كتب الكثيرون عن أم كلثوم سواء في حياتها أو بعد وفاتها، إما بتناول منجزها الضخم أو عبر استلهام عوالمها، وإذ تصعب الإحاطة بكل ما كتب عنها، بما في ذلك أعمال مرجعية مثل "موسوعة أم كلثوم" (2003) لفيكتور وإلياس سحاب، أو كتاب سعيد شحات "أم كلثوم وحكام مصر" (2016) وغير ذلك الكثير، فإن هذا المقال سوف يقتصر على مجموعة من هذه الكتب التي تناولت على وجه الخصوص سيرتها أو استلهمت تلك السيرة في أعمال إبداعية.
أجمع نقاد الغناء والسير على أن أحد أبرز ما كتب عن أم كلثوم، كان ما وثقه الكاتب الصحافي محمود عوض في كتابه "أم كلثوم التي لا يعرفها أحد" الصادر عن "دار أخبار اليوم" 1969 في عز فترة مجد أم كلثوم وذيوع صوتها وانتشارها (صدرت منه طبعة جديدة أخيرا في 2024) اعتمد فيه عوض على مذكرات كتبتها بنفسها، وثقت فيها رحلتها من قريتها بالدقهلية حتى وصلت إلى ما مرت به في حياتها من مواقف وما واجهته من تحديات حتى تربعت على عرش الفن.
في مذكراتها تتحدث عن بداياتها وعن أسرتها بحب شديد، فتذكر كيف كانت تربية أمها مؤثرة عليها فهي التي ربتها على الزهد والأمانة، وكيف كان حنان أبيها واهتمامه بها دافعا قويا لاستمرارها ونجاحها، وتحكي العديد من تفاصيل حياة العائلة الفقيرة واكتفائها بأقل القليل من المال والطعام:
"عندما أتذكر طفولتي تقفز إلى ذهني أشياء كثيرة: البرد، المطر، الفقر، الشاي الثقيل... الثروة التي كانت قرشا، العظام التي كانت لحما، الركوبة التي كانت حمارا، والحنان الذي كان أبي، والرحمة التي كانت أمي"
لكنها تتجاوز كل ذلك بفضل والدها وأمها، ويغدو اهتمامها الأساسي تحسين طريقة غنائها مهما كانت الظروف، ثم تذكر فضل أستاذها ومعلمها الشيخ أبو العلا محمد الذي جعلها تفهم معنى الأغنية وعلمها الغناء بطريقة احترافية وكان يدربها لفترات طويلة، وتذكر أنه لم ينل ما يستحقه من إشادة وتقدير لدوره الكبير في حياتها ذلك أنه كان يركز على غناء الشعر العربي الأصيل، ولم يكن ذلك شائعا في تلك الفترة.
ينتقل الكاتب محمود عوض إلى سرد بعض تفاصيل حياة أم كلثوم فيتناول علاقتها الشديدة الخصوصية بحفلتها يوم الخميس وكيف تستعد لها لحظة بلحظة والطقوس التي تؤديها قبل الغناء وتفاعلها مع الجمهور، ويرسم لوحة بديعة لتلك الحالة الاستثنائية التي جعلت أم كلثوم على ما هي عليه، ويتحدث عن زواجها من الدكتور حسن الحفناوي وكيف حرصا على أن تبقى علاقتهما شأنا خاصا بهما لا يتم تناوله في الإعلام، كما يتحدث عن اهتمامها بالثقافة بشكل عام، وقراءتها لدواوين الشعر العربي من المتنبي وابن الفارض حتى أحمد شوقي ومحمود سامي البارودي، كذلك يشير إلى اهتمامها بالاستماع إلى الموسيقى الشرقية، وإلى أن طقس الاستماع أساسي عندها حيث تسمع الراديو وعددا من الاسطوانات النادرة.