحيان على التوجهات الأميركية العامة في الشرق الأوسط خلال الفترة الممتدة بين 2016 و2024.
وأدى التحول الذي شهدته سوريا في ديسمبر/كانون الأول 2024، إلى القضاء على النفوذ الإيراني والروسي في سوريا تقريبا وتشكيل حكومة في دمشق ترغب في التعاون معها كل من تركيا والولايات المتحدة وأوروبا والدول العربية. وهو ما يعيد ترتيب أدوار "قوات سوريا الديمقراطية" وواشنطن في سوريا بشكل كلي، ويؤثر في الوقت نفسه بشكل خاص على "قوات سوريا الديمقراطية" بقوة.