تنشر "المجلة" النص الحرفي لمقابلة الرئيس السوري أحمد الشرع مع رئيسة تحرير مجلة "ذي إيكونوميست"وفريقها في 31 يناير/كانون الثاني، ونشرت في موقع المجلة البريطانية مساء الاثنين 3 فبراير 2025، بموجب اتفاق تعاون بين المجلتين:
* ربما يمكنك أن تبدأ بإعطائي فكرة عن رؤيتك لسوريا. أين تتوقع أن تكون البلاد بعد خمس سنوات؟
-بداية، خضعتسوريا لسيطرة النظام السابق لمدة 54 عاما، واجهت سوريا خلالها الكثير من الكوارث، وتراجعت مكانتها إقليميا على مستوى تنمية الموارد البشرية وعلى مستوى الاقتصاد، وأيضا على مستوى العلاقات السياسية مع دول الجوار. لقد كانت سوريا في السابق مصدر قلق لجميع دول الجوار. وفي الوقت نفسه، لم تكن تقوم بواجباتها الأساسية تجاه الشعب. كان أهم شيء بالنسبة للنظام السابق هو الحفاظ على السلطة واستخدام الأساليب الأمنية للبقاء في السلطة، بما في ذلك التعذيب كما رأيتم في سجن صيدنايا، واعتقال الناس وضربهم، وعندما ثار الشعب ضده استخدم الأسلحة الكيماوية والبراميل المتفجرة وغيرها من الأساليب.
عانى المجتمع السوري في ظل النظام السابق من انقسام اجتماعي واضح، حيث اعتمد النظام على فئة معينة لتعزيز سلطته على حساب الفئات الأخرى، مما جعل البلاد دائما على حافة حرب أهلية شاملة.
أما فيما يتعلق بالاقتصاد، فكل القطاعات الاقتصادية شبه مدمرة لأن النظام لم يعمل على بناء اقتصاد للبلد نفسه، بل كان يحاول سرقة ثروات البلد لجمع الأموال وتصديرها للخارج بطريقة غير شرعية.
لذلك، فإن السنوات الخمس المقبلة ستتركز على إعادة بناء الدولة وفق أسس حديثة ومتطورة. وستعمل على تعزيز العدالة والمشورة، وستقوم على مشاركة جميع شرائح المجتمع في إدارة البلاد. وستشهد السنوات الخمس القادمة الكثير من المحطات البارزة. ونأمل أن نتجاوز كل هذه الصعوبات والعقبات بطريقة سلسة، معولين على حكمة الشعب السوري والتسامح الذي يبديه جميع أطياف الشعب السوري.
على الصعيد السياسي والخارجي، كانت سوريا تعيش في عزلة كبيرة في عهد النظام السابق، وعلى مستوى الجوار، تسبب النظام في خلق مشاكل عديدة داخل لبنان، حيث تسبب في اغتيال معظم القادة السياسيين والشخصيات البارزة في لبنان، وهكذا لم يكن تدخله هناك صحيحا، وحين انسحب ترك وراءه "حزب الله" الذي سيطر على لبنان بطريقة سلبية حتى وصلت الأمور إلى حرب شاملة.
أما بالنسبة للأردن فقد كان النظام يستهدفه بتصدير المخدرات بشكل مباشر، وعندما يتعلق الأمر بالعراق، كانت هناك قطيعة طويلة في زمن صدام حسين، وبعد الوجود الأميركي- الاحتلال الأميركي للعراق- كانت سوريا في أيام النظام تصدر المشاكل للعراق. ولم تسلم تركيا من النظام السابق الذي تسبب لها في مشاكل كثيرة، وتأثرت دول الخليج بالوجود الإيراني في سوريا. كما تضررت الدول الأوروبية أيضا من النظام الذي كان يصدر البشر إليها. فقد كان يستخدم البشر لتحقيق مكاسب مالية، وكان يعتمد على الإتجار بالبشر والتهجير المتعمد للبشر إلى الدول الأوروبية.
وإذن، كما سمعتم، هناك الكثير من المشاكل في سوريا التي تحتاج إلى اتخاذ خطوات جادة وسريعة وفعالة. وأهم هذه الخطوات هي أن يكون الشعب السوري داخل البلاد موحدا، وهذا، والحق يقال، أهم رأسمال لدينا، والحمد لله أن هذا الأمر قد تحقق اليوم. وعلى الرغم من أننا دخلنا دمشق من خلال معركة عسكرية، فإن تلك المعركة اتسمت في معظمها بالرأفة والمسامحة. ومن هنا كان للطريقة التي دخلنا بها إلى دمشق الدور الأكبر في خلق السلم الأهلي في دمشق، على الرغم من وجود بعض الانتهاكات التي تحدث هنا وهناك، لكنها قليلة.
الأمر الآخر هو أن سوريا بحاجة إلى بناء اقتصاد قوي. ونحن اليوم نعمل على إعادة تأهيل الاقتصاد في البلاد. أيضا، التحدي الأمني لا يقل أهمية، خاصة فيما يتعلق بضبط انتشار السلاح. لقد أحرزنا تقدما كبيرا في هذا المجال، حيث أصبح السلاح تحت سيطرة الدولة باستثناء المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية والمناطق التي تحت نفوذ "حزب العمال الكردستاني" في شمال شرقي البلاد. ونحن نجري مفاوضات معهم، على أمل حل الأمور دون أي مواجهة.